انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 3070 جنيهًا    المؤتمر الدولي للنشر العربي يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشرية    رؤساء شركات التوزيع يستعرضون خطط القضاء على سرقة التيار باجتماعات القابضة    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    اسقاط 5 طائرات جوية بدون طيار فوق البحر الأحمر    الجيش الجزائري: القضاء على إرهابي في عملية عسكرية غربي العاصمة    شبانة: الزمالك يحتاج للتتويج ببطولة تشعر لاعبيه بجماهيرية النادي وحجم الانتصارات    السعودية تصدر بيانا بشأن حادث مطار الملك خالد الدولي    الجيش الأمريكي "يشتبك" مع 5 مسيرات فوق البحر الأحمر    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    مواعيد مباريات اليوم لمجموعة الصعود ببطولة دوري المحترفين    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    تكلف 3 ملايين دولار.. تفاصيل حفل زفاف الملياردير الهندي في الأهرامات    مواعيد مباريات اي سي ميلان المتبقية في الدوري الإيطالي 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل عامر يكتب : نطالب بمحاكمة مبارك وحكومة السابقة وحزبه بتهمة الحنث باليمين
نشر في المراقب يوم 09 - 03 - 2011

كان المشهد السياسي المصري السابق يتميز بالكثير من الانتهاكات الدستورية والقضائية والأخلاقية التي أصبحت قريبة إلى الظلم والاستعباد للفرد الذي يعتبر القيمة العليا في أي نظام سياسي ديمقراطي الذي يكون المجتمع المدني وهو صاحب السلطة التي فوضها لمن هو في أعلى قمة هرم السلطة ليحكم بالعدل والأنصاف وليحافظ على كرامة وحرية المواطنين في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والقضائية والاجتماعية إلا أن ما مؤجري في ظل حكم مبارك وحكومته وحزبه وأسرته هو انتهاك لمبدأ الحريات المدنية الأساسية للمواطنين بكافة أوجهها الذي من المفروض به دستوريا أن يكون حافظا لهذه الحقوق من الانتهاك والتعسف والظلم الذي تعرض له أبناء الشعب المصري في عهدة وكان دافعا لثورة الشعب علية وإسقاطه والتي شكلت أكبر خطيئة في تاريخ الدولة المصرية اتجاه أبنائها عندما تم الحنث باليمين الدستورية التي أقسم بها هو وحكومته وفق لنص المادة (79) فإن ( يؤدى الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الآتية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ").أذن فإن رئيس الجمهورية، وقبل أن يباشر مهامه الدستورية، ينبغي أن يؤدى هذا اليمين القانونية التي تتضمن التزاما دستوريا وقانونيا بالواجبات الأربعة الآتية:
1- أن يحافظ مخلصا على النظام الجمهوري. 2- أن يحترم الدستور والقانون. 3- أن يراعى مصالح الشعب رعاية كاملة. 4- أن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه.(اده (وخيانة القسم الدستوري تشكل مخالفة كبيرة لما أتت به الأديان السماوية والقوانين الوضعية التي صاغها الإنسان وشرعها منذ نشوء الحضارة المدنية على مر العصور حتى يومنا هذا التي كونت التأريخ السياسي- البشري التي نظمت العلاقة ما بين السلطة والمجتمع
فكيف حنث مبارك اليمين الدستوري
طوال السنوات القليلة الماضية، استنهضت القوى الوطنية المصرية قوتها، وعبرت عن نفسها في عدة حركات شعبية جديدة ، حملت هموم المصريين وأحزانهم، وطول شوقهم للتغيير السياسي والاجتماعي ، والتصدي لنظام حكم لم تشهد مصر في تاريخها الطويل مثيل له من حيث احتقاره لمطالب المواطنين ، والتقليل من قيمة وأهمية الرأي العام ، والتوغل دون رحمة على بقية السلطات والصلاحيات، سواء كانت سلطة قضائية أو تشريعية ، واستأثر بكل السلطات رجل واحد تربع على عرش السلطة في البلاد ، دون سابق تأهيل أو خبرة ، أو تاريخ من العمل الوطني المشهود. ومارس على مدار كل تلك السنوات سياسات القهر والاعتقال لعشرات الآلاف دون وازع من ضمير، وأغتصب السلطة عادة مرات عبر انتخابات مزورة، وأقصى كل المعارضين الشرفاء لسياساته، ولم يتورع عن سجن أحد أهم قادة حرب أكتوبر وقائده السابق في القيادة العامة للقوات المسلحة، الفريق الركن سعد الدين الشاذلي، ووصل الأمر به إلى ممارسة جرائم اغتيال ضد أفراد مثل المجند الشاب "سليمان خاطر" وغيره. مما كان دافعا لقيام ثورة الشعب في 25 يناير وسقوطه في الحادي عشر من فبراير 2011وبقدر إهمال وتجاهل السيد رئيس الجمهورية لكل دعوات المحاسبة والإصلاح، بل وتورطه من جديد في التلاعب الفج والفاضح في الاستفتاء المشهود على تعديل المادة (76) من الدستور ،واستخدام أساليب البلطجة وتعريض أمن المواطنين للخطر، من خلال استخدام تلك الوسائل تحت سمع وبصر رجال الأمن والشرطة يوم الخامس والعشرين من مايو عام 2005، والذي سجلته بالصوت والصورة عدسات الصحافة والإعلام الدولي والمحلى، والثابت باليقين خاصة ما جرى أمام مبنى نقابة الصحفيين. حيث تنص المادة (79) من الدستور على: (يؤدى الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الآتية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه").ولما كانت هناك شواهد متعددة وأدلة ثبوتية حول حنث هذا الرئيس بهذا القسم من حيث:
1- محاولات الخروقات الدستورية المتعددة لتوريث الحكم لنجله، بما يمثل تهديدا للنظام الجمهوري.
