ستواجه مصر أزمة مياه حقيقية خلال فترة ملء خزان سد النهضة، وفقا لما أكده مسئولان بوزارة الزراعة المصرية، خلال مؤتمر عقدته منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO)، منتصف الأسبوع الحالى. وبحسب المسئولين، ستستمر فترة ملء الخزان بداية من شهر سبتمبر المقبل ولمدة عامين. «على حد علمى.. سنواجه أزمة مياه حقيقية بسبب ملء خزان السد الإثيوبى، فضلا عن انخفاض معدلات الأمطار هناك»، قال محمد سليمان، مدير معهد المحاصيل الزراعية وممثل وزير الزراعة فى المؤتمر. من جهته، أكد علاء عفيفى وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية، أن نهر النيل سيتأثر بشكل كبير ومباشر بعمليات ملء خزان سد النهضة، ولذلك تستهدف الدولة المصرية ترشيد استخدام المياه فى الرى الزراعى. «مصادر نهر النيل من المياه تتأثر منذ 4 سنوات بسبب سد النهضة وتراجع معدلات المياه فى نهرى النيل الابيض والنيل الأزرق»، قال فوزى التراجى، خبير المصادر المائية بمنظمة «الفاو» فى الشرق الأدنى وشمال افريقيا، مشيرا إلى أن دور المنظمة هو توجيه الدول للتصرف فى حالة حدوث جفاف أو أزمة مياه، بحيث لا تتأثر نواتجها من المحاصيل الزراعية. وبدأت مصر بالفعل، وفقا لسليمان، جهودا لتوفير المياه لزراعات الحبوب الأساسية مثل القمح والذرة الصفراء، «توفير هذه الحبوب يساعد على استقرار أسعار اللحوم والدجاج فى ظل تذبذب سعر صرف الدولار». ويقول سليمان إن الحكومة اعتمدت خطة قومية لزراعة 2 مليون فدان من الذرة الصفراء بحلول عام 2018، لتقليل الواردات من هذه السلعة بنحو 25%، فضلا عن خطة لزراعة 11 مليون طن قمح سنويا بحلول عام 2018، مقابل 9.4 مليون طن حاليا، لا سيما أن مصر تستهلك نحو 15 مليون طن قمح سنويا، تستورد منها نحو 5.6 مليون طن. وفضلا عن تحديد السلع الأساسية التى ستركز الدولة على زراعتها، ستهتم الحكومة أيضا بترشيد المياه خلال رى هذه الزراعات، فبحسب عفيفى، تعمل الحكومة على توفير مياه الرى بالطرق الحديثة كهدف قومى، «خطة الدولة تستهدف توفير 20 إلى 30% من مياه الرى عبر طرق رى وزراعة حديثة وهى الطريقة التى توفر المياه وتزيد إنتاجية الفدان». وأعلنت منظمة (الفاو) والمركز الدولى للأبحاث الزراعية فى المناطق الجافة (إيكاردا) ومركز البحوث الزراعية وجامعة الزقازيق، خلال ورشة عمل متنقلة فى محافظة الشرقية، نجاح تجربة لزراعة القمح باستخدام أحواض الزراعة المرتفعة عبر الآلات (المصاطب)، وتستهدف الطريقة الجديدة تعزيز إنتاجية المياه وكفاءة استخدامها. وتؤدى تكنولوجيا أحواض الزراعة إلى إحداث تأثير إيجابى على دخل المزارعين، وفقا ل«فاو» عبر زيادة غلال القمح بنسبة تصل إلى 25%. وجرى التحقق من تقنية أحواض الزراعة المرتفعة فى حقول المزارعين المزروعة بالقمح والبرسيم والفول والذرة والقطن، وذلك من خلال «مشروع مقارنة الرى»، الذى نفذه مركز إيكاردا فى دلتا مصر، بتمويل من الصندوق العربى للإنماء الاجتماعى والصندوق الدولى للتنمية الزراعية. «سنعمل أيضا على مواجهة التغيرات المناخية، عبر ابتكار محاصيل جديدة لها القدرة على تحمل تلك التغيرات»، يقول عفيفى. ويقول باسكوال ستيدوتو ممثل «الفاو» فى مصر ونائب الممثل الاقليمى للشرق الأدنى وشمال افريقيا، إن التأثير المتزايد لتغير المناخ فى المنطقة يمثل ضغطا إضافيا على قدرات تلبية الطلب المتزايد على المياه. «فى عام 2013 أطلقنا مبادرة لمواجهة ندرة المياه فى منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا، لتحقيق تحسين مستديم فى الانتاجية الزراعية من خلال ادارة أفضل للموارد المائية الشحيحة»، أضاف ستيدوتو، مشيرا إلى أن تقنية أحواض الزراعة المرتفعة، هى واحدة من التقنيات التى وفرتها المنظمة بالشراكة مع جهات بحثية مثل «ايكاردا»، لمساعدة البلدان الأعضاء على مواجهة التغيرات المناخية. مدير عام مركز «إيكاردا» البحثى، محمود الصلح، أوضح أن مصر كانت من أوائل الدول التى رحبت بالمركز وتتعاون معه كشريك استراتيجى فى مجال البحوث ذات الصلة بندرة المياه. «منذ تأسيس المركز عام 1977، طورت كل من الحكومة المصرية وإيكاردا قاعدة صلبة للتعاون، ما أدى إلى إنجاز العديد من المشاريع، تتعلق جميعها بالبحوث الرامية إلى تحقيق التنمية المستديمة والأمن الغذائى، وترتبط أبرز ثمار تعاوننا بإدارة المياه المستخدمة فى الزراعة وتطوير أصناف من القمح والفول مقاومة للحرارة والجفاف لتتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ»، أضاف الصلح. ووفقا للصلح، تتوقع الخطة القومية للموارد المائية فى مصر، أن يرتفع إجمالى المساحات المزروعة عام 2017 إلى 4.05 مليون هكتار وإلى 4.83 مليون هكتار بحلول عام 2030، كما تتوقع الخطة أن ترتفع مساحة المناطق المزروعة بالمحاصيل إلى ما يقرب من 8.06 مليون هكتار عام 2017، وبمعدل تكثيف (تعظيم الانتاج من نفس المساحة) يصل إلى 198%، وإلى نحو 9.66 مليون هكتار عام 2030، مع معدل تكثيف يصل إلى 199%.
