بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة التابعين لجماعة الإخوان في 14 أغسطس 2013، توالت الضربات الأمنية للإرهابية، ليتم الكشف عن جرائم عديدة ارتكبتها الجماعة في حق الدولة والشعب من التخابر لصالح دول أجنبية وعربية ومعادية لقتل الجنود المصريين. وكانت آخر ضربة أمنية لحقت جماعة الإخوان، أنه تم الأسبوع الماضي القبض على الدكتور محمد على بشر القيادي الإخواني البارز، الذي قاد ما يسمى ب"تحالف دعم الشرعية"، وكان يعد أحد أهم ركائز التيار الإصلاحي داخل الإخوان. ودارت العديد من التساؤلات حول سبب القبض على بشر ولماذا في هذا التوقيت تحديدا؟، حيث تعددت الروايات، سواءً تلك الروايات الرسمية التي تحملها اتهامات النيابة الموجهة ل"بشر"، أو أخرى يوردها بعض المحللين والسياسيين الذين بدأ كل منهم يدلو بدلوه في الأمر. الرواية الرسمية الرواية الرسمية لأسباب القبض على بشر جاءت في صيغة اتهامات وجهتها نيابة أمن الدولة العليا، التي تواصل تحقيقاتها الموسعة مع محمد على بشر، وزير التنمية المحلية الأسبق في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وهي التحقيقات التي حضرها أعضاء هيئة الدفاع عنه المتمثلة في محمد طوسن، وعبد المنعم عبد المقصود، والدكتور خالد بدوي، محاميو جماعة الإخوان، وهي التحقيقات التي باشرها إلياس إمام رئيس النيابة، تحت إشراف المستشار تامر الفرجاني، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا. وعلى مدى جلستين للتحقيق لم يرد بشر على مواجهة النيابة له بشأن تهمة التخابر مع دول أجنبية، واكتفى بالصمت وعدم الرد سوى على الأسئلة المتعلقة بشرحه لسفره للخارج، مقررا بأنه بعد ثورة 30 يونيو صدر قرار بمنعه من السفر وإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر والترقب والوصول. وقام المحقق بمواجهة المتهم بكافة التهم المنسوبة إليه، وهي أولا: التحريض على العنف ضد الدولة، والدعوى للفوضى وحمل السلاح في يوم 28 نوفمبر، بالإضافة إلى التهمة الثانية وهي: قيادة جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون والهدف من إنشائها الدعوى إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ أغراضها. وتجري نيابة أمن الدولة العليا تفريغ الشرائط المسجل عليها المحادثات الهاتفية التي تمت بين المتهم والدول الأجنبية المتعلقة بقضية التخابر سواءً باللغة العربية أو بلغة الدولة التي كان يتحدث مع ممثليها وذلك تمهيدا لمواجهته بها أمام هيئة الدفاع عنه. وكشفت التحقيقات أن تلك المحادثات الهاتفية بين المتهم والعناصر الأجنبية قد تمت بعد ثورة 30 يونيو حيث تم رصدها وتم استصدار إذن من نيابة أمن الدولة العليا بتسجيل تلك المحادثات، ومن المنتظر أن يتورط في قضية التخابر شخصيات أخرى لم تكشف النيابة عن فحواها بعد. هذه هي الرواية الرسمية التي خرجت من نيابة أمن الدولة العليا وتداولها الجميع على مدى الأيام القليلة الماضية. رواية المحللين غرد المحللون والخبراء الإستراتيجيون بعيدا عن الرواية الرسمية الخاصة بأسباب إلقاء القبض على محمد على بشر، في هذا التوقيت، فمنهم من رأى أن سبب إلقاء القبض على محمد على بشر، يرجع لعناده ورفضه إملاءات النظام الجديد، ولفتح الطريق أمام شخص آخر من قيادات الإخوان