قتل السبت أربعة أشخاص على الأقل في اشتباكات وأعمال عنف متفرقة في مدينة بنغازي ثاني المدن الليبية لتصل حصيلة القتلى في هذه المدينة وحدها إلى 300 قتيل في أقل من شهر بحسب مصادر طبية. وقال مصدر في مركز بنغازي الطبي إن "أربعة قتلى سقطوا اليوم في اشتباكات وأعمال عنف متفرقة شهدتها المدينة". ويواصل الجيش الليبي وقوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر عملياته ضد المسلحين الإسلاميين في مناطق متفرقة من مدينة بنغازي التي يحاول الجيش استعادة السيطرة عليها بحسب المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري. وشن حفتر بمساندة الجيش في 15 أكتوبر هجوما ثانيا لاستعادة المدينة، ومنذ ذلك التاريخ قتل 300 شخص على الأقل في المعارك وأعمال عنف متفرقة معظمهم من العسكريين . وقال المصدر في مركز بنغازي الطبي إن "فريق إدارة البحث عن الجثث في جمعية الهلال الأحمر الليبية سلم المركز جثتين إحداهما مجهولة الهوية والأخرى لشخص تم إعدامه على أيدي مجهولين". وأضاف المصدر أن "مشرحة المركز استقبلت جثة جندي تابع للواء 204 دبابات التابع للجيش قتل خلال المعارك في المدخل الغربي لمدينة بنغازي فيما تلقى جثة أحد الممرضين العاملين في مختبر التحاليل في مستشفى الهواري العام قتل برصاص طائشة أمام المستشفى في المحور الجنوبي للمدينة". والخميس والجمعة قتل عشرة أشخاص في أعمال عنف مماثلة. والسبت أعلن هاني العريبي مدير مكتب الإعلام في مستشفى الهواري العام في مدينة بنغازي أن طبيبا أوكراني الجنسية وزوجته الممرضة عادا إلى المستشفى بعد عملية اختطاف دامت أكثر من شهر. وقال العريبي اليوم إن الطبيب سرجي بوهاتشوف الذي يعمل طبيب تخدير منذ العام 2011 في مستشفى الهواري برفقة زوجته الممرضة ناتاليا بوهاتشوف عادا إلى بيتهما الجمعة وهما يتمتعان بصحة جيدة دون إعطاء مزيد من التفاصيل". وأضاف أنهما " ينويان الاستمرار في تأدية عملهما في ليبيا". وأوضح أن المختطفين اختفيا منذ سبتمبر الماضي وكانا يعملان في ليبيا حتى في فترة ثورة 17فبراير 2011 ولم يتركا البلاد. في السياق ذاته قال العريبي إن طبيب ليبي وثلاثة ممرضين آخرين اختطفوا قبل أسبوع من المستشفى وتم الإفراج عنهما كذلك أمس الجمعة. ويقع مستشفى الهواري العام على محور القتال في تلك المنطقة الجنوبية لوسط مدينة بنغازي، ويعد المشفى ثاني أهم المراكز الطبية في المدينة. وقال المسماري إن "الجيش يواصل عملياته العسكرية ويحرز تقدما على مختلف محاور القتال في مدينة بنغازي". وتدور معارك طاحنة تستخدم فيها مختلف الأنواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة خصوصا على المحور الجنوبي الشرقي للمدينة والمحور الغربي إضافة إلى وسط بنغازي، وفق شهود عيان. ويشن سلاح الجو الموالي لقوات اللواء حفتر عدة غارات جوية في مناطق يقول إن الإسلاميين يتحصنون بها داخل مدينة بنغازي. والجمعة أعربت حكومات ثمان دول غربية "عن قلقها لحالة الاستقطاب السياسي في ليبيا"، التي تشهد توترات أمنية وسياسية، ودعت "جميع الأطراف لوقف العمليات العسكرية". وقالت حكومات ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وكندا ومالطا في بيان مشترك، أنه "يساورنا قلق عميق إزاء حالة الاستقطاب السياسي في ليبيا"، التي ارتفعت وتيرتها بعد قرار المحكمة العليا الصادر أمس الخميس، مشيرين إلى أنهم سيدرسون "بكل حرص قرار المحكمة العليا وسياقه وتبعاته". كما حثت الحكومات الغربية "جميع الأطراف على وقف كافة العمليات العسكرية والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تزيد من الاستقطاب والانقسامات في البلاد". لكن المسماري قال إن "عمليات الجيش مستمرة حتى تتطهر ليبيا من الإرهابيين" على حد وصفه. ولأول مرة منذ اندلاع المواجهات في بنغازي، قام عمر السنكي وزير الداخلية في الحكومة المطعون في دستوريتها من قبل القضاء الليبي اليوم بجولة تفقدية في مدينة بنغازي شملت محاور القتال التي يخوضها الجيش إضافة إلى مطار المدينة وغرفة العمليات العسكرية. وأعلنت الحكومة أن جولة السنكي كانت للوقوف عن كثب على الأوضاع الميدانية التي تشهدها مدينة بنغازي. وقال السنكي إن قوة قوامها 2000 رجل أمن ستكون جاهزة لتأمين بنغازي عقب تحريرها، لافتا إلى أنه سيكون على رأس هذه القوة لتدارك الأخطاء السابقة. وكان وفد برلماني قدم من مدينة طبرق إلى مدينة بنغازي وأجرى جولة ميدانية بحسب ما أعلن عيسى العريبي النائب في البرلمان المطعون في دستوريته من قبل القضاء الليبي. وفي خطوة تصعيدية أعلن "فيدراليو" شرق ليبيا الجمعة أنهم سيعلنون استقلال إقليم برقة في حال رغبة سكان إقليمي طرابلس غربا وفزان جنوبا الامتثال لحكم المحكمة العليا. وقال إبراهيم الجضران رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي لإقليم برقة "في حال اعترف المجتمع الدولي وأخواننا في طرابلس وفزان بالمؤتمر الوطني وسحب اعترافهم بمجلس النواب فإننا سنضطر إلى أن نعلن استقلال دولة برقة والعودة لدستور 1949. على أن يتولى أعضاء مجلس النواب في اقليم برقة السلطة التشريعية كمجلس نواب للإقليم". والجضران كان قائدا لحرس المنشئات النفطية في منطقة الهلال النفطي أوفر منطقة نفطية في ليبيا ونفذ هو ومجموعته المسلحة إضرابا مسلحا ذات أقفل بموجبه موانيء النفط في شرق البلاد للمطالبة بحكم ذاتي. وسبب الإضراب الذي استمر نحو عام في تراجع إنتاج ليبيا للنفط الخام إلى نحو 250 ألف برميل بعد أن كانت تنتج 1.5 مليون برميل يوميا قبل الأزمة التي انحلت في شهر تموز/يوليو الماضي بخسائر قدرت بنحو 45 مليار دولار وعجز في الموازنة العامة للدولة. وعقب اتفاق الجضران مع الحكومة وتسديد مرتبات مسلحيه بدأ انتاج النفط في التعافي ليصل إلى نحو 900 ألف برميل يوميا، لكن إغلاق حقل الشرارة جنوب غرب البلاد قبل أيام، وميناء الحريقة اليوم تسب في تراجع الإنتاج النفطي إلى نحو 550 ألف برميل يوميا. وبقي قطاع النفط بعيد نسبيا إلى حد كبير عن الصراع الأخير الذي شهدته مناطق غرب وشرق ليبيا، لكن هذه التطورات قد تشهد منحى آخر للصراع.