محمد شعت - علي رجبنقلا عن العدد الأسبوعىشدد خبراء علي أن مبادرات المراجعات الفقهية للسلفيين، تأتي في إطار الحفاظ علي صورة التيار السلفي في الشارع وأيضا المكاسب السياسية التي تحققت لهم ، والحصول علي الأغلبية في البرلمان، وأبدوا قلقهم أن تكون هذه المبادرة هي فترة هدنة وأن يعودوا للعنف في حالة تراجع مكاسبهم السياسية. قال عبد الرحيم علي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن الجماعات الجهادية ستبقي علي مراجعاتها ومبدئها علي النهج السلمي مع دخولها عالم السياسية عقب تأسيس حزب سياسي ودخولهم البرلمان ، لذلك لن يجازفوا بأن يعودوا الي العنف ووجود بعض العناصر التي تدعو للعنف سيؤثر علي الجماعات دون شك، لذلك سيسعي اصحاب المراجعات الفكرية لتأكيد أفكارهم ومراجعاتهم وانهائهم للعنف في ظل اقتناع قيادات تيار الجهاد بهذه المراجعات ونجاح اندماجهم إلي حد ما في الحياة السياسية .وأضاف عبد الرحيم: القلق يأتي من عناصر جديدة تتبني فكرة الجهاد والدماء في تحقيق افكارهم من خلال العنف، بعيدا عن قيادات الجهاد، وستكون هناك عناصر او خلايا جديدة، لذلك سرعان ما سيكون هناك رفض لهذا العنف وهو ما وضح من خلال التصريحات التي خرجت من قيادات الجهاد.وابدي قلقله من عودة تيارات عنف، تتبني افكار الجهاديين والسلفية الجهادية ولكن دون علاقة بالحركات الجهادية الموجودة حاليا بل هو استنساخ من قبل هؤلاء لافكار الجهاد وتنظيم القاعدة وهو ما يدعو الي القلق، وهناك خطورة كبيرة من تصدر التيار السلفي المشهد السياسي.وقال: هنا خطورة المسألة المتعلقة بخلط الدين بالسياسة فهذا دائماً ما تسبب في كوارث كبري في أفغانستان واليمن ولبنان ونحن عشنا مرحلة طويلة في محاولة تلبيس الدين بالسياسة فرأينا عنفاً لا مثيل له في حقبة الثمانينيات، فهذه الجماعات لا تؤمن حقيقة بفكرة الديمقراطية إلا باعتبارها وسيلة للوصول إلي السلطة ثم لا نقاش بعد ذلك حيث يصفونها في كتاباتهم بأنها واحدة من فتن الغرب في كل أدبياتهم باعتبارها انتاج غربي يؤدي إلي الفتنة وبالتالي يتم استخدام هذا المنتج عند الضرورة القصوي، لأن الضرورات تبيح المحظورات، لكن عندما تزوال هذه الضرورة وقت وصول الجماعات للحكم فلن يكون هناك داع لاستخدامها.وحذر عبد الرحيم الجماعات الاسلامية والتيار السفي من الخروج عن العقل والالتزام بقواعد اللعبة السياسي سوف ندفع ثمنا فادحا في صورة عنف ودماء وردة إلي الخلف، وقال: أتمني أن يكون هؤلاء الناس استوعبوا الدرس جيدا وهو درس المواجهات العنيفة، وهم قالوا أننا واجهنا بالعنف لأننا لم نجد متنفسا ولكن الآن أصبح هذا المتنفس موجود في ظل مناخ الحرية الذي نلمسه بعد الثورة وهم الآن أمام متنفس طبيعي فهناك حرية في تكوين الأحزاب والفرصة قائمة للممارسة السياسة في أي شكل وفي أي إطار وبالتالي يجب أن يكون المقابل هو أن يخاطبوا الناس بالأفكار وبالعقل وبالموضوعية التي تنقل هذه المجتمعات.وقال أحمد خليل، القيادي بحزب النور، إن الدعوة السلفية ستعمل علي تكثيف تعريفها بمفهوم الجهاد في الاسلام حتي لا يعود ال عنف الي الشارع المصري، ولا يتهم التيار الاسلامي وفي مقدمتهم التيار السلفي بإيمانه بالعنف والاستفادة من اخطاء حركة الجهاد التي حدثت من قبل .