2- تكرار عدم احترامه للدستور والقانون في مواقف عديدة مما يمثل حنثا باليمين.
3- التأكد عبر ربع قرن من حكمه عدم رعاية مصالح الشعب، بل حرصه المشكوك في نزاهته على مصالح رجال المال والأعمال وبيع الممتلكات العامة وتربح أقرب المقربين منه من عمليات البيع، والتلاعب في ديون مصر والسماح لأحد أبنائه بشراء تلك الديون وإعادة بيعها للحكومة، مما يمثل خرقا للمادة (95) من الدستور، وكذا إهماله الجسيم في أكثر من كارثة وتعامله برعونة مع المصائب التي أضرت بالفقراء وحدهم، وأخرهم قضية عبارة الموت (السلام 98) وسالم اكسبريس وغيرها.
4- وفيما يتعلق الحفاظ على استقلال الوطن، فان شواهد السياسات التي أتبعها هذا الرئيس قد أسلمت استقلال الوطن دون شبهه واحدة إلى الولايات المتحدة، وعززت من قوة إسرائيل الاقتصادية والعسكرية وغيرها، وليس أقلها تفريطه في الأمن القومي المصري وذلك بإهمال تعزيز القدرات الذاتية للقوات المسلحة المصرية، التي تحولت كل ترسانتها الحربية إلى مصدر واحد ووحيد هو الولايات المتحدة الأمريكية، مما شل أي قرار استراتيجي مصري بعمل تعرضي، إذا ما تعرضت البلاد لمخاطر من حدودها الشمالية الشرقية أو من غيرها، وكذا مطالبته الولايات المتحدة وقواتها العسكرية المحتلة لبلد عربي هو العراق من الاستمرار في احتلال هذا البلد مما يعد خرقا فاضحا لكل المواثيق المصرية والعربية والدولية التي تنهى أن استخدام القوة في حل المنازعات وتعتبر الاحتلال لأراضى الغير عمل من أعمال العدوان، ومن ثم فان تصريح هذا الرئيس العلني وأكثر من مرة، بضرورة استمرار هذا التواجد العسكري الأمريكي المخالف للشرعية الدولية وبالمخالفة للقانون الدولي، تدخل في دائرة التجريم الدولية، وتضعه في دائرة الخيانة العظمى.
5- وزاد الأمر التلاعب بقضايا تمس بشكل مباشر وتهدد النسيج الاجتماعي التاريخي لمصر، لدواع ومتطلبات قصيرة النظر، مثل استخدام أو التغاضي عن الاحتقان الطائفي في البلاد والذي تكرر عشرات المرات في عهده من أجل التمديد لقانون الطوارئ. ولما كانت المادة (85) من الدستور تنص على الآتي: (يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس. ويقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل في الاتهام. وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب . وإذا حكم بإدانته أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى ) . ولما كان:
1- أن إقدام رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية التي يترأسها قد داومت على تزوير الانتخابات للحفاظ على نصاب الثلثين بما يضمن خروج نص الاتهام من حيز الممكن سياسيا وعمليا، وهو ما يشكل جريمة لا تسقط بالتقادم وهو جريمة تزوير إرادة الأمة.
2- ولما كان الرئيس وسلطته التنفيذية، وأغلبيته المصنوعة في المجلس التشريعي قد امتنعت طوال الربع قرن من حكمه عن إعداد وإصدار قانون محاكمة الوزراء أو رئيس الجمهورية، وأصول المحاكمة وتنظيم المحكمة المختصة وتعيين قضاتها، مما يندرج في باب إنكار العدالة أو التهرب من توفير شروطها.
3- ولما كان هذا الرئيس قد أمتنع عن تعيين نائبا له طوال الربع قرن من حكمه –لأسباب أصبحت معلومة للكافة الآن– بما يحول عمليا وسياسيا من إجراء محاكمته لغياب النص عن الجهة التي سيؤول أليها الحكم مؤقتا أثناء محاكمة الرئيس.
لكل هذا فإنني أهيب بالنائب العام أن يحرك الدعوي الجنائية بالإضافة لما هو معروض علي معاليكم من اتهامات أخري تهمة حنث مبارك وحكومته باليمين الدستوري
المفهوم الدستوري لجريمة "الخيانة العظمى"
اعتاد العقل المصري – وربما العربي – في تعامله مع القضايا العامة، على الخلط بين الانطباعات الشخصية – من مشاعر حب أو كرهه – والتقييم الموضوعي المبنى على حسابات الظروف والدوافع والبيئة المحيطة بكل موقف أو قرار. وبسبب من هذه الطبيعة الغالبة في حياتنا، تاهت في الكثير من الأحيان، معان حقيقية في تقييم الأداء أو تقدير نتائج السياسات العامة. وقد آن الأوان، أن نتأمل هذه الحالة العقلية، ونقاومها داخلنا، من أجل تصحيح مسار أدائنا الاجتماعي والسياسي، وقبل كل هذا وبعده مفاهيمنا الثقافية.
