منزل خلا إلا من حصير تفترشه نهاراً للمعيشة، وليلاً تزيده بطانية اهترأت أطرافها، لكن لا بديل عنها لينام عليها 3 صبية، يبلغ أكبرهم 6 سنوات، بينما لا يزال صغيرهم يلتقم ثدى أمه من وقت لآخر.. قبل سنوات كان كل حلم «دعاء» أن يمتلئ هذا المنزل الصغير، وأن تجد فى زوجها ما فقدته على مدار سنوات طويلة. بدأت حياتها «متسولة» وحيدة، تتكفل بنفسها وأمها فقط بعد أن رحل الأب وتركهما بلا عائل فى «أبوزعبل»، وتقول: «بعد أبويا ما مات ما لقيتش غير إنى ألف وأشحت، الفقر هنا بالكوم وحتى الخدمة فى البيوت مفيش حد عايزها». كان الحل فى الزواج ليرحمها من عناء مد اليد للبحث عن 200 جنيه، هى قيمة إيجار المنزل الذى تضم جدرانه جسدها وأمها: «مش مهم ناكل ولا نشرب، المهم إننا نوفر الإيجار». بعد الزواج، اعتقدت «دعاء» أن كل همومها قد ذهبت أدراج الرياح وأن أيامها المقبلة ستسير بلا معاناة كما ماضيها، لكن فاجأتها الرياح بما لا تشتهى سفنها. «اتجوزت عشان أرتاح، جبت لنفسى بلوة أكبر»، زواج لم يدم سوى سنوات قصار أثمر 3 أطفال، الراحة التى نعمت بها فى بيت الزوج تبددت سريعاً، لتعود إلى الشقاء من جديد بعد رحيل عائلها: «الأول كنت بشحت لوحدى، دلوقتى بنزل ألفّ على البيوت أنا وأمى وأولادى عشان بس نعرف ناكل وندفع الإيجار». تتبادل «دعاء» ووالدتها التسول يوماً بعد يوم، فظروف صغارها تدفعها أحياناً إلى تركهم فى المنزل: «ساعات آخدهم معايا، وساعات أسيبهم مع أمى، أصلهم مش متعودين على البهدلة، لكننا رجعنا ليها تانى، وبعد الفراخ واللحمة، مالهمش غير البتنجان والفول، بس يا رب نفضل نلاقيهم».