واضاف ان التيار الاسلامي اصبح لديه قناعة ان التغيير يأتي بإرادة شعبية سلمية وليس بإرداة افراد او جماعات تتبني العنف، فالقضاء علي بعض الأنظمة العربية، تمت عمليا دون اللجوء إلي الخيار الإسلامي الجهادي، وإنما عبر خروج عفوي وسلمي للشارع التونسي والمصري والليبي، وهو الخروج الذي سمح للتيار السلفي ، بتأسيس حزب النور، وحصد 24 % من أصوات الناخبين في أول انتخابات تشريعية تلت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، لذلك لن نضحي بهذه المكاسب في ظل نجاح الاراد السلمية عن ارادة العنف.وشدد علي أن السلفيين سيتبنون حوارا مع مختلف الجماعات والتيارات السياسية ، حتي تبعد الشك عن هذه التيارات بشأن السلفيين وتوضيح الصورة لديهم .وقال الدكتور عبد الله شلبي، الخبير بالجماعات الاسلامية: إن احداث العباسية جرس انذار حول امكانية عودة العنف في مصر مرة اخري وعودة لما شهدته مصر خلال مرحلة التسعينيات، والأمن في مصر حقق النصر في القضاء علي الجماعات الإسلامية الا ان الامن في حالة سيئة اليوم وظهور بعض الاشخاص الذين يدعون الي الجهاد جرس انذار للقائمين علي البلاد من عودة العنف الي الشارع المصري.واوضح ان مصر ليس بها سلفية جهادية، الا ان ظهور بعض رموز حركة الجهاد وفي مقدمتهم محمد الظواهري، شقيق ايمن الظواهري، الرجل الاول في تنظيم القاعدة، الآن يؤكد ان هناك ثمة تغير في الامور.وأضاف: طرح الدعوة السلفية مبادرة المراجعات الفقهية يأتي من باب درء الشبهات وتخوفا من الصاق تهمة العنف بالتيار السفلي، مع وجود صورة ذهنية لدي الشارع المصري فيها نوع من القلق والشكوك حول توجهات التيار السلفي، وهو ما ظهر من قبل انصار المرشح المستبعد من الانتخابات الرئاسة، حازم صلاح ابو اسماعيل، وأحداث وزارة الدفاع ، ما ادي الي إسراع الدعوة السلفية بمبادرة احتواء لابنائها.وشدد شلبي، علي أن الاسراع من قبل الدعوة السلفية لاحتواء موقف أولاد ابو اسماعيل، يؤكد ذكاء قيادات الدعوة من ان العنف سيلفظهم من المجتمع وسيؤدي بهم الي السجون، وسيخسروا ما حصدوه من مكاسب سياسية، عقب ثورة 25 يناير ويجهض مشروعهم السياسي والدعوي وربما يقضي علي التيار السلفي، بصفة عامة ، لذلك جاء المبادرة للحفاظ علي مكانة التيار السلفي في الحياة السياسية وايضا في الجانب الدعوي وارسال صورة ايجابية للمصريين عن أن السلفيين ليسوا دعاة عنف كما تصور بعض وسائل الاعلام المسموعة والمرئية.وتساءل محمود حامد، الباحث الاسلامي: لماذا هذا التوقيت بالذات، بعد ما اتضح تخوف الشارع المصري من التيار السلفي، وتأكده أن التيار الاسلامي الوهابي السلفي لايصلح ولا يعرف في السياسة وقاموا بخداع الكثير من الشعب ومن أتباعهم أيضا.وأشار الي تناقض أفعال وتصرفات التيار الاسلامي ما أدي الي زعزعة مصداقيته من قبل أتباعه علي الخصوص وأفراد الشعب علي العموم وهذا سيؤدي الي صراعات وصدامات بسببهم فيما بعد خاصة بعد انتخاب رئيس لمصر ليس علي هواهم.وقال المحلل السياسي جمال الملاح، إن أتباع التيار الإسلامي التكفيري، علي ندرتهم، وأتباع التيار السلفي، الذي يوصف إعلاميا وأمنيا بالتيار السلفي الجهادي، قليلون جدا في مصر لذلك لا يوجد قلق من السلفية الجهادية في مصر.واوضح أن المراجعات الفقهية في السابق وقفت علي مرجعية خطيرة، هي وقف العنف ضد الحاكم والدولة فقط ، في حين أن العنف حسب ماتم تسميته وماورد في المراجعات الفقهية، هو ترشيد فقط، ومازالت تلك المراجعات تصر علي التمسك بألوان أخري من العنف تحت مسميات أخري.