مفهوم "الخيانة" بين الأخلاق والقانون
إذا كانت جريمة "الخيانة"، من الجرائم والسلوكيات المرذولة على المستوى الإنساني والشخصي في حياتنا عموما، سواء في صور الخيانات الزوجية، أو خيانة الأمانة، أو حتى خيانة قيم ومعايير الصداقة، فإن العقل القانوني الحديث، قد نقلها من إطارها الشخصي المجرد إي الإطار العام، وذلك بالنص على تجريم بعض تلك الأشكال والممارسات، طالما توافرت شروطها الموضوعية والمتعارف عليها في علم التجريم والعقاب، وبأركانها المادية والمعنوية. وقد أفاض رجال الفقه والتشريع والقضاء في تأصيل بعض هذه الأركان والشروط الواجب توافرها حتى يتحقق لها توصيف الجريمة ويقع بشأنها حكم الجزاء والعقاب. وقد أنتقل مفهوم "الخيانة" من حقل الخاص إلى حقل العام ومجال السياسة، عبر تاريخ طويل من الجدل والنقاش حول المعنى والشروط الواجب توافرها في جريمة "الخيانة" في حقل السياسة، خاصة وأن سلوك المسئولين أو القادة السياسيين ينطوي في الكثير من الأحيان على استخدام مكثف ومتنوع لأدوات العنف أو القوة سواء في المجال الداخلي أو حتى في العلاقات مع الدول الأخرى. وفى الوقت نفسه فإن هذا الاستخدام للسلطة power يتطلب درجة من الحماية والحصانة حتى يؤدى الفعل دوره في إدارة شئون المجتمع والدولة ، وهو ما ابتدعته مدرسة القانون اللاتيني ومجلس الدولة الفرنسي في عهد "نابليون بونابرت" تحت مسمى "نظرية أعمال السيادة" التي تحصن قرارات رئيس الدولة من مجال المساءلة ومن مجال النزاع القضائي في الكثير من الأحيان. وقد غالى مجلس الدولة الفرنسي counsel d,etate في بداية عهده في إضفاء هذه الحصانة على قرارات "نابليون" خوفا من بطشه، مما أدى لشيوع مفهوم غير صحيح – وفقا لاتجاهات الفقه الدستوري الحديث خاصة في فرعه الأنجلو – سكسونى – بشأن استحالة محاكمة الرئيس الأعلى للدولة عن كثير من الأخطاء والجرائم التي قد تقع في عهده ، ويكون مسئولا عنها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ولعلنا نتذكر ما جرى للرئيس "ريتشارد نيكسون" عام 1974 واستقالته تجنبا لتقديمه للمحاكمة في جريمة "ووترجيت" الشهيرة، التي يعد الجرم الذي أرتكب فيها لا يشكل واحد على مليون مما يرتكبه رؤساء الجمهوريات والملوك في بلداننا العربية ومنها مصر طبعا. وكذا ما جرى مع الرئيس "بيل كلينتون" عام 1996 وكاد يعصف بفترة رئاسته بسبب علاقاته الغرامية، وما قيل حول كذبه في شهادته المسجلة أمام لجنة من أعضاء الكونجرس الأمريكي. ومن هنا جاء توصيف جريمة "الخيانة العظمى" باعتبارها مجال ونطاق الاتهام الوحيد الذي يمكن أن يوجه إلى رئيس الدولة، والتي ارتبطت في أذهان عامة الناس بأنها تندرج في إطار التجسس أو التعاون مع الأعداء، أو نقل معلومات إلى العدو أو الإضرار بمصالح الدولة العليا. والحقيقة أن الالتباس الحادث فعلا حول تلك المفاهيم والممارسات السياسية والسلوكية تؤدى إلى التخبط وعدم الوضوح في توجيه الاتهام مثل:
-تعريف المصالح القومية العليا وما هي الجهات المناط إليها تحديد هذه المصالح.
-التفرقة بين التعاون مع العدو أو توقيع أتفاق سياسي أو معاهدة تنهى حالة الخصومة أو أصل النزاع.
-التجسس مع دولة معادية أو خلق قنوات سرية بمعرفة الجهات المختصة وتحت إشرافها .. الخ.
