عندما قام مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة ومن قبله الشيخ حبيب الجفري بزيارة المسجد الأقصي اختلف الناس حول هذه الزيارة ما بين مؤيد ومعارض ولكل وجهة نظره فالاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية ولكن بعيدا عن زيارة الشيخيين تثور عدة أسئلة منها ماهو السبيل لنصرة الأقصي ؟.. وكيف يحافظ المسلمون علي عروبة القدس الشريف وما الوسائل التي من خلالها يتحرر المسجد الأقصي من أسر الصهاينة وماهي الطرق الدبلوماسية التي يجب اتخاذها بعد فشل مفاوضات السلام المتكررة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ كان فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر قد أكد مرارا وتكرارا دعم الأزهر لكسر حصار القدس ودعم الشعب الفلسطيني والمقدسيين ورفض محاولات اسرائيل لتغيير معالمها الجغرافية والدينية. طالب شيخ الأزهر في الكلمة التي وجهها فضيلته مؤخرا إلي مؤتمر "بدء الفاعليات المصرية لكسر حصار القدس في إطار الحملة الدولية لكسر هذا الحصار والتي تبدأ يوم 15 مايو المقبل في مختلف دول العالم المسلمين والعرب والمنظمات الدولية والعربية بمناصرة القدس بكل الوسائل الممكنة وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس باعتبارها ملتقي ثقافيا ودنييا للبشرية ورمزا للإخوة الإنسانية ومنارة لممارسة كافة الحريات الدينية .أكد د. الطيب علي اهتمام الأزهر بالشئون المصرية والعربية والدولية باعتبارة منارة للمنهج الإسلامي الوسطي والمعتدل واهتمامة الخاص والأكبر بالقدس الشريف والمسجد الأقصي ودعم أبناء الشعب الفلسطيني. شدد شيخ الأزهر علي أن الأزهر لن يرضي سو ي بعودة القدس لمسلميها ومسيحيها وهويتها وحضارتها وثقافتها كملتقي عالمي للأديان ورفضة محاولات طمس هويتها ومعالمها مناشدا الفلسطينيين التمسك بوحدتهم والوقوف صفا واحدا في مواجهة الممارسات الإسرائيلية ضدهم. عدم المقاطعة طالب الدكتور سعد الدين هلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر بعدم مقاطعة المسجد الأقصي وتركة للصهاينة مؤكدا أنه ثبت في البخاري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد منها المسجد الأ قصي متسائلا " هل الرسول عندما ذهب للمسجد الأقصي كان في يد المسلمين وقتها؟ أضاف د. هلالي أنه لايوجد مانع قانوني من الزيارة للمسجد الأقصي لذلك علي كل مسلم تسمح له الفرصة للصلاة في المسجد الأقصي لايتردد طالما أنه بعيد عن التطبيع مع العدو الصهيوني. شرف عظيم الدكتور أحمد محمود كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر يشير إلي أن المسجد الأقصي هو معهد الأنبياء والرسل عليهم السلام والأولياء رضي الله عنهم ومعلم من معالم الإسلام تشد إليه الرحال وهو له في الإسلام شرف عظيم ومكانة كريمة والواجب بذل الجهود لاسترداده وهي تتنوع حسب الوسع والطاقة فالمؤسسات العلمية يجب عليها التذكرة الدائمة بأهم القضايا "القدس والمسجد الأقصي" ويماثلها المؤسسات الدعوية والثقافية ثم المنظمات الحقوقية برفع الدعاوي القضائية أمام المحاكم الدولية والمؤسسات المتعلقة بالعمل الدبلوماسي يجب عرض القضية دوما علي المحافل الدولية. يري د. كريمة أن كل هذه الوسائل وسائل سلمية ولابد منها ثم الاستعداد العسكري من الدول الإسلامية كافة لأن قضية القدس والأقصي لاتخص الفلسطينيين فقط. وعلي ضوء هذا فالجهاد يتنوع بين المال واللسان والبدن قال صلي الله عليه وسلم "جاهدوهم بألسنتكم وأموالكم وأبدانكم". أما التقاعس وإطلاق شعارات والتراخي هذا دليل علي العجز والإفلاس.. فلذلك يقال لمن أدانوا ونددوا ما الذي فعلتموه أنتم؟ لم يقدموا جنيهاً واحداً للمرابطين أمام المسجد الأقصي.. بل بالعجز ودخلت أجندات الدول العربية لتأجيج الصراع بين الأشقاء الفرقاء في فلسطين وغابت التذكرة العلمية المترجمة للغات العالم التي تخاطب الضمير الإنساني وشغلت المنظمات الحقوقية بمصالحها الشخصية. يقول د.كريمة: إنه وبفضل الله لي كتاب "القدس والمسجد الأقصي" طبع ثلاث مرات لأنه يتناول الأحكام الفقهية المتعلقة بالمسجد الأقصي. وأتمني ترجمته إلي اللغات الحية من باب التذكرة العلمية.. وهذا نوع من أنواع الجهاد والمتمثل في جهاد اللسان. فأين جهاد المال والبدن؟.. فللأسف لا يوجد. يقترح د.