ثار قرار الحكومة بفتح باب تصدير الأرز موسم 2015 أزمة حقيقية بين الفلاحين والمصدرين والحكومة، خاصة بعد تحفظ المصدرين علي بعض الشروط التي اعتبروها مجحفة بحقهم، مؤكدين أن آليات وزارة التجارة لا تخدم إلا المهربين، لأنها تضع أعباء كبيرة على المصدرين بالطرق الشرعية. وهو ما اتفق معهم فيه الفلاحون في البيان الذي أصدرته النقابة، وأشارت من خلاله إلى أنها بصدد التقدم ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزارتي الصناعة والتجارة، والزراعة تتهمهما فيه بمخالفة الدستور والقانون وتعطيل العمل به من خلال إصدار قرارات متعارضة مع الصالح العام ولا تخدم إلا مصالح بعض رجال الأعمال. النهار من جانبها تواصلت مع أطراف المشكلة للوقوف على أبعادها، والبحث عن آليات حل الأزمة. بداية.. قال فريد واصل نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين إن قرار الحكومة لا يخدم إلا أباطرة تصدير الأرز فقط، محذرا الدكتور خالد حنفي وزير التموين من المخاطر الوخيمة التي ستلحق بالفلاح والزراعة المصرية من تنفيذ هذا القرار دون أن يتم تحديد سعر بيع الطن. وأضاف أن قرار الحكومة لا يخدم سوي بعض رجال الأعمال وأصحاب شركات التصدير وأباطرة التصدير، وأن القرار لايؤدي إلي أي مكسب سواء للدولة أو الفلاحين خاصة أن سعر بيع طن الأرز 1600 جنيه في الوقت الذي سيتم تصديره بما يقرب من 8000 جنيه وهذا الفارق يدخل جيوب المصدرين والمهربين ولا يعود على الدولة أو الفلاح بفائدة. واتهم واصل وزير التموين بالإضرار بالأمن القومي المصري من خلال فتح باب التصدير لمحصول الأرز الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه في الوقت الذي تعاني فيه مصر من تهديدات مائية خاصة بعد تخفيض حصتها في مياه النيل في ظل أزمة المياه الحالية ومشكلة سد النهضة وتأثير ذلك علي المباحثات التي تجري حاليا لزيادة حصة مصر من مياه النهر. وحذر من مخاطر تصدير الأرز المصري مقابل استيراد الهندي الأقل جودة وتوزيعه مع السلع التموينية. وعلى النقيض من الفلاحين رحب المصدرون بالقرار، رافضين في الوقت نفسه بعض الشروط المتمثلة في إلزامهم بتوريد طن أرز بسعر 2000 جنيه لوزارة التموين مقابل كل طن يتم تصديره، رغم أن السعر الحالى للأرز المورد للوزارة يبلغ 3200 جنيه، وهو ما يعنى استقطاع 1200 جنيه، تعادل 170 دولارا قيمة الفرق بين السعرين، إلى جانب سداد 280 دولارا كرسم صادر لوزارة التجارة، وهو ما يعنى ضياع 450 دولارا من ثمن التصدير، الذى قد يصل إلى 800 أو 810 دولارات، وهو ما قد يؤدى إلى الضغط على صغار المزارعين لبيع محصولهم بنحو 1200 جنيه فقط. ويري أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن الشروط التي وضعت مجحفة بينما لن يكون هناك تأثير للقرار علي المعروض في السوق المحلي .. حيث أكد أن لدينا فائضا من العام الماضي يقدر بمليون طن من المحصول مقابل زراعة 2مليون فدان هذا العام وهو ما لا يجعل مجالا للشك في عدم تأثير قرار التصدير علي السوق المحلي. وأوضح الوكيل أن ما يرمي إليه البعض من أن التصدير يمكن أن يؤدي إلي تصدير الأرز عالي الجودة وطرح الأقل جودة في السوق المحلي ليس له أساس من الصحة حيث تحصل وزارة التموين علي أفضل أنواع الأرز. وأشار الوكيل إلي أن وزارة التجارة والصناعة أيضا في الشروط التي وضعتها وحددت من خلالها أنه يتم تسليم طن من الأرز كسر 5% و12% مقابل كل طن يتم تصديره، ضمنت التزام المصدر بالتوريد للحفاظ علي السوق المحلي. كما رحب مصطفى النجارى رئيس المجلس التصديري للأرز بقرار مجلس الوزراء، بالسماح بالتصدير بعد وقف التصدير منذ عام 2008، مشيرا إلي أن القرار لن يؤثر علي المستهلك بأي شكل من الأشكال. وقال إن تحرك المجلس لفتح باب تصدير الأرز مرة أخرى، سببه وجود فائض من الإنتاج في السوق، مؤكدا أنهم سيقومون بعمل جلسات مع ممثلي وزارتي الصناعة والتجارة والتموين لبحث آليات التنفيذ بما فيه فائدة للفلاح والمستهلك علي حد سواء في المرتبة الأولي. وأشار النجاري إلى أن سعر الأرز فى السوق العالمىة حاليا يصل إلى ألف دولار للطن، إلا أن السوق لن تستوعب كميات الأرز المصرى المنتظر تصديرها، مما سيؤدى لنزول الأسعار لتتراوح بين 800 و 810 دولارات للطن، موضحا أنه فى حال تصدير الأرز بسعر 800 دولار وبعد خصم 450 دولارا يتبقى مبلغ 350 دولارا يستقطع منها الشحن وفائدة التمويل وربح المصدر بنحو 40 دولارا عن كل طن يتبقى 310 دولارات، وهذا معناه ألا يتعدى سعر الطن 2200 جنيه، وبذلك يصبح سعر طن الشعير من الفلاح 1200 جنيه، وهذا الأمر شبه مستحيل. وطالب النجاري بإلغاء إلزام المصدرين بتوريد الأرز بأسعار محددة لهيئة السلع التموينية وترك الأمر لقوانين العرض والطلب، مع التركيز على وقف التهريب، خاصة أن الوزارة هى من تحدد الكمية التى سيتم تصديرها، والمتوقع ألا تتعدى 500 ألف طن من الفائض المقدر بنحو مليون طن، على أن تكتفى وزارة التجارة بسداد المصدر لمبلغ 280 دولارا كرسم صادر للطن. وطالب بعقد جلسات لمناقشة الآليات مع المختصين بالوزارة للحفاظ على جودة الأرز، ومصلحة المستهلك والفلاح قبل أى شىء. من جانبه قال العربي أبو طالب رئيس الاتحاد العام لمفتشي التموين والتجارة الداخلية أن قرار تصدير الأرز يشوبه العوار، محذر من تداعيات القرار على مقررات البطاقات التموينية من الأرز. وأضاف العربى أن هناك عدم شفافية في اتخاذ القرار من قبل وزير التموين، خاصة مع رفض مجلس الوزراء التصدير منذ عدة أيام، مشيرا إلي أنه يتوقع ارتفاعا في أسعار الأرز بالأسواق المحلية في ظل شراء التجار المحصول من الفلاحين وتخزينه للتصدير بما يشكل نوعا من الاحتكار في ظل المبالغ العالية التي يتقاضونها من التصدير لأن الأرز المصرى يتمتع بشهرة واسعة بالأسواق العالمية. ولفت إلى أن فتح الحصص للمقررات التموينية دون ربطها بكميات ثابتة يصعب معه تحديد الاحتياجات وهى على أقل تقدير قابلة للزيادة لأن الأرز غذاء رئيسي لمعظم الشرائح الاجتماعية وخاصة في ريف وقرى مصر.