أكد خبراء إستراتيجيون أهمية زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي لمصر من أجل تعزيز التعاون المشترك في كافة المجالات التنموية وكذلك تكثيف الجهود في مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة . واعتبر خبراء أن هذه الزيارة التي تأتي بعد زيارات مماثلة لرؤساء ومسئولين أفارقة لمصر مؤخرا مما يكشف عودة قوية لمصر إلى القارة السمراء وتعميق الشراكة الإستراتيجية خاصة في مواجهة التحديات الراهنة وفي صدارتها الإرهاب الذي يهدد استقرار جميع دول المنطقة لاسيما ما تشهده ليبيا من صراعات وانفلات أمني على أيدي الميليشيات المسلحة. وقد رحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره التشادي ديبي، معربا عن اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة التي تربطها بتشاد. كما عبر السيسي عقب المباحثات المصرية التشادية عن تقدير مصر للدعم التشادي لها داخل الاتحاد الإفريقي، موضحا أن الزيارة التي قام بها الرئيس ديبي لمصر استهدفت إعطاء دفعة قوية للعلاقات الثنائية والعمل على تحقيق التكامل بين البلدين. وشدد الرئيس السيسي على أن المباحثات أكدت عزم مصر مواصلة برنامج بناء القدرات التشادية في مختلف المجالات وفقا لأولويات البرنامج التشادي من خلال مؤسسة الأزهر والوكالة المصرية للشراكة مع إفريقيا. وأوضح الرئيس السيسي أن المباحثات تناولت التطورات في ليبيا والسودان وإفريقيا الوسطي، حيث توافقت الآراء على أهمية إيجاد حلول سياسية لقضايا المنطقة وإحلال السلام بها وتلبية طموحات شعوبها. ووصف الرئيس السيسي المباحثات بأنها كانت إيجابية وبناءة وعكست الحرص المشترك على تعزيز التعاون وآليات التشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. واكد السيسي أن مصر تعود بقوة إلي أشقائها في إفريقيا باعتباره من ثوابت السياسة المصرية. من جانبه أشار الرئيس التشادي أن العلاقات المصرية - التشادية آخذة في التوطد والتعزيز، مما سمح لتشاد باستقبال أول كوادر من أبنائها الناطقين بالعربية بعد تخرجهم من مؤسسة الأزهر المؤسسة العريقة وعودتهم لبلادهم لخدمتها في مختلف المجالات. ووصف الرئيس التشادي مصر بأنها ملتقي للحضارات الإفريقية والشرق أوسطية والمتوسطية وصاحبة الحضارة الأكثر خلودا وإنسانية وعلما بما لها من تراث ثقافي وعلمي عريق. وأشاد ديبي بجهود التنمية التي تقوم بها مصر وبشجاعة الرئيس السيسي ومهارته السياسية التى أعادت لمصر استقرارها. ووصف الوضع في ليبيا بأنه يزداد تعقيدا ولم تعد ليبيا دولة متجانسة منذ تغيير النظام ، وتضاعف العنف والتوتر. وأكد أن تشاد الدولة المجاورة لليبيا مهتمة بدعم أمن واستقرار ليبيا الشقيقة لأن أمنها يعد استقرارا للمنطقة كلها، داعيا المجتمع الدولي إلي المساهمة في مساعدة ليبيا لكي تدخل القوي السياسية فيها في حوار يحقق وحدة وسلامة الأراضي الليبية. وأضاف أن جهودا كبيرة بذلتها دول الجوار وعقدت سلسلة من الاجتماعات في تونس والجزائر والسودان ومصر، ولكن آخر التطورات تشير إلي الحاجة لبذل مزيد من الجهود لتنفيذ خارطة الطريق المكونة من 11 نقطة والتى وقعها وزراء الخارجية في 25 أغسطس الماضي في مصر لتحقيق وحدة واستقرار ليبيا. وقال ديبي إن دول تجمع الساحل والصحراء يطالبون الرئيس السيسي بعمل المزيد من أجل تحقيق استقرار ليبيا. وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، وصفها الرئيس التشادي بأنها ممتازة اقتصاديا وزراعيا وعسكريا وثقافيا وتعليميا، مشيدا بالنتائج التي تحققت وبافتتاح مصر للطيران لخط جوي يربط بين البلدين. وقال إن بلاده تسعي لمزيد من التعاون في قطاعات الزراعة والصحة والتجارة في إطار اللجنة المشتركة بين البلدين، لتحقيق ازدهار الشعبين . وأنهي الرئيس ديبي كلمته قائلا : تحيا مصر وتحيا تشاد ويحيا التعاون المشترك وتحيا العلاقات بين الجنوب والجنوب. من جهته أكد هاني رسلان الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أهمية زيارة الرئيس التشادي لمصر موضحا أن مصر لها علاقات عميقة مع تشاد باعتبارها دولة مهمة للأمن القومي المصري، وذات حدود مشتركة مع السودان وليبيا . وأضاف مصر كان لديها ركائز أساسية في العلاقات في إفريقيا من السودان وتشاد والعلاقة التاريخية مع أثيوبيا منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بالتالي تشاد من الدوائر القريبة المحيطة بمصر خاصة في هذه المرحلة بسبب التوتر واضطراب الأوضاع في ليبيا ووجود جماعات مسلحة تتحرك في الخط الفاصل بين إفريقيا العربية في الشمال وإفريقيا جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن تشاد حريصة على العلاقات مع مصر. ولفت إلى أن مصر تقدم صورا مختلفة من الدعم لتشاد، وتزداد أهميتها النسبية بالنظر إلى الوضع في ليبيا والحركات الإرهابية، والرئيس السيسي ومصر ترحب بالرئيس التشادي نحو علاقات تسير بشكل إيجابي. من جانبه قال حامد محمود إن ملف التحديات الأمنية الخطيرة التى تواجه القارة الإفريقية وخاصة انتشار الجماعات الإرهابية فى ليبيا تصدر مباحثات الرئيس السيسي ونظيره التشادي. وأكد محمود أهمية التنسيق المشترك لضبط الحدود الغربية المصرية والسيطرة على الجماعات الإرهابية المسلحة فى إطار ما يسمى عملية فجر ليبيا موضحا أن الرئيس التشادى لديه رغبة حقيقية لمواجهة الجماعات الإرهابية وضبط الأوضاع الأمنية فى المنطقه ولكن ينقصه الدعم المعلوماتى والخبراتي والتدريبي وهو ما تم استعراضه خلال اللقاء.