وهذه كلها معاني ومفاهيم غامضة وملتبسة، بحيث لا تصمد بعض دعائمها أمام مقصلة الاتهام. وإلا فكيف نقيم إقدام الرئيس السابق "أنور السادات" على زيارة إسرائيل في نوفمبر من عام 1977، وقبلها بشهور طويلة يجرى محادثات سرية مع قادتها في المغرب، ونحن ما زلنا في حالة حرب معها، وتقوم قواتها باحتلال الأراضي المصرية والعربية، أليس ذلك بالمعنى الدستوري المجرد يندرج في توصيف "الخيانة العظمى"، ولكنه بالمعنى السياسي قد خلع عليه توصيفات "بطولية" من أعضاء مجلس الشعب المنتمين للحزب الحاكم ومن بعض قطاعات السكان في ذلك الحين. وكذلك كيف نصف قيام السادات بالاتصال السري بوزير الخارجية الأمريكي "هنري كيسنجر" وإرساله رسالته الشهيره إليه يوم الأحد 7 أكتوبر عام 1973، وفى أثناء إدارة العمليات الحربية، والتي يخطره فيها – وكذلك يخطر إسرائيل عبر كيسنجر – بأنه لا ينوى (توسيع نطاق الحرب ..!!) وهو ما كان يجرى التأكد منه من جانب إسرائيل والولايات المتحدة لحظة بلحظة من خلال الطلعات الجوية والأقمار الصناعية الاستطلاعية، ألا يندرج ذلك في توصيف جريمة نقل معلومات والتخابر مع العدو، وكشف نوايا القيادة السياسية والعسكرية المصرية تجاه خط سير العمليات واتجاهاتها. وبرغم ذلك لم يقدم السادات للمحاكمة بتهمة "الخيانة العظمى"، بل وجد بعض العملاء والساقطين فكريا من أمثال مديري بعض مراكز الأبحاث المشبوهة في بعض الصحف المصرية الصحفيين الذين خلعوا على الرجل صفات الدهاء والعبقرية والذكاء بمثل هذه التصرفات .. !! أذن في هذه المنطقة الرمادية بين السياسة والقانون ، غالبا ما تتوه الحقيقة ، وتغيب المسئولية الجنائية والدستورية تحت زعم "أعمال السيادة" أو متطلبات السياسة والمصلحة العليا.
الدعائم الدستورية لجريمة "الخيانة العظمى"
كيف نقيم أذن دعائم ارتكاب جريمة "الخيانة العظمى" على أساس من الدستور والقانون؟ وما هي أركانها المادية والمعنوية؟فإذا كان من الصعب – إن لم يكن من المستحيل – إقامة دعوى "الخيانة العظمى" على رئيس الدولة في بلد ما استنادا على تقييم لبعض سياساته المتبعة، نظرا لتواضع مستوى الوعي السياسي العام، وتضاؤل نسب المشاركة السياسية، وتواضع الاهتمام بالقضايا العامة لدى القطاع الأوسع في البلاد، فإنه يمكن من ناحية أخرى تأسيس دعائم الاتهام على مرتكزين أساسيين يتوافر في حال وجودهما أركان المسئولية الجنائية لجريمة "الخيانة العظمى" بشقيها المادي والمعنوي وهما:
الأول: مدى التزامه نصا وروحا بالقسم الدستوري الذي تولى على أساسه مسئولية المنصب.
الثاني: ارتكابه فعل أو عمل من شأنه إنكار العدالة أو تعويق تحقيقها.
وفى حالتنا المصرية سوف نعتمد على ما توفره المادتين (79) و (85) من الدستور المصري باعتبارهما مرتكزا لهذه المسئولية السياسية والجنائية لجريمة "الخيانة العظمى" في حق الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك. ووفقا لنص المادة (79) فإن ( يؤدى الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الآتية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ").أذن فإن رئيس الجمهورية، وقبل أن يباشر مهامه الدستورية، ينبغي أن يؤدى هذا اليمين القانونية التي تتضمن التزاما دستوريا وقانونيا بالواجبات الأربعة الآتية:
1- أن يحافظ مخلصا على النظام الجمهوري. 2- أن يحترم الدستور والقانون. 3- أن يراعى مصالح الشعب رعاية كاملة. 4- أن يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه. وتضيف المادة (85) واجبين إضافيين على عاتق رئيس الجمهورية حيث تنص على ( يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ويقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام ، ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل في الاتهام، وتكون محاكمة رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة ينظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها ويحدد العقاب ,وإذا حكم بإدانته أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى ).
ومن ثم فقد أضافت هذه المادة وألزمت رئيس الجمهورية بواجبين إضافيين هما:
5- أن يعين نائبا لرئيس الجمهورية ليتولى الحكم أثناء محاكمة الرئيس.
6- أن يعمل على إصدار قانون محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء ونظم تشكيلها والإجراءات المتبعة أمامها . الخ.
