ارتفعت الأصوات في شارع الصحافة والإعلام في بريطانيا في الفترة الأخيرة تطالب الدولة ممثلة في هيئات منع الاحتكار بالتدخل لوقف صفقة يسعي إمبراطور الصحافة الاسترالي روبرت ميردوخ من خلالها إلي الاستحواذ بالكامل علي شبكة تليفزيون سكاي الإخبارية البريطانية وهذه الشبكة متاحة عبر الاشتراكات فقط ولها عشرة ملايين مشترك في بريطانيا وحدها يدفع الواحد منهم اشتراكا سنويا قدره 500 جنيه استرليني وهو يملك منها 39% فقط حاليا بالإضافة إلي صحيفتي التايمز والصن من خلال مؤسسته المعروفة باسم نيوز كورب.. ويسعي ميردوخ 79 سنة وهو مسيحي وليس يهوديا كما يعتقد كثيرون وإن كان صهيونيا حتي النخاع.. إلي الاستحواذ علي باقي الشبكة مقابل 8 مليارات جنيه استرليني.. وهنا ترتفع أصوات عديدة في الصحف البريطانية علي اختلاف انتماءاتها ما عدا الصن والتايمز بالطبع تحذر من مخاطر هذه الصفقة علي حرية الإعلام في بريطانيا وعلي فرص المنافسة العادلة في ذلك المجال ومن هذه الأصوات صوت "دان صباغ" معلق صحيفة الميرور. يقول صباغ إن الأصل بالنسبة لرجل أعمال علي غرار ميردوخ أن تكون ملكيته لصحف أو شبكات تليفزيون مشروعا اقتصاديا يسعي لتحقيق الربح من ورائه وهذا أمر طبيعي لكن المشكلة الحقيقية هي أن ميردوخ يتدخل بشكل سافر في توجيه سياسات أي وسيلة إعلامية يمتلكها لأهدافه الخاصة وأحدث مثال علي ذلك أنه بسبب علاقاته الوثيقة بالجمهوريين في الولاياتالمتحدة جعل شبكة تليفزيون فوكس الأمريكية التي يملكها تهاجم الرئيس باراك أوباما بطريقة تخلو في معظم الأحيان من أبسط قواعد اللياقة. ولتحقيق ذلك أطلق ميردوخ عليه المذيع الشهير سليط اللسان "جلين بيك" الذي يتفنن في إطلاق الأوصاف عليه من عينة الوصف بالنازية وتشبيهه بهتلر وبأنه رئيس يكره البيض إلي آخر أوصاف عديدة محرجة ولا تخالف القانون في الوقت نفسه ولا يملك أوباما ازاءها سوي الشكوي في أحاديثه من عبارات بيك وكل ذلك يحدث علي الرغم من أن ميردوخ لا يتمتع بوضع احتكاري في السوق الإعلامية الأمريكية فهو يملك شبكة فوكس وصحيفتي وول ستريت جورنال ونيويورك بوست وهناك إمبراطوريات منافسة تملك شبكات وصحفا قوية منافسة.. ويحتكم المعلق إلي لغة الأرقام فيشير إلي أن السوق الصحفية في بريطانيا بها عشر صحف يوميا ولا يخشي عليها من أي سلوك احتكاري من جانب ميردوخ لكن مع شبكة سكاي يختلف كثيرا فهذه الشبكة هي الأولي في بريطانيا من حيث الإيراد حيث تصل مواردها إلي ستة مليارات جنيه استرليني وبهذا الإيراد الضخم وفي حالة استحواذه عليها تتحول إمبراطورية ميردوخ- الذي يتباهي بأنه لا يدخن ولم يذق الخمر في حياته إلي قوة اقتصادية يمكن أن تتدخل للتأثير علي الأوضاع في عالم الصحافة فهو يمكن مثلا أن يمنح مشتركي سكاي تخفيضات تجعل المزيد منهم يتحولون إليه ويتركون الشبكات الأخري لتصبح المنافسة غير متكافئة ويمكن أن يمنح مشتركيها اشتراكات مجانية أو مخفضة في صحفه لتصبح المنافسة صعبة وغير عادلة وقد سبق له أن فعل ذلك مع التايمز حيث أدخل تخفيضات في أسعار الإعلانات سببت مشاكل لمنافسيه. ويقول صباغ إن كل بريطاني مخلص لا يتمني أن تصبح بلاده إيطاليا أخري ولا أن يجد فيها بيرلسكوني آخر يسيطر علي أكثر وسائل الإعلام ويمنعها من توجيه النقد إليه وقت الضرورة.