لتاريخ مصر المذكورة في كتاب الله الحكيم عبق خاص بها، تحمله بين شوارعها وحاراتها وأزقتها التي ستظل عامرة على مدى التاريخ بصورة الإنسان المصري الذي تحدى الصعاب ليظل محتفظا بصورته المشرفة على مر العصور.صدر حديثا كتاب مصر .. صور لها تاريخ 1805 2005 للمهندس ياسر قطامش، والصادر حديثًا عن مكتبة الدار العربية للكتاب ، والذي يعد تحفة تاريخية عن مصر، عبر قرنين من الزمان .يقول ياسر قطامش في تقديمه للكتاب : إنه ليس سردًا تفصيليًّا بالطريقة التقليدية المعروفة لتاريخ مصر، ولكنه لقطات فوتوغرافية تضيء الذاكرة ببعض المشاهد، وتسافر بالقارئ إلى العديد من المحطات المهمة في هذا التاريخ خلال مائتي عام ، بما يتناسب مع إيقاع العصر الذي نحياه ومستحدثاته من فضائيات ومحمول وإنترنت .قام قطامش بترسيخ المنهج المعتمد على أن الصور الفوتوغرافية ، تثبَّت اللحظة وتؤيدها ، وبالتالي هي الوثيقة الأصدق على اللحظة التاريخية ، فمهما قرأت في التاريخ القديم لن تتكون لديك رؤية واضحة وصادقة ، الأمر الذي تعطيه ببساطة الصورة الحية ، فجعل من الصور سجلًّا تاريخيًّا معتمدًا في مصر ، وأعاد إلى الذاكرة لحظات كنا نظن أنها نسيت من عمر مصر .الكتاب ينقسم إلى 23 قسمًا يضم عشرات الصُّور التي تظهر امتداد الحياة الاجتماعية في مصر ورسوخها وتضامنها، كما يمثل كل منها وجهًا من وجوه الحياة في مصر مثل صور : حكام مصر ، العلم المصري ، البرلمان ، والنظارات والوزارات ، والاقتصاد ورجال الأعمال ، العملات والبنكنوت ، البوستة وطوابع البريد ، والأزهر ورجاله ، والأعياد والاحتفالات والألعاب والمعتقدات الشعبية ، بالإضافة إلى الفن والغناء والمسرح ، والرياضة ، والأزياء المصرية في بداية القرن العشرين ، وأزياء الأميرات من أسرة محمد علي في القرن التاسع عشر .خروف العيد ، وحامل الربابة ، والمحمل ، والحاوي ، وصندوق الدنيا ، وبائع العرقسوس ، وسبوع المولود ، والزار والموالد . أما عملات مصر فيتتبعها بالصُّور منذ أول جنيه مصري .. وشكل وجمال العملات المصرية قديمًا ، يجعلنا نتحسر من شكل عملاتنا الآن ، ومدى القبح البصري الذي تحمله ، مقارنة بعملات زمان .يتتبع قطامش بما يملكه من كنز معرفي في الصور القديمة كل وجه من هذه الوجوه ، ويرصد تطوُّره عبر الصُّور ، لنكون أمام لوحة بانورامية لتاريخ مصر ، عبر أعلامها وأماكنها وفنونها وصحافتها ، ليثبت عبر ذلك كله أن مصر كانت دائمًا سباقة في مجالات متعددة منها : أول قطار في الشرق سنة 1861 ، وأول برلمان سنة 1866 ، وأول أوبرا سنة 1869 ، وأول حديقة حيوان سنة 1891 .فمثلاً في مجال الأزياء يرصد قطامش اختلاف الزي المصري قبل دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة ومصيرها، فقد كانت المرأة حتى وفاة قاسم أمين باستثناء بعض أميرات الأسرة المالكة لا ترتدي سوى الحبرة واليشمك والبرقع ، وبعد ثورة 1919 انقلبت المقاييس وخرجت المرأة سافرة ، أي دون حجاب ، في المظاهرات ، فسنرى في هذا الكتاب صورًا لسيدات بالملاءة اللف والبرقع ، وبعده سنرى الفستان الشوال وإعلان ملابس سنة 1948 ، وفيه يرتدي الرجل البالطو فوق القميص والبنطلون، وترتدي فيه السيدة تاييرًا من قطعتين يغطي حتى أسفل الركبة بقليل ، وهو في منتهى الاحتشام ، أما صور أزياء أميرات الأسرة المالكة فيأتي لها بالعديد من الصوّر .وفي قسم الأندية الرياضية التي تأسست في مصر ، سنرى أول صورة لفريق النادي الأهلي القاهري ، وفي شرح ذلك يقول ياسر قطامش إنه عقب الاحتلال الإنجليزي سنة 1882 بدأ الوعي الرياضي ينشط لدى الشباب المصري ، عندما رأوا الأجانب يقيمون الملاعب ويمارسون الأنشطة الرياضية فبدأ بعض الشباب يقلدونهم ويلعبون كرة القدم ، حتى بدأت مصر ، تهتم بالتدريج بالرياضة فأنشئت النوادي مثل نادي السكة الحديد سنة 1903 ، ثم نادي المختلط (الزمالك) الذي سيطر عليه الأجانب ، ثم النادي الأهلي سنة 1906 وكان مقصورًا على خريجي المعاهد ، أما أندية الجزيرة وهليوبوليس والمعادي فقد كانت ملكًا خالصًا للأجانب والطبقة الراقية من الأمراء والأثرياء .