لإنجاز اتفاق مع النظام، وتحقيق ما عجز عنه بشر، أو رفض الاستجابة إليه. وهي رؤية غير صحيحة بالمرة فوفقا للمعلومات المتاحة من جانب كافة الأطراف بمن فيهم قادة جماعة الإخوان فإن النظام هو من يرفض التصالح مع الإخوان وليس العكس، ورفض العديد من مبادرات التصالح مع الجماعة في فترات سابقة. أما التحليل الآخر، الذي برر به البعض القبض على "بشر"، فجاء في غاية الغرابة، خاصة وأن أصحاب هذا التحليل يرون أن بشر تم القبض عليه ليقوم بنفسه بالضغط على قيادات الجماعة بالسجون، للتوقف عن سياساتهم التي تفشل جميع محاولاته لاحتواء التنظيم، وإنجاز المصالحة مع النظام الذي تتثبت أركانه يومًا بعد يوم. وهذا هو التحليل الأغرب فالنظام سيجد الكثير من الطرق ليتواصل بشر مع من هم داخل السجون بدلا من أن يدفع به هو للداخل معه، إضافةً إلى أن بعض قادة الإخوان يخرجون من السجون كما حدث مع حلمي الجزار وياسر على، وهما مقربان للغاية من بشر. لماذا تم القبض على "بشر" ؟ ووفقا لمصادر أمنية فإن "بشر" متورط فعليا ومتهم رئيسي في قضية تخابر، أكدت المصادر أن عقوبتها تصل للإعدام. فكيف تم ذلك؟ أكدت مصادر مقربة من عائلة الدكتور محمد على بشر، القيادي الإخواني البارز الذي ألقي القبض عليه الأسبوع الماضي بتهمة التجسس، تورط الدكتور أيمن نور زعيم حزب غد الثورة، في القضية التي يخضع بشر للتحقيقات فيها حاليا. وأشارت المصادر إلى أن الخيط الرئيسي في الكشف عن هذه القضية تمثل في طرد استلمه أحد المقربين من "بشر" جاء من خارج مصر به "تليفون الثريا" غير قابل للرقابة أو التجسس، وبمجرد وصول الطرد لمصر تم الكشف على محتواه، ولما علم جهاز سيادي بالتفاصيل طلب تغيير محتواه ووضع أحد هواتف الثريا يستطيع الجهاز مراقبته وتسجيل كافة المكالمات والرسائل. ووفقًا لمصادر أمنية أكدت أن المعلومات التي بحوزة هذا الجهاز السيادي حاليا تقول إن الطرد جاء من إحدى الدول الأوربية، وتم التوصل إلى أن مرسل الطرد هو الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة المقيم خارج مصر منذ فترة. وأكدت المصادر أنه حينما تم القبض على "بشر" خضع للتحقيق أولا بإحدى الجهات السيادية بالدولة، وتمت مواجهته بكافة المعلومات، ما تسبب في انهياره خاصة حينما تمت مواجهته بتسجيلات هاتفية له يخطط فيها لما يسمى ب"الثورة الإسلامية المسلحة"، في 28 نوفمبر الجاري. وأشارت المصادر إلى أن أحد التسجيلات التي تمت مواجهة "بشر" بها كانت لمحادثة هاتفية بينه وبين مسئول أمني كبير في دولة عربية، بالإضافة إلى تسجيلات أخرى مع مسئولين أتراك وأمريكيين. هاتف الثريا يبدو أن الإخوان باتوا مدمنين لهاتف الثريا فلا أحد ينسى استخدامهم لهذا الهاتف إبان قطع الاتصالات في مصر يوم 28 يناير 2011، حينما أجرى الدكتور محمد مرسي مداخلة مع قناة الجزيرة القطرية أثناء هروبه من السجن. وهاتف الثريا هو هاتف فضائي محمول أدمجت فيه تقنيتا نظام جي. إس. إم والنظام العالمي لتحديد الموقع، ويتم التواصل على طريق الأقمار الصناعية، فيمكن لتليفون الثريا استقبال وإرسال أية مكالمة أو رسالة من أي مكان في العالم. وقبل ثورة 30 يونيو بوقت قصير، قامت جماعة الإخوان باستغلال تواجد مرسي في الرئاسة وزودت قادتها وبعض أعضائها بآلاف الأجهزة من تليفونات الثريا.