بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    رئيس جامعة قناة السويس يُكرم مدير عام المعامل بكلية العلوم لبلوغه سن المعاش    محافظ البنك المركزي يترأس الوفد المصري باجتماعات "التنمية الإفريقي" في كينيا    «الإحصاء»: 23.2% انخفاضاً بقيمة العجز في الميزان التجاري خلال مارس    ارتفاع كمية الأقماح الموردة لشون وصوامع الشرقية ل600 ألف طن    الرئاسة المصرية: السيسي ونظيره الصيني يعقدان مباحثات شاملة في بكين    برلماني: مشاركة الرئيس في قمة بكين تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين    «المؤتمر»: اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين خطوة تاريخية    كوريا الشمالية ترسل بالونات محملة ب«نفايات» إلى جارتها الجنوبية    حسين الشحات يوجه رسالة ل شيكابالا بعد إعلانه التدخل لحل أزمة الشيبي    الطلائع يستضيف بورفؤاد في كأس مصر    كريم فؤاد: موسيماني جعلني أمر بفترة سيئ    بسبب خلافات مالية.. مقتل شاب على يد طليق أمه في مشاجرة بالإسماعلية    بنسبة نجاح 95.5 ٪.. محافظ الوادي الجديد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية    السيطرة على حريق بشاحنة مواد بترولية في السويس    القائمة الكاملة لحفلات النجوم في عيد الأضحى وأماكنها    كل ما تريد معرفته عن حفلات شيرين عبد الوهاب خلال الفترة المقبلة    نقيب الموسيقيين يهنئ رضا بدير بحصوله على جائزة الدولة التقديرية    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية اليوم في محافظتين.. اعرف الأماكن    للحاصلين على الابتدائية والإعدادية.. موعد سحب ملفات المدارس العسكرية الرياضية    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    مصر تثمن دور عمليات حفظ السلام لتعزيز وصون السلم والأمن الدوليين    مصرع مسنة صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق فى البلينا بسوهاج    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    الحبس سنة لطبيب بالإسكندرية وغلق عيادته ونزع اللافتات بسبب الإهمال الطبى    وزيرة البيئة: خفض أحمال التلوث بنسبة 25% والوصول إلى المستهدف لعام 2025    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    دوري المحترفين، القناة يجدد الثقة في أحمد العجوز للموسم الجديد    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    الأول من نوعه.. وزير النقل يشهد توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع لتخريد السفن بميناء دمياط    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة إلى المناطق الشمالية: الحرب ستنتهي وسيعود سكان الشمال إلى منازلهم    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد ربه يكشف تفاصيل خطة كيري: دولة يهودية، عاصمة في القدس،لا عودة للاجئين,
نشر في النهار يوم 22 - 01 - 2014

كشف ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تفاصيل خطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري القائمة على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولةً يهودية، وإقامة عاصمة لفلسطين في القدس، وحل مشكلة اللاجئين وفق رؤية كلنتون، وبقاء الكتل الاستيطانية تحت سيطرة إسرائيل، مع استئجار المستوطنات الباقية، وسيطرة إسرائيل على المعابر والحدود والأجواء، وحقها في المطاردة الساخنة في الدولة الفلسطينية العتيدة.
وقال عبد ربه: بالرغم من إجحاف هذه الخطة بالحقوق الفلسطينية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضها لأنه يريد اقتطاع ما شاء من الأرض، ويرفض فتح ملف القدس، ولا يقبل بمشاركة أية جهة له في الأمن، حتى لو كانت أمريكا.
