بعد عدوان اسرائيلي استمر 25 يوما وخلف 1457 شهيدا فلسطينيا في مقابل مقتل 61 جنديا إسرائيليا، بدأ صباح الجمعة سريان هدنة مؤقتة لثلاثة أيام على أن تجرى خلالها مفاوضات في القاهرة لتثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.عواصم لم تمض ساعات قليلة على الهدنة الانسانية المؤقتة حتى أطلت نذر الانهيار، إذ اعلنت تل أبيب رسميا انتهاء الهدنة متهمة حماس ب "خرق فاضح" لها، بينما أفادت مصادر فلسطينية ان القصف الإسرائيلي لم يتوقف رغم بدء سريان التهدئة. واستشهد ثمانية فلسطينيين صباح الجمعة في قصف مدفعي اسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد دخول تهدئة انسانية حيز التنفيذ بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية، وفقا لمصدر طبي. واكد مصدر طبي في مستشفى ابو يوسف النجار جنوب القطاع "وصول ثمانية شهداء في قصف مدفعي عنيف شرق رفح" فيما افادت مصادر عن تعرض مدينة رفح لقصف مدفعي كثيف اسفر عن وقوع العديد من الضحايا بين جرحى وقتلى. ودخلت تهدئة لمدة 72 ساعة حيز التنفيذ صباح الجمعة عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (5,00 ت.غ) في قطاع غزة في اليوم الخامس والعشرين للهجوم الاسرائيلي المدمر على القطاع. وهذه التهدئة هي الاولى التي يوافق عليها طرفا النزاع، اسرائيل وحركة حماس، منذ بدء الهجوم الاسرائيلي على غزة في 8 تموز/يوليو. وقبل بدء سريان هذه التهدئة الانسانية، الأولى التي يوافق عليها طرفا النزاع إسرائيل وحركة حماس منذ بدء الهجوم الاسرائيلي على غزة في 8 تموز/يوليو، سجل قصف مكثف واطلاق صواريخ. لكن عند الساعة الثامنة ساد هدوء في القطاع. وتم انتهاك عدة تهدئات انسانية اعلنت سابقا خلال هذا الهجوم المدمر الذي اسفر عن استشهاد 1457 فلسطينيا غالبيتهم من المدنيين، فيما قتل من الجانب الاسرائيلي 61 جنديا وثلاثة مدنيين. لكن التهدئات السابقة كانت تعلن من جانب واحد، من قبل واحد من الطرفين. وهذه المرة يفترض ان تتيح التهدئة المعلنة لمدة 72 ساعة فتح محادثات في القاهرة في محاولة للتوصل الى حل دائم للنزاع. وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قال في اعلان مشترك مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الخميس ان اسرائيل وحماس توافقتا على "وقف لاطلاق النار بدون شروط مسبقة وقابل للتمديد" في قطاع غزة لمدة 72 ساعة اعتبارا من صباح الجمعة. من جهته، قال مسؤول أميركي ان المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين سيلتقون اعتبارا من الجمعة في القاهرة للبدء بمفاوضات بعد التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة. وقال كيري الذي يقوم بزيارة لنيودلهي ان الجانبين سيوقفان اطلاق النار وسيباشران مفاوضات في القاهرة. واوضح ان وقف النار سيستمر ل72 ساعة "الا اذا تم تمديده"، لافتا الى انه "خلال هذه الفترة ستبقى القوات على الارض في مكانها". وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أن "وقف اطلاق النار هذا مهم بالنسبة الى المدنيين الابرياء (...) خلال هذه الفترة سيتلقى المدنيون في غزة مساعدات انسانية ملحة وفرصة للقيام بأمور حيوية منها دفن القتلى والاهتمام بالمصابين وتخزين المواد الغذائية". واضاف انه "يمكن القيام ايضا خلال هذه الفترة بالاصلاحات الضرورية للبنى التحتية من مياه وكهرباء". واوضح كيري انه يعلن وقف اطلاق النار بالتزامن مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي بذل ايضا جهودا كثيفة لوضع حد للهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ 25 يوما. واشنطن حاضرة في المحادثات ومن المنتظر أن يتوجه نائب وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز الى القاهرة في مسعى لتمديد التهدئة، وفقا