30 عاما هي مدة غياب رؤساء مصر عن زيارة دولة إثيوبيا، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين بعيدًا عن حضور القمة الإفريقية التي تُعقد بالعاصمة أديس أبابا، باعتبارها مقر الاتحاد الإفريقي الذي كان يطلق عليه في السابق منظمة الوحدة الإفريقية، ليكسر المشير عبدالفتاح السيسي هذا الجمود بزيارته المرتقبة غدًا لإثيوبيا. وتوصف زيارة السيسي بأنها "تاريخية" لأنها الأولى لرئيس مصري لإثيوبيا منذ 30 عامًا دون أن يكون الهدف منها المشاركة في اجتماعات القمة الإفريقية، وفقًا لتصريحات صحفية للسفير محمد إدريس، سفير مصر في أديس أبابا، بينما تهدف إلى التوقيع على اتفاقية "مبادئ" الخاصة بسد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان. الرئيس جمال عبدالناصر هو أول رئيس مصري يزور إثيوبيا، وأسس فيها منظمة الوحدة الإفريقية، كما قدمت مصر لإثيوبيا دعمًا اقتصاديًا وتجاريًا في هذه الفترة، ما جعلها حليفًا قويًا، وبدأ التوتر في العلاقات المصرية الإثيوبية منذ عهد الرئيس أنور السادات، ولم يزر أديس أبابا طوال فترة حكمه، وتردت الأوضاع بعد توقيع معاهدة الدفاع المشترك مع السودان، والتي دعمت حركة تحرير إريتريا، وكانت هذه بداية الصدام الذي انتهى بالقطيعة. رفض السادات مقابلة الوفد الإثيوبي الذي زار مصر في عام 1976 كان الصدام الأول للعلاقات المصرية الإثيوبية، لتبدأ مشاكل المياه في الظهور بعد إعلان السادات مشروع تحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدان في سيناء، مع إمكانية إمداد إسرائيل، لتعلن إثيوبيا أن هذا المشروع ضد مصالحها، وتقدمت بشكوى إلى منظمة الوحدة الإفريقية في ذلك الوقت تتهم فيها مصر بإساءة استخدام مياه النيل. وعندما تم الإعلان عن زيارة الرئيس محمد حسني مبارك إلى أديس أبابا، كانت بادرة انفراجة في تاريخ العلاقات المصرية الإثيوبية، وتعرض مبارك لمحاولة فاشلة لاغتياله عام 1995، لتنقطع العلاقات المصرية الإثيوبية، وتوقف مجلس الأعمال المصري الإثيوبي طوال فترة حكم مبارك. وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي، الرئيس المصري الوحيد الذي زار إثيوبيا مرتين خلال فترة حكمه القصيرة، الأولى جاءت بمناسبة افتتاح أعمال القمة الإفريقية، والثانية على خلفية القمة الإفريقية الاستثنائية. واعتبرت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، في تصريح ل"الوطن"، السبب المباشر في انقطاع زيارات رئيس مصري لإثيوبيا بعيدا عن حضور القمم الإفريقية لمدة 30 سنة يعود إلى محاولة اغتيال مبارك، ولأنه كان الحاكم خلال ال30 عاما الماضية، ومن وقتها لم يذهب لحضور القمم الإفريقية أو غيرها، مشيرة إلى أملها في أن تكون زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي غدا مؤدية إلى مستوى عال من التوافق، وتُحل أزمة سد النهضة على نحو يراعي الأمن المائي للمصريين، ما يؤدي إلى إمكانية عودة العلاقات لسابق عهدها.