وفيما يلي نص المقابلة:
* سمعنا بعض العناوين عن خطة كيري، ما هي تفاصيل الخطة؟
- ما نشرته وسائل الإعلام الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الدولية أعطى صورة تقريبية للأفكار التي عرضها وزير الخارجية الأمريكي. هذه الأفكار، في الجوهر، لم تكن مقبولة. كنا واضحين في هذه الشأن، سواء لجهة عدم قبول ما يسمى الوطن القومي للشعب اليهودي في إسرائيل، أو إسرائيل الكبرى بمفهوم نتنياهو، ما يؤكد تقديرنا بأن نتنياهو يريد إعطاء شرعية ليس فقط للرواية التاريخية الصهونية، ولا فقط لعملية الطرد التي حصلت للفلسطينيين عام 48، وإنما للاستيطان الجاري حالياً باعتباره عملاً مشروعاً ومُقَرّاً في أرض "إسرائيل الكبرى".
إضافة إلى هذا، هناك حديث عن ترتيبات أمنية ومقاييس لهذه الترتيبات التي ستدوم سنوات طويلة، وهذه المقاييس مرهونة بما يسمى تحسن الأداء الأمني الفلسطيني الذي ستحكم عليه إسرائيل في نهاية المطاف فيما إذا كان وصل إلى المستوى الذي تريده أم لا، بالرغم من أن الأمريكيين يؤكدون أنهم سيكونون حاضرين ومشاركين في عملية تقييم الأداء الأمني للفلسطينيين، كي تقوم إسرائيل بإخلاء بعض المناطق، خصوصاً منطقة الأغوار.
وكذلك الكتل الاسيتطانية الكبرى، فالعديد من المستوطنات الكبيرة المنفردة هي كتل استيطانية بالمفهوم الإسرائيلي. وسمعنا أقاويل بأن إسرائيل تريد استئجار ما تبقى من المستوطنات التي لا تنتمي إلى الكتل الاستيطانية لمدى زمني طويل، أو بقاء هذه المستوطنات في الدولة الفلسطينية مع احتفاظ أصحابها بالجنسبة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن يكون لهم وضع مميز وخاص في قلب الدولة الفلسطينية.
والقدس من وجهة النظر الإسرائيلية تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية وغير مقسمة، وهناك حديث غامض عام عن مطامح الفلسطينيين بأن تكون لهم عاصمة في القدس. والقدس وفق المخطط الإسرائيلي تمتد من ضواحي رام الله إلى أبواب بيت لحم وصولاً إلى مشارف الأغوار، الأمر الذي يمكن أن يعني في أحسن الحالات اختيار أي موقع في أبو ديس أو في كفر عقب وتسميته عاصمة.
أما بالنسبة للاجئين، فإن الحديث يدور عن خيارات وثيقة كلينتون الأربعة، التي من بينها عودة عدد محدود من الفلسطينيين إلى إسرائيل وفق القانون الإسرائيلي.
علاوةً على ذلك، هناك ترتيبات أمنية إسرائيلية على رؤوس الجبال وفي الأجواء وغير ذلك من الترتيبات، مثل حق المطاردة الساخنة لإسرائيل في الدولة الفلسطينية في حال شعور إسرائيل بأي خطر، أي أن كل عناصر السيادة تم تفكيكها إلى حدّ محوها، وكل عناصر الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية تم تمزيقها.
هذه الصيغ لا يمكن لأي قيادة فلسطينية أن تقبلها، ولدينا معلومات ومؤشرات بأن نتنياهو رفضها بالكامل. فهو لا يريد أي علاقة للفلسطينيين بالقدس، لا يريد عودة أي لاجئ. لا يريد أي وجود مشترك، أمريكي أو غير أمريكي، في أي ترتيبات أمنية في الأغوار، حتى لو كان هذا الوجود تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة الأمنية والمنفردة. وهو (نتنياهو) يريد من الناحية الأمنية أن تكون السيطرة إسرائيلية وأن يكون القرار إسرائيلياً، وأن يكون الحكم على الأداء الفلسطيني إسرائيلياً، أي أن يكون الخصم والحكم، ونحن جربنا ذلك، حتى أننا جربنا صيغاً أفضل من ذلك مع جداول زمنية، وقامت إسرائيل بتعطيلها والقضاء عليها.