كريمة عمل برنامج ثابت إعلامي وثائقي دعوي بجميع اللغات الحية للتذكرة بقضية المسجد الأقصي وأحقية المسلمين فيه. إجراءات منظمة يقول د.عبدالفتاح إدريس -أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- ليست زيارة الجفري أو مفتي مصر هي التي ستحول الأقصي والقدس إلي عروبتها وإنما الذي يمكنه تحقيق ذلك هو اتخاذ إجراءات سياسية منظمة في المحافل الدولية باعتبار أن المنظمات العالمية هي الكفيلة بعرض قضايا العالم أو التكفل بعلاجها والالتزام بها.. ولأجل هذا فإن عروبة القدس حتي تأخذ سبيلها إلي التنفيذ لابد من عرض هذا الأمر علي الأممالمتحدة ومؤسسات هذه المنظمة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية الكفيلة يجعل القدس عربية بما تحتوي من مقدسات للإسلاميين وغيرهم. أما مجرد الزيارة كما يقول د. إدريس لا قيمة ولا وزن لها بل إن مجرد وضع خاتم إسرائيل أو المرفأ الذي يدخل منه العابر إلي القدس هو قدر ينبغي ألا يحمل علي جواز السفر الذي يحتوي عليه. كان بالأولي ألا يوضع هذا الخاتم علي جواز أحد لعبوره إلي داخل هذه المدينة المقدسة وذلك لأن قضية فلسطين أكبر من مجرد زيارة مكان أو افتتاح موضع في هذا المكان وذلك لأن الغاصبين العنصريين إذا كانوا قد هدموا أجزاء من بيت المقدس للبحث عن هيكلهم المذعوم فإنهم لا يعجزهم هدم الأقصي ولا هدم أي بناء يقام أو يفتتح حتي لو كان من يفتتحه رموز المسلمين أو غيرهم في هذا المكان. ولأجل هذا كما يؤكد د. إدريس لابد من توحيد الجهود سواء من الفلسطينيين أو من غيرهم ممن يعنيهم أمر عروبة القدس وجعلها مكاناً لا ينتسب لسلطان دولة بعينها إنما ينبغي ان تكون مدولة .. ويجب أن ينادي بهذا في المحافل الدولية حتي لا يكون للصهاينة استئثار بها كتهويدها كما يقومون الآن وهذا لن يتم بالمناداة الدائة بذلك في المحافل الدولية. الزيارة واجبة يقول د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر: لقد انشغل العالم الإسلامي بمشاكله الداخلية ونسي أو تناسي مشكلة فلسطين عامة والقدس خاصة . وماتت الغيرة الإسلامية في نفوس المسلمين علي أول قبلة لهم ومسري نبيهم والذي قتل في سبيله العديد من الشهداء الذين يشكون إلي الله اليوم تخاذل المسلمين وجبنهم علي ان يتلفظ واحد منهم بحق المسلمين في القدس وأحجموا عن زيارته بحجة انه تحت سلطان الكيان الصهيوني .. وكان الواجب عليهم أن يقوموا بزيارات متتابعة لهذا المكان الذي الآن يحس بالغربة ويشكو إلي الله الوحدة .. فزيارة المسلمين للقدس حتي لو كانت تحت الاحتلال الصهيوني في هذا الوقت بالذات لا تضيع حقوقهم .. وكان يجب عليهم ان يقوموا بتعميره للصلاة لا نتركه لقمة سائغة لأبناء القرود وأحفاد الخنازير فإنهم عندما وجدوا المسلمين قد جبنوا عن زيارته قاموا بالحفر تحته من أجل إزالته وهدمه من أعلي الأرض حتي لا يدعي مسلم في الأجيال القادمة أنهم لهم حق هنا. أضاف د. طه انه ليس الجهاد يقع علي الفلسطينيين فقط من أجل القدس وإنما يقع علي الأمة كلها .. ان من أعظم أنواع الجهاد لإثبات حق الفلسطينيين هذه الأيام زيارة القدس وتسيير الرحلات اليه حتي لا تظن إسرائيل ان القدس أصبح بدون أهل فيعيثون فيه فساداً فلا يموت حق وراءه مطالب .. فإذا امتنع الناس عن زيارة القدس بحجة انه تحت الاحتلال فيجب عليهم اغن ينظروا إلي فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي ذهب إلي البيت الحرام معتمراً وكان البيت تحت امرة المشركين الذين حاربوه وأخرجوه منه فلم ييأس النبي ولم يحرم زيارة البيت تحت امرة المشركين وإنما قام بزيارته وأمر الصحابة بزيارته المرة تلو الأخري ليثبت للمشركين ان هذا البيت الحرام هو من حق هذه الأمة فيجب علينا ان نتأسي برسول الله وما قام به العلماء من زيارة المسجد الأقصي إنما هو نوع من الجهاد وعندما انعدم الجهاد وأصبح الجهاد بالحناجر والألسنة الطويلة التي تطاولت علي علماء الأمة بزيارتهم للمسجد الأقصي .. فيجب عليهم أن يتأسوا بهم حتي لا يصير المسجد الأقصي غريباً في محيط إسلامي لفظ الجهاد جانباً.