لمصادر أمريكية. وسيغادر بيرنز الى مصر في نهاية الاسبوع للمشاركة في المحادثات. وقالت المصادر إن بيرنز سيحاول استطلاع ما اذا كان الطرفان على استعداد لتمديد التهدئة. ونادرا ما يعقد مسؤولون اسرائيليون لقاءات مع بدء عطلة السبت. حماس توافق وفي غزة، أعلنت حركة حماس ان الفصائل الفلسطينية وافقت على تهدئة انسانية متبادلة مع اسرائيل لمدة 72 ساعة تبدأ صباح الجمعة، وذلك "استجابة" لدعوة من الاممالمتحدة. ولاحقا، اعلن مسؤول في فصائل المقاومة الفلسطينية ان وفدا من حركتي حماس والجهاد الاسلامي سيتوجه من غزة الى القاهرة الجمعة للمشاركة في مباحثات تتعلق بالتهدئة مع اسرائيل. بدوره أعلن مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان الدولة العبرية وافقت على التهدئة. وقال المصدر طالبا عدم ذكر اسمه انه "بموافقة الحكومة الامنية المصغرة ووزير الدفاع، قبلت اسرائيل بمقترح الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة بشأن هدنة انسانية لمدة 72 ساعة تبدأ صباح الجمعة في الساعة الثامنة" بالتوقيت المحلي. وفجر الجمعة دعت مصر كلا من اسرائيل والسلطة الفلسطينية لارسال وفديهما التفاوضيين الى القاهرة لاجراء مفاوضات حول تهدئة دائمة في القطاع. وفي حين أعلن مسؤول فلسطينيي ان وفدا من حركتي حماس والجهاد الاسلامي سيتوجه من غزة الى القاهرة الجمعة للمشاركة في المباحثات حول التهدئة، لم يصدر عن الجانب الاسرائيلي حتى الساعة اي شيء يتعلق بارسال وفد الى القاهرة. من ناحية اخرى أعلن كيري ان اسرائيل ستواصل عملياتها "الدفاعية" بهدف تفجير الانفاق في قطاع غزة خلال فترة التهدئة. مصر تتجاهل حماس في دعوتها لمحادثات القاهرة ودعت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، السلطة الفلسطينية وإسرائيل لإرسال وفديهما التفاوضيين إلى القاهرة لبحث كافة القضايا ذات الاهتمام لكل منهما ضمن الإطار الذى تناولته المبادرة المصرية. وتجاهل البيان المصري حركة حماس تماماً، فيما قالت الحركة إنه ستستكمل الترتيبات اللازمة لتشكيل وفد فلسطيني للذهاب إلى العاصمة المصرية القاهرة من أجل إجراء مفاوضات خلال فترة التهدئة الإنسانية. لم تتحفظ حماس هذه المرة على تجاهل مصر لها، رغم أنها سبق أن أعلنت أن السبب الرئيسي لرفضها للمبادرة المصرية كان بسبب تجاهلها وتوجيه الدعوة للسلطة الفلسطينية. وشهدت العلاقة بين مصر وحماس توتراً كبيراً في أعقاب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي الذي ينتمي لتنظيم الإخوان الموالي لحماس، واتهمت مصر الحركة بتسليح السلفية الجهادية التي نفذت عمليات عديدة استهدفت الاستقرار الأمني في مصر. وقال البيان إن "مصر تدعو السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية لإرسال وفديهما التفاوضيين إلى القاهرة لبحث كافة القضايا ذات الاهتمام لكل منهما ضمن الإطار الذى تناولته المبادرة المصرية". وتؤكد مصر، حسب البيان، على "أهمية احترام الجانبين لالتزاماتهما بموجب إعلان كل منهما عن وقف إطلاق النار حتى يتسنى بدء المفاوضات في ظل ظروف مواتية ولتحقيق النتائج المرجوة منها". واعتبرت مصر أن دعوتها تأتي على ضوء ما أعلنه ممثل الاممالمتحدة والممثل الخاص روبرت سري حول تلقيه ضمانات بقبول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لوقف إطلاق النار الإنساني". وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأمريكية: "لا إسرائيل ولا أمريكا ستجلس في الجانب المقابل لحماس على مائدة محادثات القاهرة، مضيفاً أن عباس سيكون مسؤولاً عن تسمية الوفد الفلسطيني في المحادثات لكنه لن يحضرها. ومن جانبه أكد جون كيري أن بلاده سترسل وفداً صغيراً للمشاركة في هذه المحادثات. مجلس الأمن الدولي يدعو لتهدئة غير مشروطة وكان مجلس الامن الدولي