والسؤال الآن ... من أين تنشأ أركان المخالفة وتقوم أركان جريمة "الخيانة العظمى" في حق الرئيس المخلوع
لقد استقرت الدول والحكومات المتحضرة على آليات في العمل السياسي – المرن بطبعه وضروراته – تتواءم وتتناسب مع الأطر الدستورية والقانونية – البطيئة التغير بطبيعتها – وألا تحولت السياسة وأفعال رجال السياسة وقراراتهم، إلى أهواء شخصية ومزاجية، تهدف إلى خدمة جماعة، أو جماعات دون بقية الفئات، وهو ما يعد انقلابا على الدستور والقانون هذا التوازن المطلوب بين السياسة وتغيراتها، والقانون وقيوده هو الذي يحفظ للمجتمعات المتحضرة تماسكها، ويضمن لها آليات مؤسسية لعملية اتخاذ القرارات أو صنع السياسات، وهو ما يطلق عليه بحق "دولة القانون" أو "دولة المؤسسات"، نقيضا لدولة الفرد الواحد أو العائلة الواحدة أو الجماعة الواحدة. في حالتنا المصرية خرج القرار السياسي في الكثير من الأحيان عن الإطار الدستوري أو القانوني الحافظ له ، فأصبح يعبر عن رغبات شخص الرئيس أو عائلته أو الحلقات الضيقة المحيطة به من رجال مال وأعمال أو عسكريين، سواء كان ذلك في قرارات سياسية تؤثر على مستقبل البلد وتحالفاته الإقليمية والدولية، أو في صورة قرارات اقتصادية تنعكس على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية المباشرة لقطاعات واسعة من السكان. وبالنظر لغياب آلية سياسية ديمقراطية حقيقية ترتب حسابا سياسيا للرئيس والحزب المنتمى إليه من قبيل:
-غياب انتخابات نزيهة وشفافة وتحت إشراف حقيقي وكامل من القضاء المصري ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية. -وبالتالي غياب وانعدام أي فرصة للتداول السلمي للسلطة. -وبالمقابل زاد استخدام النظام لوسائل القمع والتعذيب الوحشي داخل السجون وفى أقسام الشرطة ضد المعارضين وكذا آحاد الناس. كل هذا أدى عمليا إلى انعدام فرص المحاسبة السياسية لسياسات الرئيس وهو في ظل السلطة أما ألان فأصبحت محاكمته سهلة بعد وقف العمل بالدستور وخلعة من عرش مصر ، والمتمثلة في إمكانية تغيير الحكومة والنظام عبر "صناديق الانتخابات"، فلم يبق للناس سوى إجراء هذه المحاكمة للرئيس وسياساته على أرض النص الدستوري ذاته وفى الأطر القانونية الملزمة. فلنأخذ أذن هذه الواجبات الدستورية المناط إلى رئيس الجمهورية، ونقارنها بأداء الرجل خلال فترة حكمه الطويلة التي امتدت لأكثر من ربع قرن كامل.
1- فإذا توقفنا عند الواجب الملقى على عاتق الرئيس باحترام الدستور والقانون، نجد أن هناك الكثير من القرارات والسياسات والمواقف التي تتناقض مع الدستور وتمثل انتهاكا فاضحا وإهدارا واضحا له، فسياسة الخصخصة وبيع ممتلكات القطاع العام بتلك الصورة المشبوهة تتعارض تماما مع نصوص المواد (24و 30و 33) حيث تنص المادة (24) على (يسيطر الشعب على كل أدوات الإنتاج، وعلى توجيه فائضها وفقا لخطة التنمية التي تضعها الدولة). أما المادة (30 ) فتنص على (الملكية العامة هي ملكية الشعب وتتأكد بالدعم المستمر للقطاع العام، ويقود القطاع العام التقدم في جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية في خطة التنمية). وفى المادة (33) تنص على (للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون باعتبارها سندا لقوة الوطن وأساسا للنظام الاشتراكي ومصدرا لرفاهية الشعب). وكما هو واضح فان هذه النصوص تتعارض تماما مع السياسات الجارية منذ عام 1991، والفضائح المالية المصاحبة لعمليات البيع لهذه الأصول العامة، والتي يستفيد من ورائها كبار المسئولين وأبناءهم وزوجاتهم، وليس أخرها فضيحة بيع "عمر أفندي" . فأما أن يكون هذا الرئيس مخالفا للدستور، ولا يقيم له وزنا أو احتراما، أو كان الأجدر به ولجماعته وعائلته أن يقوم بتقديم تعديل لهذه المواد الدستورية، واستفتاء الشعب عليها، حتى تصير سياساته في الخصخصة صحيحة ومسايرة للدستور والقانون. هذا الإجراء المادي المباشر من جانب الرئيس، الذي يتولى السلطة التنفيذية ويمارسها على الوجه المبين في الدستور (المادة 137) يشكل بوضوح أحد الأركان المادية في جريمة "الحنث باليمين" و"عدم احترام الدستور والقانون" وهى أحد عناصر جريمة " الخيانة العظمى".
2- أما واجب المحافظة – مخلصا – على النظام الجمهوري، فان ما تأكد من منح صلاحيات – دون مسئولية – خارج نطاق الدستور لنجله (جمال مبارك) والسعي والترتيب الحثيث والتلاعب بمواد الدستور (وأخرها التعديل المبتور للمادة 76) من أجل تمهيد الطريق لتوريث نجله وقطع الطريق على من عداه، يمثل إهدارا خطيرا لهذا الواجب المنصوص عليه، كما أن التهرب وأبنائه من تقديم إقرار واضح وشفاف ومعلن على الرأي العام المصري، بشأن حجم ثرواتهم ومصادر هذه الثروة الهائلة والمغموسة بشبهة "استغلال النفوذ " وممارسة أشكال من الأنشطة الاقتصادية والمالية المحظورة دستوريا – مثل متاجرة أبنه في ديون مصر – وغيرها من الممارسات التي ينبغي أن تضطلع بحصرها لجان متخصصة في كافة مصادر النشاط والثروات، كل هذا يمثل أيضا أحد عناصر قيام الركن المادي والقصد الجنائي لجريمة " خيانة الأمانة " والحنث باليمين وعدم احترام الدستور.
