تسود حالة من الغموض فيما يتعلق بمصادر تمويل الدعوة السلفية بالإسكندرية وذراعها السياسية "حزب النور"، وتواتر المعلومات الواردة حول مصدر التمويل وكم يبلغ وما الأهداف المرجوة من هذا التمويل، وحاول عدد من قيادات الحزب تأكيد أن مصدر التمويل الوحيد هو تبرعات الأعضاء العينية والتي على إثرها يتم تدشين الفعاليات والندوات. تشير التوقعات إلى البدء في الانتخابات البرلمانية المقبلة بدءًا من مارس المقبل، ونص قانون ممارسة الحقوق السياسية على أن يخصص لكل عضو ما لا يزيد على 500 ألف جنيه في حملته الدعائية، وهنا يأتي التساؤل: هل تكفي التبرعات العينية للأعضاء الحملة الدعائية لحزب النور؟ التمويلات الخارجية في أواخر عام 2010 قبل اندلاع ثورات الربيع العربي وجهت الاتهامات للدعوة السلفية، بتلقي تمويلات من الخارج، حيث كشف أول تقرير رسمي حول أزمة التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المصرية بعد الثورة، عن تلقى جمعيات مبالغ تصل إلى 65 مليون دولار من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتلقي السلفيين مبلغ 296 مليون جنيه مصري من دول خليجية، منها 181.7 مليون جنيه مصري من قطر، و114.5 مليون جنيه مصري من الكويت. القروض الإسلامية وتعاني الدعوة السلفية وحزب النور ذراعها السياسية منذ اندلاع ثورة 30 يونيو وسيطرة الدولة ومتابعتها عن كثب الجمعيات الأهلية ومصادر تمويلها، الأمر الذي جفف منابع التمويل الخارجي وأصبح لزامًا على الدعوة السلفية أن تبحث عن مخرج للأزمة الحالية، ولذلك عمد المجلس الرئاسي لحزب النور في اجتماعه الثلاثاء الماضي باعتماد القروض الإسلامية أحد بنود التمويل لحملته الدعائية، إذ أسند دراسة ملف القروض من قبل اللجنة القانونية بالحزب والتعرض للملف عن كثب والتشاور حول أسماء البنوك الإسلامية التي تمنح قروضًا دون قيود محكمة. ويمكن الاستشهاد بأسماء قيادات بالدعوة كضامن للتمويل، كما حرصت الدعوة على خلو القروض من أي شبهة ربوية قد يستخدمها الإعلام والمعارضون لهم كذريعة للتشهير به، وتطرقت اللجنة إلى أن يكون سداد القرض على فترات متباعدة ودون فائدة وأن تكون الضمانات ميسرة لجميع الأعضاء أذ يسعى الحزب إلى اقتراض عدد من الأعضاء غير المعروفين لمبالغ معتدلة يمكن تسديدها على مدى سنوات مقبلة. أما عن البنوك الإسلامية التي تستهدفها الدعوة يأتي على رأسها بنك البركة الإسلامي الذي يعتبر أحد الروافد لمجموعة البركة المصرفية (A. B. G) والتي تتخذ من البحرين مقرًا رئيسيًا لها، ومن ثم بنك فيصل الإسلامي الذي تعتبره الدعوة إسلاميًا من الدرجة الأولى. التمويلات القطرية وذكر تقرير تقصي الحقائق التابع لوزارة العدل أن مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثانٍ من دولة قطر قدمت 181 مليون جنيه و724 ألفًا إلى جمعية أنصار السنة المحمدية، وأضاف التقرير أن "جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت، قدمت مبلغ 114 مليون جنيه و493 ألفًا إلى جمعية أنصار السنة المحمدية، ليكون مجموع ما تحصلت عليه 296 مليون جنيه، و218 ألفًا. ويجد الإشارة هنا إلى أن جمعية أنصار السنة المحمدية ثاني أكبر جمعية للسلفيين بعد الجمعية الشرعية". كما تطرق المجلس الرئاسي للحزب إلى فتح باب التبرع للحزب من أجل حملته الدعائية للانتخابات من خلال تخصيص أموال الزكاة والتبرعات رافعين شعار أن التبرع لهم يدخل في مصرف "في سبيل الله" أحد مصارف الزكاة، اذ اتخذ المجلس قرارًا يشدد على المجمعات الانتخابية في كل محافظات مصر حث الأعضاء على إخراج الزكاة لصالح الحزب من أجل الدعاية الانتخابية، تحت ستار أن دعم مرشحي الحزب بأموال الزكاة لا يشوبه تحريم، إذ يسعى الحزب لاستخدامه لخدمة المسلمين والفقراء والمساكين بشكل عام وهو يفي بغرض إخراج الزكاة نفسه. رجال الأعمال الاسلاميين وتوظيف الأموال ويأتي ثالث مصدر للتمويل وهو رجال الأعمال الإسلاميين أو أصحاب الهوى الإسلامي، إذ وردت معلومات تفيد اجتماع عدد من رجال الأعمال بقيادات سلفية وتم التشاور على عودة نشاط شركات توظيف الأموال والبنوك الإسلامية مرة أخرى إلى الساحة الاقتصادية المصرية، واعتزام رجال الأعمال بمشاركة سلفية إنشاء مجموعة شركات اقتصادية كبرى تكون محطتها الأولى مدينة الإسكندرية إذ تعد المعقل الأساسي للدعوة السلفية. كما سمح خلو الساحة الاقتصادية من النشاط الإسلامي واختفاء رجال جماعة الإخوان المسلمين بأن تسعى الدعوة السلفية إلى أن تركب الموجة الاقتصادية وتستغل الفرصة في السطوع الاقتصادي والعمل على تقوية البنية التحتية للتنظيم.