إذا كانت الجريمة الإرهابية الغادرة أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية التي سقط فيها شهداء ومصابون واختلطت خلالها دماء القبطي والمسلم قد ادمت قلوبنا جميعاً واصابتنا بصدمة عنيفة مازلنا نتجرع مرارتها وأحزانها علي فراق الأحبة.. فإن هذا الحادث الحقير اظهر المعدن الأصيل لشعب مصر "الواحد" المتفرد في كل شيء والذي علم الدنيا بأسرها معني "المواطنة" في أجلي صورها. هزني بشدة إسراع المسلمين للتبرع بالدم للمصابين.. اقباطاً ومسلمين. .. وواساني كمواطن مصري من نبت هذه الأرض الطيبة ولي علاقات قوية ومتشعبة بالمسلمين والأقباط خروج المسلمين وبأعداد مهولة والانضمام إلي إخوانهم الاقباط في مسيرات غاضبة للتنديد بالجريمة والاعلان بإصرار عن الوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب. ورغم حدوث تجاوزات يتفهمها الكل نتيجة الحزن والصدمة أو استغلال البعض للموقف ودس انفسهم وسط الجموع الغفيرة لتعكير الجو الروحاني والإنساني الجميل.. فإن الصورة الكلية لهذه الحشود والتي تشابكت فيها أيادي الاقباط والمسلمين ورفعت الهلال والصليب في عناق ابدي.. تؤكد لكل ذي عينين.. وايضاً لكل من في قلبه غرض أو مرض أن شعب مصر "الواحد" في رباط إلي يوم الدين. .. وشدني إصرار المسلمين علي حضور قداس العيد اليوم بالكنائس كل في محافظته لمشاركة اخوانهم الأقباط الأحزان في هذا المصاب الأليم والجلل.. وبالتالي ستتحول مصر كلها من شرقها إلي غربها ومن شمالها إلي جنوبها إلي سرادق كبير للعزاء.. يعزي بعضنا بعضاً في شهدائناً جميعاً.. إذ أن هؤلاء الشهداء ليسوا شهداء الأقباط ولا شهداء المسلمين.. بل شهداء مصر كلها. وفي هذه المناسبة التي كنت أود أن تكون الصورة فيها غير الصورة.. أعزي نفسي واواسيها. وأعزي كل "مواطن مصري" في شهدائنا البررة الذين سقطوا غدراً وخيانة.. وادعو الله سبحانه وتعالي الذي لايحمد علي مكروه سواه ان يتغمدهم بواسع رحمته وان يلهم اسرهم ويلهمنا الصبر الجميل وأن يهب المصابين نعمة الشفاء العاجل. وبهذه المناسبة أيضاً.. أتوجه إلي كل مصري.. قبطياً كان أو مسلماً كي يجعل قداس العيد الليلة صرخة مدوية في وجه الإرهاب تقول له : لن تهزمنا. ولن تفت في عضدنا. ولن تفرقنا. ولن تحولنا ابداً إلي أعداء.. فمن رحم الحزن والنكبة تخرج حياة جديدة أكثر صلابة ولمعاناً. لقد قال المسيح سيدنا عيسي عليه وعلي رسولنا وكافة الرسل والأنبياء الصلاة والسلام : المجد لله في الأعالي. وعلي الأرض السلام. وبالناس المسرة. ومن هنا.. تعالوا جميعاً مسلمين وأقباطاً نصلي معاً لله تعالي صلاة واحدة وندعو دعاء مشتركاً واحداً أن يحفظ المولي مصر وشعبها الواحد وأن يقيها ويقينا شر أعدائنا وان يمنحنا القدرة علي الصمود والصبر ونشر السلام في كل آرجاء المحروسة. آمين.. آمين.. آمين.