في ظل ذلك، يقال إنه يمكن للشعب الفلسطيني أن يحصل في إطار التسوية على نفس مساحة الضفة الغربية التي كانت عليها عام 67 مع تبادل للأراضي. وأنا لا أعرف كيف يمكن ذلك مع اقتطاع كتل استيطانية ومستوطنات ومناطق أمنية وجدار عازل في الناحيتين الشرقية والغربية من الضفة الغربية، الذي يمكن تخيُّل أنه يمكن أن يصل إلى ثلث الضفة الغربية، فكيف يمكن تخيل أنه يمكن إجراء تبادل، وفي أية مناطق من داخل إسرائيل؟ هذا أمر مستحيل.
طبعاً، العبقرية العنصرية الإسرائيلية تخترع أفكاراً من نوع تبادل مناطق مع سكانها. نحن كنا حاسمين وقاطعين بأننا لا يمكن أن نقبل أي تبادل سكاني. هؤلاء ليسوا مستوطنين، أبناء الأرض في الداخل ليسوا مستوطنين، لم يأتوا بفعل غزو خارجي، ليسوا مهاجرين من أي مكان. أصحاب الأرض لا يمكن لأحد أن ينازعهم على مكانهم، حتى من زاوية القوانين الإسرائيلية وليس فقط من زاويتنا، كيف يمكن مبادلة سكان إسرائيليين مقابل سكان إسرائيليين إلا إذا اعتبروا السكان العرب مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، ولا يملكون الحقوق ذاتها، وهذه نزعة عنصرية تامة، هم يريدون تطهيراً عرقياً للسكان أكثر مما يريدون تحقيق تبادل للأراضي.
هذا هو الإطار الذي كانت تدور معظم الأفكار حوله. لم نتلقَّ وثيقةً رسميةً بهذه الافكار، بل كان هناك نقاش وحوار يدور بشأنها، وهذه الأفكار سربتها إسرائيل بطريقة أو بأخرى.
· إذاً، لماذا رفضتها إسرائيل؟
- لم يكن مدهشاً بالنسبة لنا أو مستغرباً أن إسرائيل رفضت حتى هذه الأفكار، لماذا؟ لأنها تريد أن تقتطع ما تشاء من أراضي الضفة الغربية، تريد أن تبقى لها السيطرة الأمنية التامة، التي لا يشكك فيها أحد، على الضفة الغربية بأسماء وأشكال مختلفة، مثل: مناطق أمنية، والتدخل الساخن، أو باسم حماية المستوطنات المستأجرة وكل شبكة الطرق المؤدية إلى هذه المستوطنات. عملياً، إسرائيل تمزق الضفة الغربية، تقطع أوسع أجزاء حيوية من الضفة، وتُخضع الباقي للسيطرة الأمنية الإسرائيلية بشكل تام وكامل، وتريد أن يتم كل ذلك بإمضاءٍ منا. هنا ندخل في عالم الجنون، فمن يقبل بتمزيق الوطن وخضوعة للسيطرة أرضاً وماء وأجواء وحدوداً ومعابر؟! فلا حدود لنا، ولا أجواء، ولا معابر، ولا سيطرة على الأرض، وخضوع تام لما تقرره إسرائيل بشأن مستقبلنا! أنا لا أُبالغ في عرض هذه الصورة. كثير من هذا الذي أقوله قيل، والبعض الآخر حصلنا عليه بفعل تسريباتٍ هنا أو هناك، ومن يقرأ الإعلام الإسرائيلي وتصريحات المسؤولين في الحكومة العنصرية الإسرائيلية لن يفاجأ من أن الصورة التي نعرضها هي الصورة الحقيقية الأقرب للواقع.
المطروح إعلان مبادئ وليس اتفاق إطار
* إذا، وصلنا إلى الاستعصاء؟
- نحن أمام استعصاء فعلي، ولسنا أمام خيارين، خيار القبول بصيغة من هذا النوع أو رفضها، حتى أننا لسنا أمام خيار تعديل هذه الصغية لأن أي تجميل لهذه الصيغة بواسطة تحسين اللغة من دون المساس بجوهر الصغية ذاتها سيؤدي بنا إلى الكارثة.
