أكتب إليك هذا الخطاب بعد سنوات طويلة عشتها وظننت أن الزمن كفيل بحل مشكلتي ولكن لم يحدث ذلك فبعثت إليك ثقة في ردودك المقنعة. الحكاية بدأت عندما كنت طالبا بمرحلة الماجستير وكنت أتردد علي استاذ فاضل في منزله وبالطبع كنت ملتزماً بآداب دخول المنزل احتراماً لنفسي ولأستاذي. وفي يوم وبلا أي تعمد مني وقعت عيناي علي فتاة في منزله ورأيت نظرة لا أنساها لكني لم أتجاوب معها احتراماً لما اخبرتك به في المقدمة.. لكن بعد فترة فوجئت بأستاذي يسألني والفتاة تجلس قريبة منا إن كنت أفكر في الزواج ومن شدة ذهولي قلت كلاما غير مفهوم فلم أصدقه ابداً أن الاستاذ الكبير ممكن ان يوافق علي تزويج ابنته طالبة الطب من طالب الماجستير الموظف براتبه القليل لذلك اعتبرته يختبرني فقط ليطمئن علي دخوله منزله. بعد ذلك حاولت اصلاح الأمر لكن عندما كنت افاتحه كان يستشيط غضباً وعندما لمحت له مرة وكانت الخادمة تقدم لنا الشاي وبعد خروجها اخبرني أنه حاول طلب يدها هي الخادمة وكانت لطمة شديدة لي فخرجت من عنده أجري في الشارع كالمجنون. بعدها سافرت إلي الخارج وتزوجت وتغير الحال وقبل السفر لمح لي بأنني لو كنت ميسور الحال في وقتها لوافق علي زواجي من ابنته.. المهم مرت الأيام ثم اتصل بي استاذي وطلب مساعدتي لابنته ووالدتها في شراء اشياء فاعتذرت واتصلت بزميل آخر ليقوم بالمهمة حتي اتفادي الاحتكاك بها. بالرغم من أنني تزوجت وانجبت إلا أنني أدمنت السفر إلي الخارج هروبا من حياتي الرتيبة ولاتخلص من جلد الذات.. فهل أنا جبان وضعيف لم أدافع عن حبي الحقيقي وهل لم استحق القلب الذهبي لأنني لم امتلك ثمنه.. أرجو منك رداً يعطيني شيئاً من التماسك. أ. س بصراحة أنا اتعجب من اصرارك علي الوقوف بالزمن عند هذه الأيام البعيدة ناسياً ما تلاها من أيام حدث فيها الكثير والكثير وحملت لك مباهج الدنيا وأفراحها وزينتها ايضا لكنك تتعامي عن كل ذلك وتتكلم عن الماضي وكأنك تحيا فيه ويعيش بداخلك!! لماذا لا تعترف أن حكايتك مع الاستاذ وابنته قد انتهت بكل ما فيها من طموح وآمال تحولت إلي سراب وأحزان.. وبكل صراحة أنا أرفض اتهاماتك لنفسك ولا أقول هذا الكلام لارضيك لكنك بالفعل تصرفت بموضوعية شديدة طبقا للمعطيات التي كانت موجودة وقتها.. وأري انك تستحق التحية والاحترام لاجل الذات والندم ولوم نفسك طوال الوقت. واضح انك نجحت في التأثير عليَّ فجعلتني أعيش معك في الماضي والمفروض أن نضع كل اهتمامنا بالحاضر والمستقبل أما الماضي فذهب بلا عودة نعم أنت الآن شخص ناجح اعطاك الله من نعمه الكثير. تغيرت ظروفك المادية.. تزوجت.. انجبت.. باختصار تحققت لك كل أسباب السعادة.. فلماذا لا تتمتع بعطايا الله لك فتكون عبداً شكورا بدلاً من الآهات غير المقنعة. عش حياتك سيدي الفاضل وافرح بنجاحك وزوجتك وأولادك ودعك من الكلام عن روتين الحياة ورتابتها وتأكد ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. إلا إذا كنت تريد تحضير دكتوراه في الحب المنفرد ذي الاتجاه الواحد وهذا مالا أرضاه لك ابداً وانت لا تقبله لنفسك بالطبع.. فسافر إن شئت أو واصل عملك داخل البلد المهم أن تري النجاحات التي تحققها وتعيش فيها.. مع امنياتي لك بمزيد من النجاح والتوفيق.