بينما أشادت بلدان العالم الحر والمنظمات الدولية بالعرس الديمقراطي الذي عاشته مصر المحروسة عندما خرج الملايين من مواطنيها الشرفاء لتحقيق حلم انتظروه عشرات السنين لانتخاب أول رئيس جمهورية في تاريخ مصر الحديث في تجربة انتخابية رائعة شهد العالم بنزاهتها وشفافيتها وأبهر خلالها الشعب المصري بقيادة قواته المسلحة الباسلة شعوب العالم مثلما أبهروه من قبل عندما قاموا بأعظم ثورة في تاريخ الحضارة الإنسانية.. ضد الظلم والقهر والاستبداد حتي اسقطوا نظام الطاغية الفاشل الذي أشاع الفساد في البلاد وأذل الشعب واستهان بكرامته واستطاع هذا الشعب العظيم أن يضع الرئيس المخلوع وعصابته خلف القضبان ليقتص منهم قضاء مصر العادل الشامخ علي كل ما اقترفته أيدي النظام السابق.. الساقط.. الفاشل.. المخلوع من جرائم في حق هذا الشعب وعمليات سرقة ونهب ممنهجة لمقدرات وثروات وأراضي الوطن.. ورغم هذا النجاح التاريخي للثورة المصرية والعملية الانتخابية لاختيار أول رئيس لمصر الحديثة من بين 13 مرشحاً وأسفرت عن وصول الثنائي الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق لقمة السباق ليدخلا معاً جولة الإعادة الفاصلة.. ولكن كانت المفاجأة أن أنصار باقي المرشحين الذين لم يحالفهم التوفيق خرجوا علينا بمظاهرات واعتراضات علي نتيجة الانتخابات بل ذهب البعض منهم للمطالبة بأن يتنازل محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة لصالح حمدين صباحي بالمخالفة للقانون ولكل الأعراف.. بل ذهب البعض ممن يطلقون علي أنفسهم التحالفات الثورية للمطالبة بوقف الانتخابات.. ولا أدري أي ديمقراطية تلك التي يتحدثون عنها وهم غير عابئين بالشعب المصري الذي خرج بالملايين في هذا العرس الديمقراطي ليقول كلمته ويختار رئيسه لأول مرة في تاريخه بعد أن كان يفرض عليه رئيس واحد إجباري باستفتاءات مزورة.. رفض هؤلاء الطامعون في السلطة والكارهون لاستقرار هذا الوطن أن يفرح شعب مصر بعرسه الديمقراطي.. وتصدر من يطلقون علي أنفسهم نشطاء حقوقيين وسياسيين ومدونين وأصبحت وظائف لهم يتكسبون منها.. ومن يقف خلفهم أنهم أوصياء علي هذا الشعب بعد أن صوروا لأنفسهم أنهم أصحاب الثورة.. وإذا كنا نعترف أن شباب مصر الشرفاء هم شرارة الثورة ووقودها وقاطرتها التي انطلقت يوم 25 يناير ولكن الشعب المصري بكل أطيافه وطوائفه شباباً ونساء ورجالاً وشيوخاً خرج عن بكرة أبيه وهو الذي قام بالثورة عندما نزل أكثر من 20 مليون نسمة في مختلف ميادين وشوارع أقاليم وربوع مصر ومن خلفه وقفت معه قواتنا المسلحة الباسلة أعظم جيوش العالم تاريخاً وشرفاً تدعم ثورته وتحميها بعد أن انحازت للشعب وقادته حتي عبرت بثورتها لبر الأمان في إنجاز تاريخي وعبور جديد لهذا الجيش العظيم وعندما حان الوقت لنجني ثمار هذه الثورة بانتخاب رئيس للجمهورية لتبدأ مصر عهد الاستقرار والأمن والأمان للبلاد لتنطلق نحو بناء مصر الحديثة دولة الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة ونضع نهاية لحالة الفوضي السياسية التي يعيشها الوطن منذ قيام الثورة بسبب الصراع علي السلطة والمتآمرين علي استقرار البلاد من الداخل والخارج فوجئنا بمن يريد أن يجعل نفسه وصياً علي الشعب ويريد إلغاء الانتخابات وآخرين من أنصار كل من محمد مرسي والفريق شفيق يهددون بالعودة لميدان التحرير إذا ما نجح الآخر ونسي هؤلاء أن الديمقراطية التي تعيشها شعوب العالم المتحضرة المتقدمة هو أن تحترم إرادة الناخبين وما يفرزه الصندوق ورأي الأغلبية.. ويجب أن يتذكر أنصار كل من مرسي وشفيق أن الشعب المصري هو صاحب الثورة وهو الذي اسقط النظام السابق وهو أيضاً الذي سيختار رئيسه بدون وصاية من أحد ممن يدعون خوفهم علي الثورة فالشعب حر في اختياره ومقولة إن الشعب المصري عاطفي ولا يعرف مصلحته كلام مرفوض شكلاً وموضوعاً ولا يعطي لأحد الحق أن يكون وصياً عليه.. فقد حان الوقت لأن نبدأ العمل وأن نقف وراء الرئيس الذي سيختاره الشعب من أجل إنقاذ البلاد والنهوض باقتصادها الذي بات علي وشك الانهيار وتحقيق الحياة الكريمة للمواطن البسيط المطحون الذي دمرته تلك الفوضي السياسية التي تعيشها البلاد بسبب الصراع علي السلطة لقد تقدم الدكتور محمد مرسي بكل التطمينات بأنه لا يسعي لبناء دولة دينية وهي الفزاعة التي يلعب عليها منافسوه.. وفي المقابل أكد الفريق شفيق أنه لن يعيد إنتاج النظام المخلوع لأنه أصبح ماضياً ولي وانتهي ووعد ببناء دولة حديثة.. وفي النهاية علينا احترام الديمقراطية وقرار الشعب في صناديق الانتخاب لنبدأ العمل بكل ما أوتينا من جهد خلف الرئيس القادم.. ولدينا الفرصة بعد أربع سنوات بكل بساطة لاسقاطه في انتخابات 2016 إذا فشل في تنفيذ برنامجه لتحقيق النهضة