طبعاً "السيلفي" أشهر من أن يعرف، ولكن للمتخلفين عن ركب العصر نقول إن السيلفي هي اللقطة الشخصية (بورتريه) الملتقطة يدويا من خلال تقنية الأجهزة الحديثة بالعدسة العكسية (على هيئة مرآة)، أظن أنني اجتهدت كثيرا في التعريف، فصرت كمن عرف السيلفي بعد الجهد بالسيلفي، ولا أعرف إن كان التعريف السابق يوضح أم يلخبط "محنا قلنا من الأول: السلفي أشهر من أن يعرف". يصنف بعض علماء النفس السيلفي باعتباره حالة مرضية، ومع احترامي لعالم الباحثين عن الأمراض ليتكسبوا من وراء علاجها والعياذ بالله، "ربنا يجعل كلامنا خفيف على بتوع علم النفس"، يعتبر السيلفي علاجاً لا مرضا. السيلفي عز، أي والله، فهو يغنيك عن حاجة السؤال بأن يصورك أحد، ثم تشكو لأحد أن هذا أو ذاك امتنع عن تصويرك لانشغاله أو استعجاله، أو تتذمر لأنه أفسد اللقطة لجهله في فنون التصوير، أو لجهله بحفظ الصورة بعد التقاطها فصورها ومسحها، أو تشكو من عدم وضوح الصورة واهتزازها ورداءة جودتها، وفي جميع الأحوال السيلفي يوفر شكاوى كثيرة، والشكوى لغير الله مذلة "مش قلنا السيلفي عز". السيلفي عمل توثيقي، يتيح لك توثيق وجودك في مكان وزمان معين، بل إنك تستطيع من خلاله توثيق لقائك بأشخاص وشخصيات تجد نفسك أحياناً لست بحاجة لإيقافهم للتصوير معهم. صورة السيلفي عفوية بعيدة عن الرسمية، لذا مهما كانت غير مضبوطة فهي مضبوطة، والسيلفي عمل جماعي أكثر منه فرديا، وأحلى ما فيه "اللمة" و"اللمة حلوة"، لذا يستطيع السيلفي تجميع ما بعثرته عدسات المصورين. فالسيلفي لقطة مدروسة عادة ما تلتقط بالتراضي، أما عدسات المصورين فتفضح حتى انطباعات سيدة أميركا الأولى من التقاط أوباما سيلفي مع رئيسة وزراء الدنمارك، وبعيدا عن التجربة الدنماركية لسيد البيت الأبيض، السيلفي "بيضتها" واستطاعت أن تحطم الأرقام القياسية تحطيماً، فسيلفي الأوسكار حصل على أكثر ريتويت وتفضيل في تاريخ تويتر والإنستغرام، ففي مواقع التواصل الاجتماعي لقطات السيلفي الاجتماعي تكسب، والسيلفي وحده يستطيع القيام بما لا يستطيع جيوش من المصورين القيام به، ولقطة السيلفي دوماً تكسب. إن كانت الصورة تغني عن ألف صورة، فصورة السيلفي بألف، عموماً فوائد السيلفي أكثر من أن تعد لتحصر في مقال، ولكن لعل أهم فائدة أنه نقل لشعوب الخليج بوادر ارتياح خليجي في اجتماع مصيري وتر الخليجيين من أجوائه المتوترة، وما رافقه من تكتيم وتعتيم يشيع السواد في الأعوام السحيقة الفائتة والسائدة أبادتها لقطة سيلفي كشفت لنا ابتسامات لم نلحظها أو نشاهدها من قبل. شكراً للسيلفي.. شكرا خالد بن أحمد