بعد صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية والتخلص من آخر عقبة قانونية أمام إجراء الانتخابات تسارعت وتيرة تحركات القوى والشخصيات السياسية والاقتصادية الكبيرة من أجل الاستحواذ على أكبر حصة ممكنة من مقاعد البرلمان. من المنتظر إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات فى النصف الأول من مارس المقبل قبيل انعقاد المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ على أن تأتى المرحلة الثانية بعد المؤتمر، بحيث تعطى الجولة الأولى الاطمئنان للمجتمع الدولى على مسار انتخاب مجلس نيابى بينما يأتى الانتهاء من الانتخابات بجولات الإعادة وإعلان النتائج بما يسمح بأن يجتمع الرئيس مع البرلمان فى أول جلسة بعد الانتخابات قبيل ذكرى مرور عام على توليه الحكم فى منتصف يونيو. ومع احتدام التحركات الرامية إلى صياغة خريطة البرلمان الجديد قبل الوصول إلى صندوق الاقتراع، فرضت 3 شخصيات نفسها على المشهد باعتبارها محور هذه التحركات وهى كمال الجنزورى مستشار رئيس الجمهورية والذى يسعى إلى ضمان تشكيل برلمان تتجاوز فيه نسبة مؤيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى سياسيا الثلثين، وأحمد عز قيادى الحزب الوطنى المنحل الذى يستهدف ضمان تكتل برلمانى موال لرجال الأعمال وسياسات الحزب الوطنى المنحل سواء خاض عز الانتخابات أو لم يخضها بحسب مصادر التقته مؤخرا. أما الشخصية الثالثة فهى رجل الأعمال نجيب ساويرس الداعم الرئيسى لحزب المصريين الأحرار والذى يقترب بقوة من التحالف مع الجنزورى لتشكيل قائمة انتخابية تستطيع قطع الطريق على عودة «رجال أحمد عز» الذين يمتلكون إمكانيات يخشى منها مثل العصبيات العائلية فى الصعيد والمال والخبرات الانتخابية. وفى حين أن الحصول على ثلثى مقاعد البرلمان يعطى أى تحالف انتخابى حق اختيار رئيس الوزراء واستخدام الحق الدستورى عند الحاجة فى عزل رئيس الجمهورية الا أن الهدف الرئيسى للتنافس يتعلق بالقوانين الاقتصادية التى سيكون على البرلمان القادم إما إصدارها وإما إقرار ما صدر منها بالفعل خلال عامى حكم الرئيس عدلى منصور والرئيس عبدالفتاح السيسى. وبينما يسعى عز بحسب من التقوه موخرا وبحسب أعضاء فى الحزب الوطنى ينتمون لعائلات كبرى فى صعيد ودلتا مصر لإحياء شبكة المصالح وكبار العائلات التى ميزت المشهد البرلمانى فى مصر خلال السنوات الماضية، فإن الجنزورى يسعى لطرح وجوه لم يرتبط اسمها مباشرة بالحزب الوطنى، مع عدم استبعاد التكتلات العائلية تماما، مع ضمان وجود وجوه شابة يمكن أن تجتذب القاعدة الانتخابية العريضة من الشباب الذين تشعر الرئاسة بالقلق من احتمال أن تأتى مشاركتهم فى التصويت محدودة كما حدث فى الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية الأخيرة. وعلمت «الشروق» أن بعض حلفاء عز يحاولون إقناعه بالترشح للبرلمان ليكون زعيما للأغلبية بدعوى معرفته بطبيعة الماكينة الانتخابية وأساليب إدارة المواجهات والمناورات داخل مجلس النوب. بينما يقول من يلتقون الجنزورى إن الرجل يشعر بشىء من الإحباط بسبب تعثر جهوده فى بلورة قائمة انتخابية قادرة على حسم المعركة مبكرا، فى حين لا يواجه عز مثل هذه الصعوبة بحسب المتابعين الذين يرون أن ما يجمع المتعاونين مع عز هو السعى للمصلحة المباشرة اما ما يسعى تكتل الجنزورى بدعم كبير من ساويرس لصياغته فهو تكتل يجمعه الرغبة فى تغيير الواقع المصرى بصورة واضحة دون أن ينكر أى من الفريقين حتمية وجود مساحات اتفاق واسعة فيما يخص الأجندة الاقتصادية لرجال الأعمال الذين تراهن الدولة عليهم لضخ استثمارات يمكن أن توفر فرص العمل لملايين الشباب العاطل. ويصر المتعاونون مع فريقى الجنزورى وعز على الإيحاء بأن لديهم إيماءات ايجابية بالدعم من موسسات الدولة، ويقول أحد القريبين من فريق عز، إن الرجل ليس بصدد الدخول فى مواجهة مع الرئاسة وهو «الأكثر قدرة على إدارة الأمور فى البرلمان بما يخدم رؤية الرئيس بعيدا عن مصطلحات الفلول وغيرها التى يرفضها الرئيس نفسه حتى وإن كان قلقا بعض الشىء من مدى تقبل الرأى العام لدور أساسى لأحمد عز فى المرحلة المقبلة». المصدر نفسه يضيف أن لقاءات كانت قد تمت خلال الأيام الماضية بين عز وشخصيات شبه رسمية شهدت مناقشات معمقة، ويقول إن هناك احتمالا حتى لو كان بعيدا وهو أنه فى حال لم يتمكن الجنزورى من صياغة تحالف واسع فقد يكون عز هو الخيار المتاح للتعامل معه سواء قرر خوض الانتخابات بنفسه أو لا.