3- أما واجب " مراعاة مصالح الشعب رعاية كاملة " فإن مسار ونتائج السياسات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية وغيرها التي أتبعها الرئيس حسنى مبارك طوال الربع قرن الماضي، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، مقدار تحيزه المطلق لفئة واحدة وجماعة وحيدة في المجتمع المصري، إلا وهى جماعة رجال المال والأعمال ، ومشاركته إياهم في الآمال والأحلام، سواء كانت أحلام اليقظة أو المنام ، فقد كنا أمام رئيس ينتمي بالمطلق لهذه الجماعة دون بقية فئات الشعب ، لذا فإن انخراط مجموعات متخصصة في مجال الاقتصاد والاجتماع الشئون الصحية والتعليمية وغيرها في دراسة نتائج تحيز هذا الرئيس والأضرار التي لحقت بأغلبية الشعب المصري من جراء سياساته سوف نستخلص نتيجة واحدة إلا وهى عدم التزام هذا الرئيس بواجب "رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة" ومن ثم حنثه باليمين الدستورية.
4- وبالنسبة لواجب "المحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، فإن الأمر يقتضى التعرف بداية على معنى ومضمون هذا المصطلح أو التعبير، بالنظر إلى طبيعة هيكل وميزان القوى العالمية خاصة بعد إنفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي، بحيث أصبح واجب الحفاظ على استقلال الوطن من المرونة والغموض، وهو ما ينبغي إيجاد محددات أساسية لهذا التعبير. وهنا فإن مراجعة دقيقة لممارسات هذا الرئيس في مجالات مثل:
- التعاون الاستخباراتى مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية ونطاقه وحدوده.
- استخدام القاهرة وأجهزة أمنها كمراكز للتعذيب والاستجواب لصالح أللأجهزة الأمريكية.
- التعاون الاستخباراتى مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والتعرف كذلك على حدوده ومجالاته.
- الانصياع الكامل لمطالب الولايات المتحدة – وأحيانا إسرائيل – في قضايا تتعلق بالقضية الفلسطينية والعراقية وغيرها.
- تحول مركز توريد السلاح وقطع الغيار للقوات المسلحة المصرية من مراكز متعددة إلى مركز واحد ووحيد هو الولايات المتحدة، وربط القدرات العسكرية المصرية بمبالغ الدعم والمعونة العسكرية الأمريكية (من 1200 مليون إلى 900 مليون سنويا خلال الفترة الممتدة من عام 1979 وحتى اليوم ) بما يمثله ذلك من تهديد مباشر على قدرات هذه القوات في حماية أمنها القومي ، خاصة إذا تعرضت مصر لتحرشات من حدودها الشرقية (إسرائيل) وهو ما يضع هذه القوات في نفس الموقف الذي فرضته بريطانيا على مصر وبقية الدول العربية عام 1948 وقطعت فيه المعدات وقطع الغيار عن القوات العربية أثناء الهدنة الأولى ) كل هذه المسائل تضع علامات استفهام حقيقية حول المخاطر والأضرار التي لحقت بمصر والإقليم العربي– الذي يمثل العمق الاستراتيجي والحيوي لمصر وأمنها الوطني المباشر – من جراء هذه السياسات التي أتبعها المخلوع مبارك ،
5-أما الواجبان الإضافيان اللذان فرضهما على الرئيس نص المادة (85) وهما: - تعيين نائب لرئيس الجمهورية.
- وإصدار قانون محاكمة الرئيس والوزراء. فهما واجبان إلزاميان ، وليس كما ذهب البعض باعتبار هما واجبان جوازيان، ذلك أن تعيين النائب إذا كان جوازيا وفقا لنص المادة (139) من الدستور فإنه يصبح إلزاميا وفقا للاختصاص الدستوري الذي خص به الدستور (النائب) وفقا للمادة (82 ) والمادة (85 ).