واضاف الملاح أن وزارة الدفاع زادت القلق بل اكدت التخوف والهاجس من قبل الكثير من المصريين تجاه التيار السلفي وتبنيه للعنف، لذلك تسعي الدعوة السلفية لتوضيح مفهوم الجهاد في الاسلام لابنائها، وليست مراجعات علي طريقة قيادات حركة الجهاد التسي تم من قبل، لان حركة الجهاد لطخت ايديهم بالدماء.وتابع أن الخروج العفوي من قبل الشعوب العربية في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن بداية مرحلة جديدة، وهو تأكيد للتغيير السلمي ونجاحه في الوصول لهدفه، لذلك سعت الدعوة السلفية لحفظ ماء وجها وحفظ ابنائها من الانغماس في العنف والحفاظ علي صورة الدعوة السلفية، عقب تأسيسها لحزب سياسي حصد أكثر من 121 مقعدا في انتخابات مجلس الشعب.وكان ظهور محمد الظواهري أمام وزارة الدفاع أدي إلي إثارة المخاوف من ظهور الفكر الجهادي الذي عانت منه مصر لفترات طويلة، وعاني اصحاب الفكر أنفسهم بسببه، ومادفع قيادات الجهاديين إلي مراجعة أفكارهم وتصحيحها فيما عرف بالالمراجعات الفكرية التي أدت بشكل كبير إلي انحصار موجة العنف التي زلزلت كيان مصر في التسعينيات من القرن الماضي.وفي محاولة لعدم انتشار موجة العنف مرة أخري دعت قيادات وعلماء الدعوة السلفية، إلي تدشين حملة فقهية ودعوية واسعة، في المساجد والمعاهد الدعوية، لمحاربة الأفكار الجهادية ، تكون بمثابة مراجعات فقهية للأفكار الجهادية، التي بدأت في الانتشار بين المجموعات السلفية، بعد عودة تنظيم الجهاد للظهور مرة.وأوضحت الدعوة في بيان أن الهدف من الحملة هو التعريف بحقيقة الجهاد في الإسلام ، للتأكيد علي سلمية الثورة ، وخلق سلسلة لتصحيح المفاهيم ، علي غرار سلسلة مراجعات الجماعة الإسلامية لأن مشايخ الدعوة السلفية ، ينكرون الخروج المسلح علي الدولة ، ويقولون بخطورة حمل السلاح، الذي دعت إليه بعض العناصر الجهادية مؤخرًا.وأكدت الجبهة السلفية أنها ستقوم بتنظيم العديد من المحاضرات، للتوعية حول حقيقة الجهاد في الإسلام، وأنه يكون ضد العدو الخارجي، وستقدم نموذجاً عملياً إسلامياً لإحداث تغيير سلمي وشرعي.وقال الدكتور خالد سعيد، المتحدث الرسمي للجبهة السلفية: أبلغنا محمد الظواهري بخطأ نزوله إلي ميدان العباسية، وهو ما اعترف به، وترك مقر الاعتصام وانصرف.وأعلن الدكتور ناجح إبراهيم، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، والذي كتب معظم المراجعات الفكرية - إنه يؤيد المبادرة، مشيرًا إلي أنها جيدة وواجبة في هذا التوقيت، ودعا كل التيارات والجماعات الإسلامية إلي مساندة هذا المبادرة.وأوضح إبراهيم أن الأمر ليس في التيارات الجهادية ولكن في التيارات التكفيرية التي عاودت الظهور خلال الآونة الأخيرة، بسبب التقصير في الدعوة، والانشغال بالسياسية والانتخابات، فضلًا عن حالة الغضب الشديدة التي تسود المجتمع المصري في مرحلة مابعد الثورة.واشار إلي أن خطورة التيارات التكفيرية تكمن في أنها تبدأ بالتكفير وتنتهي بالتفجير، لافتًا إلي أن فرصة التمكين للإسلاميين ضاعت 3 مرات بسبب هذا التفكير، حيث فقد الإسلاميون فرصتهم الأولي بسبب مقتل النقراشي باشا، وأضاعوا الفرصة الثانية بسبب حادث المنشية، الفرصة الثالثة بسبب مقتل الرتب السابق أنور السادات.