حالة من الذعر والقلق انتابت المستثمرين والاقتصاديين، جراء انخفاض مؤشرات البورصة المصرية بنحو 13%، لتحقق خسائر في نهاية تعاملاتها 38 مليار جنيه في أسبوع، لتغلق عند 8600 نقطة، وهو أدنى مستوى لها خلال أربعة أشهر. حالة الارتباك التي شهدتها البورصة المصرية، جاءت نتيجة التأثر بالارتباك السائد في البورصات العالمية، مما جعلها تتكبد خسائر فادحة لاسيما بعد سحب المستثمرين الأجانب لأسهمهم خوفاً على أموالهم. « النهار» من جانبها استطلعت آراء عدد من خبراء أسواق المال والاقتصاديين حول الأسباب وراء التراجع الحاد في مؤشرات البورصة، وما هي السبل الواجب اتباعها لتجنب هذه الخسائر مرة أخرى؟، وما هي توقعاتهم بشأن تعاملات البورصة الأسبوع المقبل؟. في البداية أكد محسن عادل، خبير أسواق المال ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن السبب الرئيسي وراء الخسائر التي شهدتها البورصة المصرية جاء نتيجة ضعف الإقبال من قبل المستثمرين على شراء الأسهم النشطة، بل اتجه عدد كبير من المستثمرين والمؤسسات المالية لبيع الكثير من الأسهم، الأمر الذي أدي لعدم توازن السوق المصري ، موضحاً أن تراجع مؤشرات البورصات العالمية أثر بالسلب على البورصات العربية خاصة وأن البورصة المصرية تراجعت بنحو 13%، والبورصة السعودية 22%، وبورصة دبي تراجعت بنسبة 25%. وشدد عادل على ضرورة تشديد الرقابة من قبل البورصة على أموال المستثمرين، بل تسعي لحثهم على الاستثمار في البورصة ، خاصة وأن انخفاض مؤشرات السوق لا تعبر بالضرورة عن وضع السوق. وتوقع عادل أن تشهد البورصة المصرية خلال التعاملات المقبلة حالة من التوازن والتماسك من جديد في ضوء إعلان البنك المركزي على تثبيت سعر الفائدة على القروض والودائع، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على مؤشرات البورصة، لتحقق تعاملاتها المقبلة ارتفاعاً في مؤشراتها. في حين أكد أحمد العطفي « المحلل المالي» أن الخسائر الفادحة التي لحقت بالبورصة المصرية جاءت نتيجة سلسلة من البيع من قبل الأجانب والعرب، الأمر الذي أثر بالسلب على مؤشراتها وأدى لتراجعها لاسيما في ظل تدهور وضع البورصات العالمية هذه الأيام. وتوقع العطفي أن يتم استبعاد إدراج مصر من مؤشر الأسواق الصاعدة من قبل المؤسسات العالمية في حال مواصلة الخسائر، لذا فإن البورصة المصرية لابد أن تسعي لحث رجال الأعمال على الاستثمار في سوق المال لمنع الاستمرار في موجة انخفاض المؤشرات. وطالب العطفي وزارة الاستثمار بضرورة أن تبحث مشاكل المستثمرين وتعقد اجتماعات معهم من أجل حل مشاكلهم وطمأنتهم على أموالهم لاسيما في ظل اتجاههم للبيع بطريقة عشوائية والسعي في الوقت ذاته لدعم سوق المال، الأمر الذي أدي لتذبذب مؤشرات البورصة وانخفاض مؤشراتها بشكل كبير لأول مرة منذ اندلاع ثورة 30 يونيو. في حين يرى أحمد رحمي « المحلل المالي ورئيس قسم المخاطر بشركة كوركت لاين للسمسرة في الأوراق الماليه» أن الانهيار الذي شهدته البورصة من انخفاض حاد لمؤشراتها أدي لانخفاض أسعار وقيم الأسهم، الأمر الذي أدى لخلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي في ظل لجوء المستثمرين لبيع الأسهم بخسارة وبطريقة عشوائية لا تتوافق مع النظام الخاص بهم في البيع. وأوضح رحمي أن حالة عدم التوازن التي شهدتها البورصة المصرية أدت لخفض أسعار الأسهم، لافتاً إلى أن الإشكالية الكبيرة التي تعقب انخفاضات مؤشرات البورصة تكمن في خلق مناخ استحواذي من قبل بعض الشركات خاصة في ظل انخفاض أسعار الأسهم، لذا فإن هذا الأمر يحتاج لتشديد الرقابة العامة على تعاملات البورصة. وأضاف رحمي أن حالة الذعر التي انتابت المستثمرين جاءت نتيجة انخفاض وارتباك حركة تعاملات البورصة في الأسواق العالمية، الأمر الذي دفع المستثمرين للاتجاه بقوة للبيع مما أدي لارتفاع حدة التراجع في المؤشرات، موضحاً في الوقت ذاته أن انخفاض السيولة المالية أيضاً وراء حالة التذبذب بسوق المال حتى وإن كان تراجع البورصة المصرية أقل من الدول العربية الأخرى. وأوضح رحمي أن هناك أمرين سلبيين دائما يكونا السبب وراء خسائر البورصة، أولهما أن هناك بعض الأناس يحاولون إثارة حالة من الهلع لدي المستثمرين، وهؤلاء الأناس لابد من تشديد الرقابة عليهم لأنهم السبب وراء تراجع المؤشرات خاصة وأن عدداً من المؤسسات المالية لديها نقص في السياسة الاستثمارية، والأمر الثاني يتلخص في الحاجة الضرورية للتنويع في الأدوات الاستثمارية للبورصة خاصة وأن هذا الأمر سيساهم في دفع الكثير من الشركات للتعامل في البورصة. وتوقع رحمي أن تشهد تعاملات البورصة المصرية جذب المزيد من السيولة المالية والاستثمارات من الخارج خلال الفترة المقبلة خاصة وأن البورصة المصرية وضعها المالي جيد وهذا ما يتضح بشكل كبير في انخفاض أعداد الشركات المتعثرة. وطالب رحمي، هيئة سوق المال ووزارة الاستثمار بضرورة إعادة النظر في الضوابط الخاصة بإعادة قيد الشركات بالبورصة وذلك لضمان استقرار مناخ الاستثمار في مصر.