اثار غضب الشعب الاسرائيلي وحزن قياداته على رحيل الرئيس المصري المخلوع حسنى مبارك العديد من علامات الاستفهام والتعجب خاصة بعد ان قاد اعلاميون الدولة الصهيونية حملة كبيرة لمناصرة مبارك والحفاظ عليه فى منصبة حيث نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عددا كبيرا من مقالات الرآى لأهم وأشهر الإعلاميين والسياسيين فى إسرائيل، أكدوا فيها أنهم يشعرون بالصدمة بسبب رحيل الرئيس السابق حسنى مبارك من السلطة بشكل مفاجئ وغير متوقع بالمرة أدى إلى حدوث حالة من الارتباك والقلق والخوف غير المعلن فى إسرائيل. وكان من أبرز هذه المقالات ما نشره الإعلامى الإسرائيلى الشهير "ايتان هاربر" الذى أكد فى مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بعنوان "دموعى على مبارك" ، أن الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك شخصية لا تعوض، أن الشعب المصرى أخطأ خطاً فادحاً عندما تسرع وأصر على الإطاحة بمبارك الذى كان يحكم مصر منذ 30 عاما، مبررا ذلك بأن مبارك كان الحائط المنيع الأخير الذى يقف فى وجه انتشار الإرهاب والتطرف والإسلام الراديكالى بمنطقة الشرق الأوسط. كما أكد ريتشارد تشيزنوف الإعلامى اليهودى الشهير الذى ترأس صحيفة جيروزاليم بوست و"نيوزويك" الأمريكية وعددا من المؤسسات الصحفية أن سقوط مبارك سيعجل فى ظهور "الإسلامو فاشيست" فى منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة إذا نجح الإخوان المسلمين فى مصر بانتزاع الحكم لصالحهم، إذا لم يتمكن الجيش والتيارات السياسية والأحزاب من الحفاظ على السلطة. وأكد بنيامين بن اليعازر، وزير الدفاع الإسرائيلى السابق وعضو الكنيست الحالى، والصديق المقرب للرئيس مبارك، فى حديث له التلفزيون الإسرائيلى أن مبارك رئيس لا يعوض وقدم خدمات كبيرة لبلاده لمدة 61 عاماً، ولكن فى النهاية الجميع تخلوا عنه فى مصر، واضطروه إلى قرار التنحى الذى اتخذه فى محاولة أخيرة للخروج من السلطة "بشكل مشرف". التليفزيون الاسرائيلى حزين على الرحيل ،اهتم التليفزيون الاسرائيلي بسرد تاريخ وحياة الرئيس السابق حسنى مبارك على مدار ال30 عاما الماضية فور اعلان نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان عن تنحى الرئيس معربا عن تقديره واعتزازه بمجهوداته لتحقيق السلام على المسرح العربي وتصديه للمعارضة وخضوعه في نهاية الأمر لمطالب شعبه بالتنحي. واعتبر التليفزيون الاسرائيلي ان عهد مبارك بمثابة العصر الذهبي لإسرائيل وسرد موقع القناة "العاشرة" بالتليفزيون الإسرائيلي تاريخ حياة الرئيس مبارك الذي ولد في الرابع من مايو/ايار سنة 1928 بمحافظة المنوفية وتحديدا في قرية مصالحة . واشار التليفزيون الى ان مبارك منذ شبابه استمر في مجال عمله العسكري وفي عام 1949 بعد أن أنهى دراسته التحق بصفوف الجيش المصري وبدا يتدرج في الرتب حتى وصل عام 1964 إلى الملحق العسكري المصري في الاتحاد السوفيتي سابقا. وفي نهاية الأمر بعد انتصارات أكتوبر عين نائبا للرئيس الراحل أنور السادات. ودافعت القناة العاشرة عن مبارك بوصفه أحد أهم واكبر الزعماء العرب تأثيرا في العالم العربي والشرق الأوسط ، معتبرا أن حكم الرئيس مبارك لمصر على مدار 30 عاما كان قويا ومستقرا. ونوه التليفزيون الإسرائيلي إلى أن ما يحسب للرئيس مبارك هو أنه لم يلغ اتفاقية السلام مع اسرائيل على الرغم من الضغوط المكثفة من جانب الدول العربية لإلغاءها ، كما كان شريكا عام 1993 في مباحثات السلام السرية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وساندت القناة الإسرائيلية موقف مبارك طيلة سنوات حكمه حيال جماعة الأخوان المسلمين. وختمت القناة الإسرائيلية