المشكلة الثانية في هذا الصدد هي أن المطروح علينا صيغة اتفاق إطار، لكن في الحقيقة هو ليس اتفاق إطار، وإنما إعلان مبادئ عامة، لأن اتفاق الإطار يجب أن يحتوي على حلٍّ تفصيلي واضح من دون غموض لكل واحدة من القضايا، وعلى جدول زمني لتنفيذ هذا الحل، وعلى ضمانات دولية وإقليمية وثنائية بيننا وبين إسرائيل كي نكفل التطبيق الفعلي لهذا الحل. أما المبادئ العامة للحل، فوظيفتها شيء واحد، حتى لو كانت باسم اتفاق إطار، وظيفتها أن تهبط بالمرجعية السياسية للمفاوضات من المرجعية المقرة دولياً، التي تتحدث عن دولتين على حدود عام 67 وحل عادل لقضية اللاجئين، مع تعديلات طفيفية هنا وهناك، إلى مرجعية أدنى من ذلك لا نأخذ مقابلها شيء سوى أننا بعد الإعلان عن هذه المبادئ، وإسباغ لقب اتفاق إطار عليها، سندخل في مفاوضات مع إسرائيل لتطبيق هذه المبادئ.
وهنا أود أن أقول، وبدقة، إن ما يخص إسرائيل في هذه المبادئ واضح ومُفصّل، وله آلية للتنفيذ، وما يخصنا في هذه المبادئ عام وغامض، ويحتاج إلى سنوات ربما من التفاوض حوله من دون أية نتيجة. وهذا يشبه حالة من يقدم لنا بدلة ويقال إنها حديثة وجديدة، لها كُمٌّ طويل من ناحية، ومن الناحية الثانية بلا كُمّ، ولها رجل طويلة والرجل الثانية قصيرة، ولها ثلاثة أو أربعة ألوان متضاربة، ويقال لنا إن هذا ما يجب عليكم أن تلبسوه.
مشكلة الأمريكيين
· إذاً، مشكلة الأمريكيين اليوم مع الإسرائيلييين، وليس معنا؟
- مشكلة الأمريكيين اليوم ليست اعتراضنا على كثير من هذه الأفكار في هذه الصيغة، مشكلتهم أن هذه الصيغة، بكل ما فيها من تجنٍّ على الحقوق الفلسطينية، وهبوطٍ بسقف المرجعية السياسية، غير مقبولة على الإسرائيليين. هم– الإسرائيليون- لا يريدون أي دور لأي طرف ثالث في العملية، ولا يريدون أي مساس بسيادتهم التامة على القدس، ولا يريدون أن يروا وجه لاجئ واحد يعود إلى وطنه، ولا إزالة أية مستوطنة، ولا إزالة الجدار، بل على العكس يريدون إكمال الجدار كي يطوق حدودنا الشرقية كما الغربية، ونبقى كلنا في معزل واحد كبير مقسم إلى معازل مختلفة. مشكلة الأمريكيين مع إسرائيل وليس معنا، مع إسرائيل بالدرجة الأولى، وهذا الذي يُعطل الآن التحرك الأمريكي وجولات جون كيري المكوكية.