فالمادة (82 ) تنص على (إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية). أما المادة (85) التي سبق وأوردناها في صدر هذه المقالة فقد خصت النائب ( بتولي المسئولية أثناء محاكمة الرئيس بتهمة الخيانة العظمى). ومن ثم فان تعيين النائب هي من ألزم واجبات الرئيس وليست مسألة جوازيه كما يدعى بعض مفسري السلطان..!! وبالتالي فإن إخلال الرئيس طوال ربع قرن من توليه المسئولية بهذا الواجب يعتبر إخلالا بالدستور يستوجب المساءلة والمحاسبة القانونية والدستورية للرئيس المخلوع. وكذلك فان نص الفقرة الثالثة من المادة (85) تلزم رئيس الجمهورية – دون سواه – بالعمل من أجل إصدار قانون محاكمة الرئيس المخلوع وطريقة تشكيل المحكمة وإجراءات المحاكمة ، وتقاعس الرئيس طوال هذه الفترة عن إصدار مثل هذا القانون يمثل إخلالا إضافيا بواجباته الدستورية ويشكل جريمة "الحنث باليمين".لكل هذه الأسباب ، فإن توافر الأركان المادية لجريمة "الخيانة العظمى" محققة، وتكتمل أركان الجريمة بتوافر القصد من إهمال الرئيس القيام بهذه الواجبات الدستورية عن عمد ، وهو ما عكسته بوضوح عملية التلاعب بتعديل المادة (76) من الدستور من أجل الالتفاف على واجب الحفاظ على النظام الجمهوري ، وسد كل الطرق الدستورية لتداول سلمى للسلطة وتكريس سلوك "توريث" منصب الرئيس إلى نجل الرئيس المحاط بشبهات جريمة "استغلال النفوذ"، وهى كلها أسباب ودواعي تؤكد قيام الأركان القانونية لجريمة "الخيانة العظمى" في حق الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك
أما عن وزرائه السابقين
يبدأ أي وزير عند توليه الوزارة و وفقا للدستور المصري، حلف اليمين أمام السيد رئيس الجمهورية بقوله:
" أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام الجمهوري و أن أحترم الدستور والقانون، و أن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، و أن أحافظ على استقلال الوطن و سلامة أراضيه ".و بنظرة بسيطة للقسم نجد أنه ينطوي على الاتى : 1- المحافظة على النظام الجمهوري . 2- احترام الدستور و القانون. 3- الرعاية الكاملة لمصالح الشعب . 4- المحافظة على استقلال و سلامة أراضى الوطن. و لعل من الشواهد و التصرفات التي نراها جميعا نصب الأعين، نرى أن البند الأول لا أحد يختلف عليه و الكل و الحمد لله يحافظ على النظام الجمهور يقدر استطاعته و هذا أمر نحترم فيه التزام الجميع به و بالقسم العظيم. أما عن البند الثاني فحدث ولا حرج ، فكم وزير اصدر قرارات مخالفة للقانون، و كم وزير قام بمخالفة القانون و قام بالتباهي بأنه لا يهمه هذا القانون انه فعل ما فعله و انتهى من الفعل و على الجميع الطاعة وإلا الويل والثبور و عظائم الأمور ، لو تذكر أي وزير هذا القسم إن كان في نفسه إيمان لكان غير ما وصل إليه بعضهم في عدله وحكمه . ولا أود أن اسمع من كائن من كان أن السياسي بقواعد الممكن يسمح له بحنث اليمين ، و يعلم الجميع أنه تم محاكمة اكبر رئيس دوله في العالم لأنه حنث اليمين و كان محاكمته أمام العالم كله الرئيس كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية و لعل الجميع يتذكر هذا . أما عن البند الثالث في القسم فهو متصل بسابقه و لعل الحكم هنا للشعب وليس للوزير فيه عندما يشعر الشعب بمدى ما توفر له من خدمه جيدة و وصوله إلى حقه كاملا غير منقوص في إطار إحساسه بآدميته وليس الوزير خصما له اعتقد أن هذا كافى للحكم على الوزير في مكانته بين الناس و مدى الرضا عنه، ولا يغيب عنا أن الرضا من الناس كلها على شخص معين أمر مستحيل ، ولكن الرضا المنشأ عن أهل الخير و أهل الفضيلة لا الرضا المنشأ عن أهل الشر وأهل الرذيلة ، فأهل الشر يحبون الأشرار و يكرهون الأخيار ، و أهل الخير يحبون الأخيار و يكرهون الأشرار . أما عن البند الرابع فليس الوزير وحده هو الذي يحافظ على سلامة و استقل الأرض الوطن فهو يقسم به و نحن جميعا أفراد الشعب نقسم معه ، إننا نموت ومات منا الكثير في سبيل ارض الوطن وسلامته ، و ما خاضه الشعب عبر السنين لأكبر دليل على قيام الشعب بالدفاع عن الوطن و الجهاد في سبيله بشكل يدعو إلى الفخر ، و ما نلفت النظر إليه أن المحافظة على أرض الوطن و سلامته من الخارج و الداخل معا ولن نقصرها على العدو الخارجي ، أنما حمايتها وصيانتها من أعداء الداخل الذين يتاجرون فيها و يعبثون في مصلحة البلاد . و أصبح يتردد حاليا الحاجة إلى قانون لمحاكمة الوزراء ، فقد حصلوا على كل شئ من جاه و دخل و مكانه أدبيه و أرتفع قامتهم كالقضاة و أصبح كل وزير في محل وزارة قاضيا يحكم بما انزله الله و بالحق ولا يضل عن سبيل الله و لا