تقريرها بالقول: "بعد انتصار الثورة كل الأنظار متجهة الآن إلى مصر وما الذي ستنجبه وكيف سيصبح الشعب المصري من دون مبارك ". علاقة مبارك باسرائيل أكمل مبارك مفاوضات السلام التي بدأها أنور السادات مع إسرائيل في كامب ديفيد، استمرت عملية السلام بين مصر وإسرائيل حتي تم استرجاع أغلب شبه جزيرة سيناء من إسرائيل حتى لجأت مصر إلى التحكيم الدولي لاسترجاع منطقة طابا من الاحتلال الإسرائيلي إلي ان فازت مصر وتم استرجاع طابا عام 1989. فقد وصفت صحيفة ( هآرتس ) الإسرائيلية الرئيس المصرى حسنى مبارك بأنه اقرب رؤساء العالم الى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتينياهو ، وان العلاقة بينهما وثيقة للغاية على عكس ما يبدوا بأنها عادية ، حيث انهما التقيا اربع مرات ، واشارت الصحيفة الى ان مبارك يطمئن الآخرين بأن نتينياهو سيفعل الصواب فيما يتعلق بعملية السلام فى الشرق الأوسط ، وان مساحة كبيرة من الإتفاق بينهما يرجع حول تخوفهما المشترك من ايران ومد نفوزها وسعيها لإمتلاك اسحلة نووية اما على الصعيد العسكري فقد قدم مبارك لإسرائيل الكثير الكثير من خلال ترسيخه لاتفاقيات كامب ديفيد والبناء عليها والالتزام بها، ففي ضوء تحالف نظام مبارك مع إسرائيل وتنسيقه مع قادتها عملت إسرائيل على إجراء تعديلات جذرية على هيكل جيشها حيث حلت فرقاً عسكرية نظامية في قيادة المنطقة الجنوبية، وحولت فرقاً أخرى إلى فرق احتياط، وخفضت ميزانية الدفاع لمصلحة تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية، كما خففت أعباء الجاهزية القتالية عن كاهل جيشها، وخفضت سن الإعفاء من الخدمة الاحتياطية، ونقلت مركز الثقل العسكري إلى الجبهة الشمالية. وجاء التغيير الأبرز في بناء الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية منذ عام 1982 /عام الانسحاب من سيناء/ على فرضية أن إسرائيل لن تضطر بعد اليوم إلى القتال على جبهتين في وقت واحد في ظل نظام حسني مبارك.وعلى الصعيد الاقتصادي أدت سياسة الرئيس مبارك في التحالف مع إسرائيل إلى توفير مليارات الدولارات على الخزينة الإسرائيلية، من خلال بيع نظامه الغاز لإسرائيل بأسعارٍ تفضيلية لا تتجاوز كلفة الإنتاج، علماً أن إسرائيل تعتمد من استهلاكها الغازيّ بنسبة 40% على الاستيراد من مصر. وكانت آخر صفقة وُقعت مع مصر في كانون الأول 2010 لشراء الغاز المصري بقيمة 19 مليار دولار ولمدة عشرين عاماً، وبسعر نحو 3.1 دولارات للمتر المكعب الواحد، بينما يبلغ سعره في البورصة العالمية نحو 4.5 دولارات، إضافة إلى ما تكسبه إسرائيل من الخفض الهائل في أكلاف الشحن البحري الذي أتاحه فتح قناة السويس أمام الملاحة البحرية المتجهة إلى إسرائيل والصادرة عنها. اثر تحالف مبارك مع اسرائيل على العرب ومع تأمين إسرائيل لظهرها المصري في ظل تحالف مبارك معها على مدى ثلاثين عاماً، أخذت إسرائيل تهدد وتشن حروباً واعتداءات على جبهات أخرى دون أن تخشى أي رد من جانب مصر، وهذا ما حصل أربع مرات في لبنان/ اجتياح لبنان عام 1982 وعملية الحساب والعقاب عام 1993، وعملية عناقيد الغضب عام 1996، وحرب تموز على لبنان صيف عام 2006، وثلاث مرات في فلسطين قمع الانتفاضة الأولى عام 1987، وعدوان السور الواقي عام 2003 وعدوان الرصاص المصهور على غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009، ومن ثم هذا الحصار الجائر المفروض بالتعاون مع مصر على أهالي غزة حيث يحرم أبناء غزة حتى من الغذاء والدواء. في ضوء ذلك كله، يمكن للمرء أن يدرك بوضوح المعنى الحقيقي لمقولة إسرائيل «الذخر الاستراتيجي» التي ردّدها الإسرائيليون لوصف علاقتهم مع نظام حسني مبارك المخلوع .