· هل تخشون التعرض للوم الأمريكي في حال فشل خطة كيري؟
- حملة اللوم لم تعد تعنينا، ولا نأخذها في الحساب السياسي، من يريد لومنا على أننا نريد دولتنا على حدود العام 67، ونريد القدس الشرقية عاصمة لنا، ونريد حلاً عادلاً ومتفقاً عليه لقضية اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية، وأننا نرفض خروج الاحتلال من باب وعودته من أبواب واسعة، والسيطرة على مصيرنا، وإقامة كيان أشد سوءاً وأكثر تضييقاً على خناق الفلسطينيين مما هو قائم الآن، من يريد أن يلومنا فليفعل، لكن حملة اللوم لن تنجح هذه المرة، فقد أبدينا أقصى درجات المرونة السياسية من دون المساس بحقوقنا، ولا أظن أحداً في محيطنا الإقليمي يمكن أن يقع في شرك هذا اللوم، أو أن المجموعة الأوروبية، أو الأمم المتحدة، أو الكتل الدولية الأُخرى يمكن أن تشارك في عملية سخيفة اسمها لوم الفلسطينيين، أو توزيع اللوم بيننا وبين الإسرائيليين. من لم يرَ هذه الصورة حتى الآن، فهو إما أحمق وساذج، أو متواطئ ضد الشعب الفلسطيني، أو الاثنان معاً، وفي هذه الحالة مصيرنا الوطني أهم وأرفع وأقدس من كل شيء.
نتنياهو خدع كيري
· هل وقع كيري في خطأ تقديم خطة غير مقبولة لدى الطرفين؟
- لا أعتقد أن جون كيري وقع في أخطاء، هو حاول أن يبذل أقصى جهده من أجل الوصول إلى صيغة يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين ومواقفهما. وفي الوقت ذاته يبدو أنه قرأ الموقف الإسرائيلي في البداية، والتطمينات اللفظية العامة والغامضة والملتبسة التي يقدمها نتنياهو لكل من يلتقيه قرأها بشكلٍ ما، أو بصيغةٍ ما، وعندما دخل في نقاش هذه التطمينات العامة حول نوايا نتنياهو المخلصة للسلام، ورغبته بتحقيقه، لدى دخوله في التفاصيل الملموسة، بدأ يكتشف أن الأفكار العامة والموقف الإسرائيلي على حقيقته عالمان مختلفان. حتى الآن لم يخرج كيري من دائرة محاولة الاطلاع على مواقف الطرفين، ومحاولة إيجاد صيغة لجسر الهوة بينها، لكن مثل هذه المقاربة، من دون أن تكون مدعومة ومعززة بضمانات إسرائيلية حول الانسحاب التام، والوقف التام للاستيطان، والسيطرة التامة للدولة الفلسطينية على حدودها ومعابرها، وحول حل عادل للاجئين، من دون أن تكون هناك مثل هذه الضمانات المسبقة سوف يتم الوقوع في أفخاخ إسرائيلية واحداً تلو الآخر، ليصبح كيري عنواناً للمظاهرات الإسرائيلية من المستوطنين، وللتصريحات الجارحة من أقطاب الحكومة الإسرائيلية، وهي تصريحات ضمن تناغُم ولعبة إعلامية يمارسها الإسرائيليون، ونتنياهو "المسكين والبريء" ليس بعيداً عنها.
· لماذا لجأ جون كيري إلى اتفاق إطار؟
- هذا ربما كان الفخ الإسرائيلي الأول، وكما قلت المشكة ليست في عنوان الصيغة أو اسمها، كان هناك تفكير في البداية بأن اتفاق الإطار سيحتوي على كل التفاصيل اللازمة التي تحتاج فيما بعد إلى مفاوضات، على الأغلب، ذات طابع فني لتطبيق العناصر التي يحويها اتفاق الإطار، ثم تم استدراجهم لبحث موضوع الأمن أولاً، وربما كان هناك اعتقاد بأنه إذا تمت تلبية الرغبة الإسرائيلية بأعطاء الأولوية للأمن، من خلال البحث، ومن خلال إيجاد الحلول الملائمة التي تكفل وجود طرف ثالث، ولكن بصيغة محدودة الصلاحية والتأثير، فإن ذلك سيؤدي إلى كسر حاجز كبير في المفاوضات، ويتم فتح الطريق أمام مناقشة بقية القضايا، ليتم اكتشاف أن الإسرائيليين يريدون من خلال الأمن تبرير مطامعهم التوسعية، واستخدام الأمن غطاءً لتحقيق هذه المطامع، وبالتالي وصلنا إلى الاستعصاء الراهن.
