ينطلق اليوم الأربعاء معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والأربعين، متخذا من الإمام محمد عبده شخصية للمعرض، ومن دولة السعودية الشقيقة ضيف شرف هذه الدورة. ويشير المتابعون إلى أن هذه الدورة ستكون مختلفة بعض الشيء عن الدورات السابقة لها بسبب الأنشطة التي اتخذها المنظمون تفاديا للمعوقات التي دأب المعرض على التعرض لها وكذلك لإضافة العديد من الأنشطة لهذه الدورة وهي الأمور التي سوف نتعرف عليها خلال هذا الحوار مع عادل المصري نائب رئيس اتحاد الناشرين، وعضو اللجنة التنفيذية للمعرض والشريك الأساسي في إقامة هذه الدورة بالتعاون مع الهيئة العامة للكتاب . في البداية ما هو الجديد لديكم هذا العام في معرض الكتاب؟ لأول عام سيكون لدينا برنامج كايرو كولينج الذي نحاول به أن نجذب الكثير من دور النشر الأجنبية وقد تم تصميم مطبوعة تم توزيعها في جميع المعارض الخارجية التي أقيمت من أول معارض فرانكفورت والكويت والشارقة وإلى الآن لجذب الناشرين الأجانب أن يشاركوا في المعرض ووجدنا الإقبال أكثر مما كنا نتوقع . وما الجديد على مستوى التنظيم؟ لأول مرة في تاريخ المعرض أيضا طلبنا من جميع دور النشر قوائم كاملة بجميع الكتب المشاركة في المعرض وسوف نضعها على المواقع الإلكترونية للهيئة لتكون أمام الجميع ليستطيع القارئ إذا استعلم باسم الكتاب أو الناشر أو المؤلف أو حتى رقم الإيداع أن يعرف كيف يصل للكتاب لأن جميع الأجنحة تكون مرقمة كنوع من التسهيل على القارئ. ولكن البعض يرى أن تلك الخطوة تم اتخاذها لتسهيل مصادرة بعض الإصدارات أو العناوين غير المرغوب فيها؟ هذا التفسير يخضع لنظرية المؤامرة وهي في غير محلها لأن المعرض لم يصادر أي عنوان منذ عهد مبارك إلى الآن، والشرط الوحيد للمشاركة في المعرض هو الحصول على عضوية اتحاد الناشرين في مصر أو في أي دولة أخرى مشاركة ولا أحد يسأل هوية المشاركين كما أن مصر ليس بها رقابة على النشر، ودور النشر وحدها هي التي تضع محدداتها وأولوياتها وغير ذلك، ولم يطلع عليها أحد حتى الآن، حتى الرقابة على الكتب في مصر ليست تابعة لوزارة الثقافة وإنما تابعة لوزارة الإعلام وهي تراقب الكتب التي تأتي من الخارج فقط . كم إصدار سيشارك ضمن فعاليات معرض الكتاب هذا العام؟ ستكون الإصدارات حسب عناوينها المقيدة رسميا لدى الاتحاد وطبقا لما تقدم به الناشرون إلينا ما بين 250 ألفا إلى 300 ألف كتاب مصري وعربي . ألا ترى أن هذا الرقم كبير جدا وينم عن مدى ثقافة مرتفعة على عكس الواقع؟ السر في ذلك يكمن في أن الجمهور لا يقرأ وحسب الإحصائيات الرسمية فإن هذه الإصدارات رغم أنها تبدو مهولة إلا أنها بالمقارنة بالتعداد السكاني مفزعة لأن نصيب الفرد من القراءة إذا ما قورنت العناوين بالسكان ستجد نصيب الفرد 14 سطرا فقط، وهذا دور الدولة وهي المسئولة عن تنمية القراءة وليس دور القطاع الخاص أو الناشر لأن تنمية القراءة لابد أن يقترن بإنشاء المكتبات العامة وإقامة مسابقات كنوع من التشجيع وهكذا وإذا تابعت كم مكتبة عامة توجد في الأحياء فلن تجد ولدينا مكتبة مصر أصبحت مكتبة مبارك وطوال الوقت تمكنا الحيرة في أن نسميها مصر أو مبارك ولكننا لا نحتار أبدا في الطريقة التي نضاعف بها عدد مكتباتها أو عدد كتبها وكل ما يقلقنا هو الاسم وهل من المعقول أن يكون لدينا 26 محافظة يخدمها عشر مكتبات فقط؟! ومن المسئول عن ذلك؟ تقع هذه المسئولية على عاتق العديد من الوزارات المسئولة مثل وزارة التربية والتعليم والتي لم تشتر كتابا واحدا بمكتبات الاطلاع العام في المدارس منذ خمس سنوات والمفروض أن الأطفال والشباب يقرأون بها وكذلك وزارة الشباب لم تشتر كتابا منذ أربع سنوات، وحتى الأماكن التي بها مكتبات لم يتم زيادة عدد الكتب بها، وقد عرضنا كل ذلك على الوزراء ونتمنى في مصر الجديدة أن يكون هناك نظرة لهذا الأمر، فلقد كان لدينا مشروع واحد ساهم في نشر المعرفة والقراءة وهو مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع ولكنه توقف وما ظلمه هو ارتباطه باسم سوزان مبارك، فقد ظلت ميزانيته تتقلص بعد الثورة، وبعد أن كانت ميزانيته 30 مليونا نقصت إلى 20 مليونا ثم 8 ملايين إلى أن باتت 2 مليون جنيه فقط، ووزير الثقافة قال لنا أنه يشحت من الوزارات الأخرى ليعيد مكتبة الأسرة وهو المشروع الوحيد الذي كان يقدم كتابا مدعما وهو الذي يجعل الأب يشتري لابنه قصة ملونة ليهتم بالكتاب عندما يكبر. ألم يكن مشروع مكتبة الأسرة مضرا بالناشرين؟ بالعكس، لقد كانت مهمة المشروع الأساسية هي اجتذاب القارئ للقراءة، فإذا اعتاد عليها فإنه سيكمل قراءاته من عندي، وهكذا نرى الأجيال الصاعدة تربت أساسا في مكتبة الأسرة إلى أن أصبحوا كتَّابا اليوم، فضلا عن أنها كانت تشتري مني حقوق الملكية الفكرية وحقوق الطباعة وبالتالي فكانت تخلق نوعا من الزخم ولو كانت توزع الكتب مجانا لأفادتنا أيضا حتى إنني أطالب بزيادة المكتبات العامة عشرات الأضعاف عما هي عليه لأن أغلب الطلبة الآن لا يقرأون من الأساس . ولكن ألا ترى أن إحجام الجمهور عن القراءة يعود لأسعار الكتب المرتفعة ؟ لا يجوز أن نقول إن الناشر يرفع الأسعار متعمدا حتى لا يبيع وإلا فلماذا أصدر الكتب من الأساس ومن أين يأكل؟ وما الذي يغلي الكتاب؟ وحتى أجيب عن هذه الأسئلة دعني أقول إن النشر كأي صناعة له ميزانية تقسم على مصاريف ثابتة مثل الزنكات والتوضيبات وشراء الكتاب من المؤلف وتصميم الغلاف وغيرها من المصاريف التي لن تقل بأي حال من الأحوال سواء أنتجت رواية أو كتابا أو أي إصدار، وما يجعل الأسعار مرتفعة هو انخفاض أرقام المبيعات مما يجعل نصيب كل كتاب من تكلفة العناصر السابقة مرتفعا، ولكن عندما يحقق كتابا ما أو رواية مبيعات مرتفعة وتزيد الكميات المطبوعة يتم توزيع تكاليف الكتاب على عدد الكتب الكبير وبالتالي يكون سعر الكتاب أقل، وهي الأزمة التي تواجه سوق النشر في مصر لأن المكتبات العامة لا تشتري ومكتبات التربية والتعليم لا تشتري ووزارة الشباب لا تشتري ولذا أقسم هذه التكاليف الثابتة على 500 نسخة فقط بدلا من أن يتم تقسيمها على 5000 نسخة كما كان يحدث، وبالتالي زادت الأسعار عشرة أضعاف لتخلي الدولة عن دورها، بخلاف الضرائب التي تحاسبني الدولة عليها كما تحاسب صاحب كشك المعسل، ولذا يكسب المزور الذي يقوم بتصوير الرواية دون أن تقع عليه أي تكاليف أخرى . وكيف ترى أزمة تزوير الكتب التي أوشكت أن تقضي على الثقافة في مصر؟ هذا المزور الذي يقوم بتصوير الكتب الجديدة على ورق جرائد لا يدفع أي شيء لأي شخص لا للمؤلف ولا للضرائب ولا لتصميم الغلاف ولا يتكلف إلا حوالي 8 جنيهات في الكتاب بينما يبيعه ب20 جنيها وبالتالي يكسب أكثر مني أنا شخصيا مصدر الكتاب، وبالتالي لن يتم حل هذه الأزمة إلا بتشديد العقوبات التي ينص عليها القانون لأن القانون ينص علي غرامة 500 جنيه في تزوير الكتاب وإلا ستقضي على الثقافة في مصر لا شك في ذلك، لدرجة أنني كناشر أضع يدي على قلبي خوفا من أن ينجح الكتاب لأنه إذا نجح فلن أبيع منه مرة ثانية لدرجة أن النجاح بات عقابا للناشر والمؤلف وساعة أن تتوقف دور النشر سيتوقف المؤلفون عن الكتابة . ما هي أطرف المواقف التي قابلتك في هذا الصدد؟ قال لي أحد الضباط في الرقابة على المصنفات أنهم اكتشفوا مطبعة تزور الكتب وعندما قمنا بالقبض عليهم قال صاحب المطبعة آنت آخرك عندي 5000 جنيه افتح الدرج وخدهم وسيبنا نشوف شغلنا لأن هذا الرجل يقوم بتزوير وضرب 10 كتب وعقابه حسب القانون غرامة 500 جنيه على كل كتاب ولو أن القانون ينص على الحبس لامتنع المزورون عما يفعلون لأنه قانون قاصر.