اِستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم، بمقر رئاسة الجمهورية، وفدًا إثيوبيًا شعبيًا موسعًا، برئاسة رئيس البرلمان الإثيوبي، وعضوية عدد من ممثلي مختلف أطياف الشعب الإثيوبي والقيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والسفير محمد إدريس سفير مصر لدى أديس أبابا، والدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ونيافة الأنبا بيمن ممثلاً عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ومن الجانب الإثيوبي حضر سفير إثيوبيا لدى القاهرة. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس استهل اللقاء بالتأكيد على أن مصر تبدأ حقبة جديدة للانفتاح على إفريقيا، ولاسيما مع إثيوبيا، مُرحبًا بالوفد الاثيوبي ومؤكدًا أنهم في بلدهم الثاني مصر، كما نوَّه الرئيس إلى استعداده لزيارة البرلمان الإثيوبي ومخاطبة نواب الشعب الاثيوبي، للتأكيد على أن مصر تتمنى لإثيوبيا ولشعبها الصديق كل التوفيق والتنمية والازدهار، منوها إلى ضرورة التعاون من أجل الإعمار والبناء والتغلب على التحديات التي تواجه الشعبين المصري والإثيوبي. وأشار "السيسي" إلى سابق اللقاء الذي جمعه برئيس الوزراء الإثيوبي "ديسالين" في مالابو والذي شهد تأكيدًا على أن الجانب المصري لا يمكن أن يقف في وجه حق الشعب الإثيوبي في التنمية، وتشديدًا من الجانب الإثيوبي على الحفاظ على حق المصريين في الحياة والحفاظ على مصالحهم المائية، مع التأكيد على أن نهر النيل وإن كان يمثل للإثيوبيين مصدرًا للتنمية فإنه بالنسبة للمصريين مصدر للحياة وليس فقط للتنمية، فحصة مصر من المياه ظلت ثابتة عند 55.5 مليار متر مكعب منذ أن كان تعداد سكانها أقل من 20 مليون نسمة، ووصل الآن إلى 90 مليون نسمة. ونوَّه الرئيس إلى ثقته الكاملة في أن أبناء الشعب الإثيوبي لن يقوموا بإلحاق الضرر بأشقائهم المصريين ولو عن طريق نقص قطرة واحدة من مياه النيل، مشددًا على أن الإرادة السياسية والنوايا الطيبة يجب أن يتم إثباتها من خلال إجراءات عملية تحيل التوافقات السياسية إلى حقائق واقعية. ودعا الرئيس الوفد الإثيوبي إلى قيام البرلمان الإثيوبي بإصدار قرار يشير فيه إلى حق الشعب الإثيوبي في التنمية وإلى حق الشعب المصري في مياه النيل وفي تأمين مصالحه المائية، مؤكدًا أن المؤسسات الدستورية، ومن بينها البرلمانات، تعد جهات مسؤولة عن تحقيق مصالح الشعوب وتعميق العلاقات بين الدول الصديقة. كما أشاد السيسي بالعلاقات التاريخية الممتدة بين الشعبين المصري والاثيوبي، فمسلمي مصر يعتزون بعلاقتهم التاريخية بإثيوبيا باعتبارها مقصد الهجرة الأولى، أما مسيحيو مصر فيعلمون تمامًا أن الكنيستين المصرية والإثيوبية كانتا كنيسة واحدة، ولا زالتا حتى اليوم ترتبطان بعلاقات وثيقة. وأضاف "يوسف"، أن الرئيس أكد أنه لا يتعين اختزال العلاقات "المصرية – الإثيوبية" في موضوعات مياه النيل، إذ أن هناك العديد من الفرص الواعدة للتنمية بين البلدين، وأهمها تنشيط التبادل التجاري، وتعزيز الاستثمارات المصرية في إثيوبيا، فضلاً عما يمثله البلدان من سوق ضخمة تقارب مائتي مليون نسمة. وأشار الرئيس إلى أن الأطباء المصريين أسسوا صندوقًا برأسمال 500 مليون دولار لتقديم الخدمات الصحية ومعاونة الأشقاء في إفريقيا وأن قسمًا كبيرًا من موارد هذا الصندوق تم تخصيصها لصالح إثيوبيا. وأضاف الرئيس أنه يتعين تكثيف التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما في ضوء انتشاره في عدد من الدول الأفريقية، مؤكدًا أن سبل مكافحة الإرهاب لا يتعين أن تقتصر على الجوانب العسكرية، وإنما تتم أيضًا من خلال تحقيق التنمية ومكافحة الفقر. من جانبه، أعرب رئيس البرلمان الإثيوبي عن عميق شكره للرئيس لإتاحة الفرصة للالتقاء بالوفد الشعبي الإثيوبي، ونقل تحيات وتقدير رئيس الوزراء الإثيوبي "ديسالين" للرئيس، كما أشاد بالمنحى الإيجابي لمصر في إدارتها لعلاقاتها مع إثيوبيا، مشيراً إلى أن البرلمان الإثيوبي يدعو الرئيس لزيارته ومخاطبة نواب الشعب الإثيوبي. وأكد رئيس البرلمان الإثيوبي أن الشعب الإثيوبي لا يفكر إطلاقًا في إلحاق الضرر بأشقائه المصريين، وإنما تنحصر أهدافه فقط في تحقيق التنمية، ليس فقط لإثيوبيا ولمصر، وإنما للقارة الإفريقية بأكملها، وذلك عبر التعاون والعمل المشترك مع مصر، مثمنًا الروح الإيجابية التي لمسها في حديث الرئيس، والتي سيقوم بنقلها إلى الشعب الإثيوبي. وأعرب رئيس البرلمان الاثيوبي عن تطلع بلاده لتعزيز التعاون مع مصر في مختلف المجالات، ولاسيما المجالات التي ذكرها السيد الرئيس والتي تتعلق بالاستثمار والتبادل التجاري، ومكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي من شأنه أن يتيح آفاقًا أرحب للتفاهم والتعاون بين البلدين. وتحدث عدد من أعضاء الوفد الشعبي الإثيوبي حيث أعربوا عن سعادتهم بتواجدهم في مصر التي تعد وطنًا وأرضًا مقدسة بالنسبة لهم، مؤكدين أن العلاقات الودية والتاريخية بين البلدين لا يمكن أن تتزعزع، وأن نهر النيل سيظل مصدرًا للتفاهم والتعاون والعمل المشترك، ولن يكون أبدًا نقطة للخلاف، كما أشادوا بالمنحى الإيجابي الذي بدأه الرئيس في علاقات مصر بإثيوبيا، حيث أكد كبار أعضاء الوفد الإثيوبي أن الانطباع الذي خرج به بعد التعرف على رؤى ومواقف الرئيس في قمة مالابو، هو أن إفريقيا وجدت قائدًا له رؤية واضحة وإرادة حقيقية للتعاون المشترك وتحقيق التنمية والاستقرار لمصر وللقارة الأفريقية.