· هل فشلت مهمة كيري؟
- نحن لا نريد الآن إعلان وفاة مهمة كيري، ولكن ربما الجانب الأفضل فيما حصلنا عليه الآن أن كل الأوراق الإسرائيلية، بشكل أو بآخر، قد وُضعت على الطاولة على حقيقتها، وتبخرت كل الأوهام الناتجة عن الوعود التي قدمتها إسرائيل في بداية مهمة كيري.
· وهل استدرج الإسرائيليون كيري للفشل؟
- لا أعتقد، فقد كان لديه حافز قوي واعتقاد عميق بأنه قادر على كسر الجمود، لكن لا حدود ولا قعر للمطامع التوسعية الإسرائيلية ورغبة الإسرائيليين في أن يصبح الكيان الفلسطيني ليس كيان دولة، بل كيان كسيح يضمنون السيطرة عليه وعلى نموه وتطوره في أضيق مساحة جغرافية.
"جنيف فلسطين" على غرار "جنيف إيران" و"جنيف سوريا"
· سمعنا أن كيري يعتزم تمديد المفاوضات.
- نحن لن نقبل صيغية تمديد المفاوضات؛ لأنه ليس هناك ما يبرر ذلك حتى اللحظة. كان من المفهوم أن التمديد يمكن اقتراحه إذا قطعنا نصف المسافة نحو الاتفاق، وبالتالي الزمن يجب أن لا يكون عائقاً أمام إتمام النصف الآخر، لكننا الآن في المربع رقم صفر، ولم نقطع أي مسافة، فما الذي يبرر تمديد المفاوضات؟ على كل حال هذا الموضوع سيخضع لنقاش عندنا، وربما كان من الضروري أن يتمحور النقاش الآن حول: ما الذي ينبغي عمله بعد أن تفشل هذه المحاولة نتيجة اصطدامها بالحائط الإسرائيلي المسدود المانع لأي تقدم فيها؟ إذا أخذنا مجمل الأفكار الإسرائيلية، فإنهم يريدون الحصول على المكاسب من أي اتفاق، ويؤجلون الانسحاب من متر واحد من الأرض إلى أمد غير محدود. فلهذا، علينا أن ندرس وبشكل سريع، هناك ملامح لأفكار حول كيفية التعاطي مع المرحلة التالية بعد فشل المفاوضات. المجتمع الدولي الآن يتوافق على إيجاد إطار دولي لحل القضايا المستعصية والساخنة، فهناك جنيف للموضوع الإيراني وجنيف للموضوع السوري، وهناك أكثر من صيغة دولية يجري التعاطي بها من أجل موضوعات وقضايا إقليمية ودولية مختلفة. في الحقيقة، لا أجد أن فكرة المطالبة بجنيف للفلسطينيين على طريقة القضايا الأخرى خيالية أو مستحيلة. إذا تم نزع فتيل عدد من القضايا في منطقتنا، وإطفاء حريق حروب أهلية، فالسؤال المشروع عندنا: لماذا لا يبادر العالم إلى دمل هذا الجرح الذي يسمى الجرح الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي؟ هذا واحد من المسائل، وأعتقد أن جهد كيري لن يعوضه إلا صيغة دولية على مستوى أعلى وأكثر إلزاماً من صغية اللجنة الرباعية الدولية التي تعاملت معنا في الماضي. هذا واحد من الخيارات، وهناك خيارات أخرى لها صلة بدور المنظمات الدولية، وتفعيل عضويتنا في هذه المنظمات بعد أن أصبحنا دولة في الأمم المتحدة.
هناك طبعاً أساليب ووسائل ينبغي استعمالها، ليس من بيها العنف، ويجب أن لا يكون بأي حال من الأحوال، لأن هذه هي اللحظة التي يترقبها ويتوقعها غلاة العنصريين في دولة الاحتلال.