وحذر من ضياع الفرصة الرابعة بسبب تفجير هنا أو هناك أو اغتيال إحدي الشخصيات، لأنه في حال حدوث ذلك ستكون ذريعة للمتربصين للتخويف من الإسلاميين وعدم تمكينهم.وقال إن القضية الأخطر تكمن في ظهور التيار التكفيري أو التيار الانتحاري في هذا التوقيت بأفكارهم القديمة التي لم يراجعوها ولم يصححوها، حيث إنهم يكفرون الحاكم إذا لم يطبق الشريعة كاملة، ويكفرون الجيش والسلطة إذا لم يستجيبوا لهم، كما انهم يرفضون التعددية السياسية والحزبية والفقهية أيضًا.وتابع: أن هذه الأفكار لابد أن تواجه بالأفكار المتزنة والسليمة، بالإضافة إلي الشرح والتوضيح والتصحيح، حتي لايتم الانزلاق إلي منعطفات خطيرة تسبب كارثة للبلاد، وتشجع علي الانهيار الأمني، وإراقة الدماء المعصومة، وهي امور يرفضها الإسلام.وقال الدكتور كمال حبيب القيادي السابق بتنظيم الجهاد والباحث في شئون الحركات الإسلامية إن ظهور المهندس محمد الظواهري أمام وزارة الدفاع بصحبة بعض الملثمين الذين يرفعون الرايات السوداء لا يعد مؤشرًا علي ظهور العنف مرة أخري.واعتبر حبيب تركيز الإعلام علي هذا الأمر، عودة لما كان عليه قبل ذلك، حيث اعتاد التحذير من عنف تيارات هامشية داخل الحركة الإسلامية التي تخوض في الوقت الحالي، تجربة سياسية جديدة تمثل لها قوة اجتماعية ستنتزعها انتزاعًا من أي ميول للعنف لتندمج في اللعبة السياسية السليمة والصحيحة القائمة علي التنافس واحترام الآخر.وتساءل عن تسليط الضوء والتخويف من عنف الإسلاميين، غض الطرف عن العنف الاجتماعي الموجود حاليا ، الذي يمثل خطرًا حقيقيا علي الثورة المجتمع بأكمله.وشدد حبيب علي أن موجة العنف الإسلامي في التسعينيات انتهت، ولن تعود مرة أخري، ولا داعي للتخوف منها، لأن من قاموا بها أكثر من عانوا، وأكثر من اعترفوا بأخطائهم، كما تسببت في أن تكون مبررًا للديكتاتورية والاستبداد، وأفقدت الدولة الإسلامية وأفقدت الدولة المصرية شرعية تعبيرها عن المصريين.وتابع حبيب أن التركيز علي ظهور الظواهري وتجاهل العنف القاسي في أحداث العباسية وأمر غير منطقي، مشيرًا إلي أن هذه الأحداث كشفت عن شيء أخطر، وهو استغلال هذه الأحداث وتوظيف شرعية الدولة المصرية لاستثارة وتأليب قطاع من المجتمع ضد الثورة، في مواجهة قطاع آخر من المجتمع مع الثورة لتفريغها من مضمونها والقضاء عليها.وقال نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد، في مصر إنه يدين ظهور القيادات الجهادية بمحيط وزارة الدفاع.وأضاف أن الشباب الملثمين الذين ظهروا في الأحداث الأخيرة لا يشكلون خطورة ، لأنهم ليسوا إلا بعض شباب متحمسين، ومحمد الظواهري لايصلح كقائد.وأوضح أن عدد أفراد تنظيم القاعدة في مصر لايمثل خطرًا، لأنه عندما تم اعتقالهم في التسعينيات كان عدد أعضاء تنظيم القاعدة لايتجاوز 300 فرد وكان نصفهم من طلاب الجامعة، ثم تولتهم قيادات كارثية أدت لاعتقال جميع أفراد التنظيم، وتورطوا في سرقات رغم امتلاكهم ميزانية، تسفير إلي أفغانستان، نجد مليون جنيه، قدمها لهم أسامة بن لادن، بعد تلقيه أموالاً من هيئة الإغاثة.وشدد علي أنه لايوجد أي مبرر حاليا لأي عمليات عنف أو جهاد علي أرض مصر ، وإذا كان هذا الجهاد بلا هدف فإنه سيجلب الهلاك، وقال إن التنظيم الحالي، لا يملك إلا الكلام لأنهم مجموعة عشوائية محدودة والتنظيم كاملاً، ليس له وجود علي الأرض.