العربية نتأثار الاعتداء على وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد حمادي من طرف مستشار بسفارة بلاده بتونس موجة غضب عارمة في الوسط السياسي والدبلوماسي في موريتانيا.واستأثر الخبر باهتمام المراقبين الذين اعتبروا الحادث غير المسبوق إخلالاً بالأعراف الدبلوماسية والأخلاق التي يتميز بها المجتمع الموريتاني، في الوقت الذي أدى فيه عدد من السفراء العرب زيارة مجاملة وتهنئة لوزير الخارجية بعد نجاته من الاعتداء الذي تعرض له في تونس قبل أيام.وكشف الحادث عن الدور المريب الذي تلعبه موريتانيا في الأزمة الليبية وإصرار الحكومة على إجراء مفاوضات سرية مع العقيد القذافي ومعاونيه، فوزير الخارجية كان مبعوثاً من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز الى العقيد الليبي معمر القذافي في مهمة وساطة التقى خلالها ممثلين للحكومة الليبية والمتمردين، وأثناء مروره بتونس تعرض لهذا الموقف المحرج.وتعرّض وزير الخارجية لاعتداء جسدي ولفظي من طرف المستشار الأول بسفارة موريتانيا بتونس ويدعى عبدالقادر ولد محمد يحيى، حين كان في العاصمة التونسية عائداً من ليبيا حيث قام بمهمة وساطة سرية بين الفرقاء الليبيين.وقالت مصادر متطابقة إن الوزير تعرض للضرب والاعتداء بواسطة آلة حادة ما تسبب في إصابته في رأسه ويديه ونقل الى المستشفى لتلقي العلاج ثم غادر تونس دون أن يتقدم ببلاغ يتهم فيه مواطنه بالتعدي عليه.وقالت مصادر أخرى إن الوزير لم يتعرض للضرب، بل محاولة اعتداء بآلة حادة تمكن من صدها قبل أن يتدخل حراس الفندق ويبعدوا المستشار ولد محمد يحيى عنه، الذي كان غاضباً من قرار الوزارة استدعاءه الى نواكشوط وإقالته من منصبه الدبلوماسي.اعتراف المعتديواعترف المستشار عبدالقادر ولد محمد يحيى الذي لايزال في تونس بأنه اعتدى بالضرب على وزير الخارجية حمادي ولد حمادي رداً على قرار إقالته، ما أثار استنكار وحنق العاملين في الأوساط الدبلوماسية بموريتانيا والذين اتهموا المستشار بالخروج عن العرف الدبلوماسي الذي يفرض على العاملين التعامل بالاحترام الشديد واللباقة واللطف لاسيما مع الوزير.وقال ولد محمد يحيى الذي تم تعيينه في إبريل/نيسان 2010 مستشاراً أول بالسفارة الموريتانية بتونس قادماً اليها من الجزائر حيث كان يشغل المنصب نفسه، إنه أبلغ من طرف الأمين العام لوزارة الخارجية بأن الوزير أصدر تعليمات بإقالته من منصبه ودعوته للعودة إلى نواكشوط، وقال في تصريحات صحافية: عندها اتجهت إليه في غرفته بالفندق وقلت له إنه لا ينبغي أن يقيلني بسبب رجل فاسد.. وقد عرضته للضرب.وأضاف فعلت ذلك وأنا غاضب، لكني في البداية قلت للوزير إني أقرب إليه من السفير فرد علي: ليس بيننا إلا العمل.. فقلت له سترى.. وفعلت به ما فعلت، ولم يكن معنا أحد.وأكد ولد محمد يحيى أنه استخدم يديه فقط في العملية، نافياً أن يكون الوزير جرح في الرأس، لكنه قال: أما يداه فلست أدري ما إذا كان بهما جروح. واتهم ولد محمد يحيى وزير الخارجية بالانتقام منه للسفير الموريتاني المقال شيخ العافية ولد محمد خونه، وقال: لم يكن ممكناً السكوت على تصفيتي بسبب علاقة تقوم على الفساد، وإرضاء لرجل فاسد أقاله رئيس الجمهورية بسبب ذلك، على حد وصفه.الحكومة تلتزم الصمتوكشفت مصادر مطلعة لالعربية نت أسباب الاعتداء على وزير الخارجية وقالت إن الحكاية بدأت حين اشتكى السفير الموريتاني بتونس الشيخ العافية ولد محمد خونه لوزير الخارجية من تطاول المستشار الأول بالسفارة الموريتانية بتونس عبدالقادر ولد محمد يحيى عليه، فاستدعى وزير الخارجية المستشار في حضور السفير وطالبه باحترام السفير وعدم التعرض له وانتقاده مادام على رأس السفارة الموريتانية بتونس واحترام النظم القانونية المعمول بها، فاستشاط المستشار غضباً وهاجم بشدة السفير الذي التزم الصمت احتراماً لوزير الخارجية ولد حمادي.وبعد انتهاء الاجتماع اتصل الأمين العام لوزارة الخارجية بالمستشار وأبلغه بقرار إقالته فاتجه الأخير الى الفندق، حيث يقيم وزير الخارجية وقام بالاعتداء عليه قبل أن يتدخل رجال الأمن المكلفون بحراسة الفندق لفض الاشتباك.وتضيف المصادر أن الوزير عُولج من جروح متفرقة في الرأس واليدين، وغادر تونس في اليوم الموالي عائداً إلى نواكشوط دون أن يتقدم بشكوى ضد المعتدي، بينما التزمت الحكومة الموريتانية الصمت تجاه الاعتداء الذي تعرض له وزير الخارجية ولم تتخذ أي إجراء لعقاب المتهم، كما لم يصدر أي توضيح عن الحكومة التونسية بشأن الحادث الذي وقع على أراضيها.