· ألا تخشون من عقوبات مالية وسياسية؟
- الضغوط أمر نتعايش معه باستمرار، وكما كان يقول أبو عمار: في اليوم الذي أفتح فيه عينيَّ ولا أجد ضغوطاً علينا، فإني سأفهم أن هناك خللاً ما أصاب هذا الكون. الضغوط جزء من حياتنا، لكن أمام لحظة مصيرية لا بد من مصارحة ومكاشفة للمجتمع الفلسطيني بكل مكوناته حتى لا تصبح هذه المعركة السياسية الكبرى التي نخوضها معركة حفنة من المفاوضين وتُخاض في الغرف المغلقة، ومعركة قيادة مع شعب غير مبالٍ بما يدور في هذه الأروقة، بالرغم من أن مصيره سيتقرر ولأجيال في مجرى هذه العملية. لا بد من تطوير أسلوب ونهج ومحتوى العلاقة مع المجتمع الفلسطيني والرأي العام في الداخل والخارج من دون استثناء، وهذا هو ربما المفتاح، بحيث لا تؤثر علينا الضغوط، ولا المقاطعة المالية والاقتصادية وغيرها، أو يتم استدراجنا نحو مفاوضات طويلة الأمد، مفتوحة الأفق، بلا أمل لوصولها إلى بداية الطريق الصحيح لإيجاد مخرج وطني.
تطوير المؤسسات والاقتصاد وتحقيق المصالحة
* البعض يقول: لماذا لا نواصل المفاوضات ونحقق إنجازات، مثل إطلاق سراح الأسرى، طالما أن الاستيطان مستمر مع مفاوضات ومن دونها؟
- هذا الخيار الأسوأ. تعالوا لنختبر كل ما كان يسمى وسائل الثقة التي كانت تُعرض علينا ويقال لنا إن هذه ستكون بالتوازي مع المفاوضات، لنكتشف أنها عديمة القيمة وشكلية، ووظيفتها تجميل وجه الاحتلال، وفوق ذلك لا تُطَبَّق بالرغم من شكليتها. لهذا السبب، فإن الوهم بإمكانية تحسين جزئي هنا وهناك ينبغي التوقف عنه؛ لأن من واجبنا العمل على تطوير مؤسساتنا الفلسطينية، واستغلال كل فرصة لتوسيع نطاق السلطة بمختلف مؤسساتها المدنية والأمنية، ولتطوير وتحسين إمكانيات الاقتصاد، بالرغم من التشويه الذي يعاني منه بفعل الاحتلال.
قضية أُخرى يمكن القيام بها، وهي جوهرية، وهي إعادة غزة إلى الوطن الفلسطيني الواحد والموحد باعتبارها جزءاً أساسياً وحيوياً، فلا يمكن التفكير بتسوية وحل سياسي بمعزل عن قطاع غزة. أعتقد أنه حتى الآن لم نستلم إشارة جادة من حماس وقيادتها تبين الاستعداد للوصول إلى تسوية لموضوع المصالحة، لا بشأن تشكيل حكومة مستقلة يقبل بها الجميع، ولا الانتخابات، ولا إغلاق كثير من الملفات التي تشكل عقبة أمام المصالحة، وما زلنا ندور في الفراع. كل الإشارات التي جاءت من حماس في الأسابيع الماضية ناتجة عن رغبتهم في كسر الجمود والحصار السياسي الذي يَضيق حولهم بعد التغيير الذي حصل في مصر. هم يريدون مخرجاً للخروج من الحصار السياسي، وليس إنهاء الانقسام. أسوأ خيار الآن أن نعود للتحاور في القاهرة أو الدوحة أو في أي عاصمة أُخرى.
