أودعت محكمة جنح مستأنف الأزبكية حيثيات الحكم في قضية اقتحام دار القضاء العالي والمقضي فيها بجلسة 24 يونيو الماضي ببراءة ثلاث متهمين من تهم استعراض القوة والتلويح بالعنف ضد العاملين والمترددين على دار القضاء العالي.وقالت المحكمة في أسباب حكمها ..أن القضاء المصري لن يرضخ لرغبة الشارع بالقصاص على حساب العدالة ولن يرضى بأي ضغوط حتى يغير من معتقداته وستظل عدالته عنوان للحقيقة فلابد للعدالة أن تأخذ مجراها وتتحقق مصلحة المتهم في الدفاع عن نفسه.وأضافت الحيثيات أن القاضي أمامه أدلة ووثائق يقضي من خلالها ويبني أحكامه في هذا الاتجاه ولا يجب عليه الإخلال بقواعد القانون ويقضي بالإدانة دون سند أو دليل لكون ذلك فيه إهدار لحقوق المتهم و عدالة المحاكم و قدسية القضاء وإيمان القاضي بأنه ليس من مصلحة احد القبول بمبدأ الظلم لكون ذلك تهديد للمجتمع .وقالت المحكمة إن هناك رؤية واضحة تتحرك من خلالها المحكمة عندما تنظر قضية بعينها و لا احد يشك فيها فالمحاكم يجب أن تسير على وتيرتها ولا يمكن الخروج على مقتضيات العدالة تحت دعوى إرضاء الرأي العام لكون المتهمين أو بعضهم يمثل تيارا معينا ..لا نتفق معهم في الرأي أحيانا و يعبرون عن رأيهم بطريقة نرفضها أحيانا أخرى لان هذا الإرضاء يأباه ضمير القاضي ولا تقبله العدالة .وحيث أن المحكمة بعد أن فحصت الدعوى وأحاطت بظروفها و ملابساتها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بعد و بصيرة وازنت بينها و بين أدلة النفي تدخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وأحاطها الشك وأصبحت الأدلة القائمة فيها غير صالحة لان تكون أدلة ثبوت تركن إليها المحكمة أو تعول عليها عن اقتناع لإدانة المتهمين منها:ما قرره مأمور قسم شرطة الازبكية في شهادته أمام المحكمة بعدم تذكره ألفاظ السباب التي كانت موجهة للنائب العام ورئيس محكمة النقض ونفى قيام المتهمين بأي نوع من أنواع التعدي على أياً من المتواجدين بدار القضاء العالي .. وأضاف بشهادته أن ضباط آخرين كانوا برفقته قاموا بتفتيش المتهمين وعثروا معهم على أسلحة بيضاء لا يتذكر عددها وأوصافها.أما شهادة معاون مباحث القسم أمام المحكمة جاءت في عبارات مرسلة معتمد على علمه بالواقعة دون أن يفصح عن ظروف والملابسات التي أحاطت بها .كما خلت أوراق الدعوى من أي إخطار أو أوراق رسمية أو مستندات كدليل قاطع يقيني يثبت للمحكمة ضغط أي من المتهمين بدار القضاء العالي والقبض عليه واصطحابه للقسم.وخلت أوراق القضية من سؤال أي مواطن من المترددين على محل الواقعة أو الموظفين العاملين ليقرر قيام أي من المتهمين باستعراض القوة أو التلويح بالعنف.انتفاء حالة التلبس بشأن واقعة ضبط أسلحة مع المتهم الأول.قرر المجني عليه حسن عبد الحميد المحامي في شهادته أمام المحكمة انه حدثت مشادة كلامية بينه وبين بعض الأشخاص قاموا على أثرها بالتعدي عليه بالسب ونفى نفيا قاطعا مشاهدته لأي من المتهمين بدار القضاء العالي أو رؤيته للضباط حال تفتيشهم المتهمين والعثور بحوزتهم على أسلحة.وانتهت المحكمة إلى انه بناء على ما تقدم ذكره من آيات تدليلية اعتنقتها المحكمة فان أوراق التداعي تكون قد فقدت الأدلة والقرائن و البراهين الجازمة والقاطعة يقينا التي تضئ سبيل الاتهام ضد أي من المتهمين باعتبار أن أحكام الإدانة يجب أن تبنى على الحزم واليقيني ومن ثم فلا مجال سوى القضاء بالبراءة ومصادرة الأسلحة المضبوطة .