لم تكن تترات الأعمال الدرامية مجرد عابر طريق يمر على الأبواب، فدائماً كانت هي الحدث الأعظم لدى الجماهير التي نشأت وتربت على ألحان الموسيقار عمار الشريعي، وبأصوات مصرية تعبر عن هويتها وأصالتها مثل الفنان علي الحجار، ومحمد الحلو. لكن على ما يبدو أن التترات اختفى بريقها في الأعوام الأخيرة، وتحديداً هذا العام ليس بسبب اختفاء وغياب فنانين، وشعراء وملحنين بعينهم، فالدماء تتجدد كل عام رغم تصدر البعض للمشهد لكن يبقى العائق والأزمة الكبرى متمثلة في سطوة الإعلانات حتى أن القنوات الفضائية أصبحت تفرض لها مساحة خاصة، وبسبب ضيق الوقت وطول المدة الزمنية للفترة الإعلانية ضاعت هيبة التترات، فنظراً لضيق الوقت تقوم القنوات بعرض الحلقة مباشرة دون إذاعة التتر. وربما أصبحت المقطوعات الموسيقية هي العوض عن تنفيذ تترات كاملة، ومنهم من وضع بصمته عليها خلال الأعوام الأخيرة من بينهم الموسيقار هشام نزيه، الذي اخترق قلوب الجماهير بموسيقاه المميزة التي تحمل طابعاً مختلفاً يقترب مما نسمعه في الموسيقي العالمية الأكثر تعبيراً عن الحدث، وتجده يتطور من عام إلى آخر. كذلك تامر كروان الذي يعمل للعام الثالث مع النجمة نيللي كريم والسيناريست مريم ناعوم ضمن أحداث مسلسلهم "تحت السيطرة"، وسبقها نجاحه من قبل في "ذات" و"سجن النسا" حيث تتميز موسيقاه بشكل شرقي يعبر عن أوجاع ما يستعرضه العمل داخل الأحداث دون أن يتسبب في حالة من الضيق لمن يستمع إليها. "بوابة الأهرام" طرحت تساؤلاً على عدد من المبدعين عما إذا كانت سطوة الإعلانات أضاعت هيبة التترات الرمضانية وأطاحت بها أم لا. الشاعر الكبير جمال بخيت، أكد أن الإعلانات أفسدت المسلسلات وليس فقط التترات الغنائية، موضحاً أن المدة الزمنية لها أصبحت أطول من الحلقة ذاتها، مما أفقد الجميع التواصل مع العمل، وقال: محدش بيتفرج على أى حلقة كاملة من أى مسلسل حالياً لأن الجميع يضطر إلى أن ينتقل للمشاهدة من مسلسل إلى آخر بسبب طول الإعلانات، وبالتالي الأمر أصبح سيئاً وله أبعاد أخرى، فالإعلان يتحكم في كل الأمور حتى في اسم الممثل أو الممثلة بالعمل، وامتد الأمر كذلك للبرامج. وأضاف بخيت: أن الأمر أصبح من المستحيل تحجيمه حيث إن سطوة الإعلانات لم تتعد حدود التترات فقط بل طالت المنازل حتى في تيشرتات لاعبي كرة القدم بعكس الماضي - بحسب وصفه. وأشار بخيت إلى أن صناع الأعمال الدرامية يلجأون الآن إلى الموسيقي التصويرية تجنباً للتكاليف الباهظة حيث إن تترات العمل في الماضي كان لها أهمية كبيرة بل إنه كان جزءًا مكملاً من العمل الفني وقيمته، إلا أنها الآن لا تحمل ما كانت تحمله من مكانة في الماضي، فغير معقول أن نعرض تترًا مليئًا بأجواء من الشجن ثم ننزل بتترات تحمل موسيقى صاخبة. أما الموسيقار حلمي بكر، فأوضح أن التترات هذا العام لم تتفوق، وقال: التترات هذا العام في مرتبة أسوء من العام الماضي، في حين كان هناك قلة في الأعمال الجيدة منها تتر مسلسل "يوميات زوجة مفروسة" رغم أن المسلسل سيئ، و"حق ميت" والذي أعتبره من أفضل التترات، وكذلك "بعد البداية"، إضافة إلى موسيقى تامر كروان في "تحت السيطرة"، و"حارة اليهود". واستكمل بكر: أما عن التترات الأخرى فيوجد "يا أنا يا إنتي"، والذي قدم فيه الموسيقار محمود طلعت موسيقى مميزة وأخرج فيه المطربة بوسي بشكل مختلف من الممكن أن يقربها من إطار عملها بالغناء على المسرح، في حين كان تتر مسلسل "مولانا العاشق" عاديًا ولا يرقي، أما تتر "ولي العهد" فهي أغنية مقدمة لأجل غنائها فيما بعد في الحفلات ليس أكثر. وأوضح بكر أن التترات الغنائية لها مواصفات، وإذا لم تكن جذابة ومميزة فليس لها قيمة، وأنه من المفترض أن يقوم الملحن بعمل "موتيفا" للعمل كله بعد انتهاء المشاهدة منه. وأشار إلى أن التترات الغنائية يحكم عليها بالإعدام إذا رأت المحطات أنه لم يحقق نجاحًا، والملحن الواثق من نفسه لا بد ألا يصمت على حقه في المطالبة بعرض تتر مسلسله طالما أنه ناجح حتى إذا تدخلت سطوة الإعلانات.