دعا في بيان رئاسي الخميس الى "وقف فوري وغير مشروط لاطلاق النار" في قطاع غزة، مطالبا ايضا ب"هدنات انسانية" لاغاثة السكان. وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ تواصلت عمليات القصف من الجانبين، اذ سقط منذ فجر الجمعة 14 قتيلا فلسطينيا على الاقل في قصف مدفعي وجوي اسرائيلي استهدف خصوصا خان يونس في جنوب القطاع، في حين اطلقت سبعة صواريخ من القطاع الفلسطيني على جنوب اسرائيل، بحسب الجيش الاسرائيلي. وفجر الجمعة أعلن الجيش الاسرائيلي ان خمسة من جنوده قتلوا مساء الخميس على الجانب الاسرائيلي من الحدود مع قطاع غزة، لترتفع بذلك الى 61 قتيلا حصيلة قتلاه منذ بدء الهجوم على القطاع في 8 تموز/يوليو. بالمقابل بلغت حصيلة الضحايا الفلسطينيين في الهجوم الاسرائيلي على غزة 1457 شهيدا و8370 جريحا، ليتخطى عدد الشهداء الذين سقطوا في عملية "الرصاص المصبوب" الاسرائيلية (1440 قتيلا بحسب وزارة الصحة في القطاع) في نهاية 2008 والتي كانت الاعنف على القطاع. وفجر الجمعة بعد الاعلان عن اتفاق التهدئة استشهد 14 فلسطينيا على الاقل، بينهم اطفال ونساء وينتمون جميعا الى عائلتين، في قصف مدفعي وغارة جوية استهدفا منزليهما في خان يونس جنوب القطاع، بحسب وزارة الصحة في القطاع. وقال المتحدث باسم الوزارة اشرف القدرة "استشهد ستة مواطنين واصيب 15 اخرون في غارة صهيونية على منزل لعائلة المدني في بلدة عبسان في خان يونس". وقبلها بقليل اعلن القدرة "استشهاد ثمانية مواطنين على الاقل من عائلة الفرا بعد اصابة منزل المواطن عبد المالك الفرا بقصف عدواني بقذائف الدبابات حيث استشهد صاحب المنزل وسبعة آخرون من نفس العائلة بينهم ثلاثة اطفال وامراة". وليل الخميس استشهد 11 فلسطينيا على الاقل في غارة جوية استهدفت منزلا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بحسب المصدر نفسه. كما اكد المتحدث باسم الوزارة اشرف القدرة مقتل ثلاثة فلسطينيين بينهم امرأة في غارات جوية اسرائيلية عدة استهدفت جنوب القطاع ليل الخميس. واشنطن تقر بمسؤولية إسرائيل عن قصف الأونروا من جهة ثانية اعلن البيت الابيض الخميس انه شبه متأكد ان القصف الذي طاول مدرسة للامم المتحدة مصدره الجيش الاسرائيلي. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست ان "الامين العام للامم المتحدة اعلن ان كل الادلة تثبت على ما يبدو ان المدفعية الاسرائيلية هي السبب. ليس لدينا اي عنصر يناقض ما تقوله الاممالمتحدة عن هذا الحادث"، معتبرا ان قصف مقار الاممالمتحدة التي لجأ اليها الفلسطينيون "مرفوض تماما ولا يمكن تبريره". ومن جهته دان الاتحاد الاوروبي قصف المدرسة وطالب باجراء تحقيق فوري حول هذا العمل "غير المقبول". واستدعت اسرائيل في وقت سابق الخميس 16 الف جندي اضافي من قوات الاحتياط لتعزيز قواتها. وجاء امر الاستدعاء بعدما اعلنت واشنطن موافقتها على تزويد اسرائيل بكميات جديدة من الذخائر لتعويض تراجع مخزوناتها. وفي ما يتعلق بالوضع الانساني، قال مدير منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) بيار كرينبول الخميس لمجلس الامن الدولي ان الفلسطينيين في قطاع غزة باتوا "على حافة الهاوية". وفي اتصال عبر الفيديو مع مجلس الامن، اشار كرينبول الى انه مع وجود نحو 220 الف فلسطيني في مراكز الاممالمتحدة في غزة "تزداد الاوضاع المعيشية في هذه الملاجئ سوءا يوما بعد يوم"، لافتا الى مخاطر انتشار الامراض. وفي جنيف نددت مفوضة الاممالمتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الخميس بالهجمات على المنازل والمدارس والمستشفيات ومنشآت الاممالمتحدة قائلة امام الصحافيين "لا شيء من هذه الامور يبدو لي عرضيا، يبدو وكانه تحد متعمد للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على اسرائيل".