قالت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" في بيان لها اليوم إن الحكومة المصرية فشلت في حماية الأقباط المسيحيين، وهم أكبر أقلية دينية في البلاد. وأشارت المنظمة إلى التوتر القائم بين المجتمعات المتدينة في قرية "واسطة" التي تبعد مائة كيلو متر جنوبي القاهرة، وأوضحت أن بداية المشكلة كانت في فبراير الماضي حينما تم الإبلاغ عن فقد سيدة مسلمة، زعم أفراد عائلتها وعدد من أعضاء التيار السلفي بالمدينة أن كنيسة مار جرجس أثرت عليها وجعلتها تتحول للمسيحية، وهي المزاعم التي نفتها الكنيسة. وذكرت المنظمة في بيانها أن الكثير من أبناء القرية خرجوا في الشوارع مطالبين بعودة السيدة، وطرد المسيحيين الأقباط من القرية. وأوردت الهتافات التي كانت تردد خلال تظاهر المسلمين في القرية ومنها "اجعل المسيحيين يموتون من الخوف"، "اليوم اختك، وغداً زوجتك"، "إما أن تعود، أو أن يرحلوا". وقال عدد من سكان القرية إن هناك منشورات توزع في السوق، ووسائل المواصلات، وأمام المحال المملوكة لمسيحيين تقول إنه واجب ديني أن يدافع المسلمون عن السيدة المختفية. وتابعت المنظمة في تقريرها قائلة إن أحداث العنف جرت بين يومي 19 و25 مارس الجاري، حينما قام عدد من الرجال – يعتقد أنهم من السلفيين – بإغلاق المحال ووقف أي أعمال تجارية مملوكة لمسيحيين، وظلوا موجودون في القرية لضمان عد فتح اي من محال الأقباط، وكان من يخالفهم يعتدوا عليه. ونقلت المنظمة عن صاحب أحد المطاعم قوله إنه في تمام الساعة السادسة مساءاً يوم 20 مارس، دخل عدد من الرجال بيدهم عصى المطعم وأمروه بإغلاقه، في الوقت الذي كان يجلس فيه الزبائن في المطعم. وعلى الناحية الأخرى، قال الأهالي إن قوات الشرطة فشلت في التدخل، وفي حالات كثيرة رفضت تسجيل شكاوى الأقباط، وقال أحد الأهالي للمنظمة إن مدير الامن ورئيس المباحث رفضوا تسجيل الشكاوى بحجة أنها ستشعل الوضع ولن تاتي بفائدة، ناصحين الأهالي باتخاذ طريق المصالحة. وفي يوم 25 مارس، توجه عدد المصلين المسلمين صوب كنيسة مارجرجس والقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف بداخل الكنيسة، لكن العمالين بالكنيسة نجحوا في احتواء النيران، وبعد وصول قوات الشرطة تم احتواء الموقف. وفي مساء اليوم ذاته، تم إحراق سيارة البابا شنودة صابري أثناء تواجدها أمام منزله، بينما لم تمس أي سيارة مجاورة بأي أذى. وعلى الرغم من كل ذلك، لم يتم القبض على أي شخص، ولم يتم فتح التحقيقات لمعرفة من المسؤول عن أحداث العنف التي جرت. ومن جانبها قالت حسيبة هادج صهروي، نائبة المدير الإقليمي للمنظمة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "المسيحيون الأقباط في مصر يتعرضون للتفرقة في القانون والممارسة، وهم ضحايا الهجمات الطائفية، في الوقت الذي تتعمد في السلطات غض البصر عما يحدث". وفي مساء يوم 25 مارس عقد كبار المسلمين والاقباط اجتماع للمصالحة تم على أثره الاتفاق بالسماح لمحال المسيحيين بالعمل، وإذا لم تعد السيدة المختفية حتى يوم 24 إبريل المقبل سيتحمل المسيحيون عواقب وخيمة. وأردفت المنظمة أن وضع الأقباط لم يتحسن بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، فخلال فترة حكم المجلس العسكري تعرضوا ايضاً لعدد من الهجمات من قبل مسلمين متشددين، كما أنه في عهد الرئيس المصري محمد مرسي يعاني الأقباط من الهجمات المتكررة على كنائسهم ومبان تابعة لها مثلما حدث في بني سويف، الفيوم، أسوان بالإضافة إلى قرية واسطة. وانتقدت طريقة تعامل الشرطة مع الأزمات الطائفية المتكررة بتفضيلها المصالحة عن محاكمة الجناة والمعتدين. والمحت المنظمة إلى أن المسيحيين منعوا من بناء الكنائس في عهد مبارك والمجلس العسكري، والكنائس التي تبنى كانت سرعان ما يتم إغلاقها بدعوى عدم حصولها على تراخيص. وتابعت حسيبة "هذا التوقيت هام جداً لاتخاذ السلطات الإجراءات اللازمة لإنهاء العنف الطائفي، الحكومة المصرية مسؤولة عن حماية شعبها، والرئيس مرسي زعم أنه رئيس لكل المصريين، والآن عليه أن يتخذ الاجراءات الكافية لإنهاء هذا العنف الطائفي واجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة المسؤلين عن إشعال الموقف".