· "حماس" لم تعد قادرة على إدارة غزة بسبب الحصار، ويمكن للمصالحة أن تُعيد غزة تدريجياً إلى السلطة؟
- الأزمة في غزة هي أزمة سياسية، ودائماً كنا نقول إن الحل لأزمة حماس في غزة ليس أن تنتظر ما يدور في مصر أو تونس أو خطط حركة الإخوان المسلمين إقليمياً ودولياً، إنما أن تتجه نحو الإطار الوطني للبحث عن هذا الحل. هذا الذي سيخرجها من الجمود، وإلا فإنها ستواجه تفاقماً في هذا المأزق أكثر فأكثر، الطريق عبر القاهرة وما يحصل في شوارعها أو ما يحدث في أي عاصمة عربية ليس هو الطريق، وإنما الطريق هو القائم بين غزة ورام الله وبالعكس، ولا سبيل آخر، وهذه خلاصة تجربتنا. نحن كفلسطينيين عشنا تجارب كنا نعتقد فيها أن الحل سيأتي من مكان آخر، غير أرض وطننا، وغير إطار الحركة الوطنية الفلسطينية، ومَن وقع منا في هذا الوهم أزاله التاريخ عن طريقه.
أما بالنسبة للادعاءات التي نسمعها من حماس بأننا جزء من الإخوان، وسنظل نحافظ على ارتباطنا بهم، فإن الكثير من المُتَعَقْلِنين، مثل تونس، يؤكدون أنهم لا يرتبطون استراتيجياً وعقدياً بالإخوان، رغم ميولهم الواضحة بأنهم يتشاركون مع الإخوان في توجهات عدة. خيار حماس يُفترض أن يكون مزيداً من الاستقلال لصالح الدور الوطني، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية ملموسة ينغي أن يكون هناك، ولمرة واحدة، بحث جدي ملزم يقود إلى التوافق على حكومة وعلى انتخابات، وهذا ما يخدم دورنا في مواجهة كل الضغوط، ويخدم حماس في الخروج من مأزقها.
الخيار الدولي
· هل تعتقد أن خيارنا الدولي سيحظى بدعم دولي كافٍ؟
- أظن أن الغالبية الدولية المطلقة ستقف إلى جانبنا، الاتحاد الأوروبي لم يخضع لأي ضغوط بشأن موقفه من منتجات المستوطنات، وأعطى إشارات سياسية واضحة، بما فيها الموقف الأكثر حدة وصرامة تجاه النشاط الاستيطاني، وروسيا ترغب في أن يكون لها دور أوسع على مستوى المنطقة، وهناك كتل دولية أُخرى لديها الموقف ذاته، وحتى موقف الإدارة الأمريكية، فأنا لا أتوقع أن هذه الإدارة سوف تقع في فخ لعبة اللوم للفلسطينيين، كما فعلت إدارات سابقة، لأن الظروف الإقليمية أصعب، كما أن هذه الإدارة تدرك أن لا جدوى من اللجوء إلى هذا الأسلوب. الوضع الدولي ليس سيئاً، وهناك إمكانات متاحة فيه، والطريق إلى المنظمات الدولية فيه صعوبات، لكنه ليس مستحيلاً، وبالتالي تعزيز قدرة فلسطين على أن تحوّل هذه الضغوط من ضغوط علينا لمجرد الجلوس على طاولة فارغة للتفاوض مع الإسرائيليين إلى ضغوط ضد التطرف والعنصرية الإسرائيليين.
الموقف العربي
· يقال إن كيري توجه إلى الدول العربية من أجل الضغط عليكم.
- لم نلمس نتيجة جولة كيري أن الموقف العربي وقع فيه أي تغيير سلبي تجاهنا وتجاه سياستنا، والموقف العربي الآن تحكمه عناصر عدة، وهناك احتجاج عربي على الكثير من السياسات الأمريكية في المنطقة، لنأخذ مثالاً على ذلك الموقف تجاه التغيير الذي حصل في مصر، فهناك نقد عربي واضح للسياسة الأمريكية التي تكيل بأكثر من مكيال، ولا تزال سلبية تجاه التغيير الحاصل في مصر، رغم أنه يسير نحو تعزيز الديمقراطية على أساس بناء مؤسسات راسخة، والسير بمصر نحو دولة مدنية حديثة لا ظلامية يغزوها التخلف والجهل. الموقف العربي في الظروف الحالية لم يخفف من دعمه للفلسطينيين، ولا توجد أي مؤشرات على ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.