يظلم احد ، عندها لم نسمع ما نسمعه ولن تأتى الجهات الرقابية المختلفة بكم المخالفات التي ارتكبها وزيرا ما أثناء توليه الوزارة ، ولا تستر من وزير على فساد ، أن القاضي الذي نكن له كل احترام و مكانته في نفوسنا يأبى نفسه إن يضل في تطبيق القانون و يحاسب على انه اخطأ و بدون قصد فما بالنا و إن هناك من الوزراء ما يخالف القانون بقصد و يضرب به عرض الحائط ، أعتقد مثل هؤلاء لا يستحقون منا اى احترام و محاكمتهم أمرا واجبا ، و لو تذكر أي وزير القسم الذي بموجبة تقلد مقاليد الأمر، وكان في نفسه إحساس بالحلال والحرام و الإيمان بالدين لمنع نفسه من أن يقع في الرذيلة و الضلال ، كما أن المغالاة في تعظيم الشأن البشرية بشكل غير عادى جعل البعض ينظر إلى الناس على أنهم من فئات لا يستحقون حتى النظر إليهم ، و باليت كل وزير تذكر يوم أن طلب منه أن يكون وزيرا ومدى البهجة و السرور الذي أضافهم لنفسه و لأهله و عائلته ، و تذكر ما اقسم به أمام الشعب ما كان أحد قد فعلما فعله و ما كان حسابهم بمثلنا يطلب به ليل نهار ، و لكان أهل للثقة والاحترام و ما كنا نبحث عن قانون لمحاكمة الوزراء ، كما أن أمانة الكلمة تجعلني أقول للبعض من يوجه العتاب للوزراء على وقائع حدثت في وزارتهم ،كحادثة اغتصاب مدرس لطالبه مثلا تقوم الدنيا ولا تقعد و ربما نحمل الوزير في هذا الشأن جريمة فعل المدرس الذي أنخرط فيها في لحظه و ربما يفترض البعض انه يجب على الوزير أن يكون فاصلا بين المدرس و الطالبة المعتدى عليها ، فالخطأ شخصي و لا داعي للغلو الذي جعل الأمور تذهب عن مقصدها أحيانا لتصفية حسابات مع بعض الوزراء ، فلو تذكر ما أقسم به كل وزير عند توليه الوزارة من قسم يحاسب عليه أمام الله و الشعب ما كان أحدا قد حلف هذا اليمين ، و مالنا نبحث عن قانون لمحاكمة الوزراء . ضمن برنامج دعايته الانتخابية، في سياق الترويج لنفسه، باستغلال أجهزة الإعلام القومية "اسماً"، والمغتصبة غلاباً و المحوّلة "فعلاً" و إلى حين إشعار آخر إلى ملك عين لحزبه، وإذا كان مقصوده بالإعدام لأسباب سياسية، هو تنفيذ قتل إنسان بشنقه حتى الموت، أو رميه بالرصاص، أو قتله بفعل فاعل، هو الحاكم أيا كانت الطريقة . فإن الأسباب السياسية لا تبيح المعاقبة والجزاء ابتدءاً، إلا على سند من الوقائع والبينان الدالة على حياد السياسي، عن المنهج السلمي للممارسة السياسية، وارتكابه جرائم كاستخدام العنف والقوة العسكرية، للإطاحة بنظام شرعي يمثل الإرادة الشعبية للناخبين. وإذا كان ذلك هو المبرر الوحيد للمساءلة عن النشاط السياسي، ولا يسأل الناس إلحافاً أن يصدقوه، هكذا باليمين المغلّظ، إلا من قنط وأصابه اليأس من حسن الظن به وتصديق حديثه المجرّد، غير المسبوق بيمين الطلاق تارة و القسم المشدّد تارة أخرى. ولكن يبدو أنه قد فات عليه، أن للناس عقول وإفهام، و أنهم كما لا يصدقون من اشتهر بعدم الصدق، فإنهم لا يصدقون أيضاً يمين من أشتهر بحنث قسمه. تتحدث الروايات أن من سمات آخر الزمان هو تفشي الكذب ، وهذا يعني أنه أصبح زمن سوء ، فالأحاديث الشريفة ومعها الآيات المباركة قد أكدت أن ( الكذب يُخرجُ من الإيمان ) ، وهي معروف لدى العقلاء ، وقديما أي قبل زماننا هذا بقرون كان الكذب يُسقط المروءة عن الرجل ، ويُعاب عليه إذا ما خالف الحقيقة في حديثه أو أخلف في وعدٍ قطعه على نفسه ، هذا بالنسبة لعامة الناس ، أما إذا كان صاحب مركز اجتماعي ووجاهة فإن مجانبة الواقع في الحديث خط أحمر لايمكن أن يتعداه وإلا فعليه أن يتخلى عن ذلك الموقع أو تلك الوجاهة ، وإذا لم يبادر هو فإن المجتمع ينبذه ويحتقره ويدفعه إلى زاوية لم يعد فيها ذات قيمة أو وزن . لقد تغير الزمن ، وتآكلت معه الكثير من الخصال الحميدة وحلت مكانها خصال سيئة ومنها الكذب ، وبلا شك فإن ذلك يضر بثقة الناس فيما بينهم ويقلل من التفاعل الاجتماعي أو الروابط التي هي الأساس في تقدم المجتمع ، وإذا كانت تلك الخصلة مضرة لهذا الحد بين الأشخاص على مستوى العلاقات الشخصية ، فإنها سوف تأخذ أبعادا أكثر ضررا وخطورة إذا ما تفشت بين كبار القوم وساداته ورموزه السياسية التي تقود المجتمع ، ولنتصور النتائج التي تنتهي إليها الأمة ، إذا ما قادها ( كاذب ) . وقد حدثنا التاريخ أن ملوك أيام زمان ماكانوا يقطعوا وعدا أبدا إذا لم يتأكدوا من الإيفاء به ، حتى وإن كلفهم ذلك فقدانهم لممالكهم . أن الجميع يتحدث عن الفساد والمفسدين ، ويتفق غالبية السياسيين على أن المال العام ينهب من قبل الوزارات ومسئولين بشتى الطرق حني أصبح لدينا منتخبا للفاسدين باحتياطية 0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.