لا أخفي سعادتي بالبيان العاجل والسريع الذي أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية وحثت فيه جميع المواطنين الإسرائيليين المتواجدين في سيناء علي مغادرة المنطقة فوراً والعودة إلي إسرائيل. وأري أن هذا البيان يساعدنا علي تصحيح أوضاعنا الخاطئة التي ورثناها عن نظام دأب علي معاندة شعبه.. وفتح أبواب سيناء العزيزة أمام الإسرائيليين يدخلونها ببطاقة الهوية فقط دون تأشيرات مسبقة بينما يتم التضييق علي المواطنين المصريين وهم يتنقلون علي أرضها بصعوبة. وما يقال عن تواجد المواطنين الإسرائيليين في سيناء يجرح المشاعر الوطنية للمصريين ويهين كرامتهم.. فإسرائيل قبل كل شيء وبعد كل شيء هي العدو الأول الذي لا يمكن أبدا تجاهل عداوته ونسيان جرائمه.. واتفاقات السلام لا تحول العدو الي صديق ولا تطمس العداوة لكنها فقط توقف الحروب.. أضف الي ذلك أن جرائم اسرائيل اليومية ضد أشقائنا الفلسطينيين وعدوانهم السافر علي القدس والمسجد الأقصي ورفضهم الانسحاب من الأراضي المحتلة يوقظ مشاعر العداوة كلما هدأت. ولو كان رزقنا وثراؤنا علي الإسرائيليين الذين يأتون الي سيناء للسياحة فنحن في غني عن ذلك تماما.. ونحن قادرون إن شاء الله علي أن نعوض هذا الرزق من مصادر أخري.. وسوف يكون فيها بركة ولا تجرح مشاعرنا وكبرياءنا.. فالشعوب الحرة لا تقايض علي كرامتها وكبريائها ولو بكنوز الدنيا. وإذا كانت دولتنا غير قادرة الآن علي تصحيح أخطاء بل جرائم النظام السابق وتعديل بنود كامب ديفيد ومعاهدة السلام التي جعلت أرض سيناء الطاهرة مرتعا مستباحا للإسرائيليين فإن بيان وزارة الدفاع الإسرائيلية جاء في توقيت طيب ليذكرنا بالحاوي الذي يجمع ثعابينه حين يشعر بالخطر.. وهم يجمعون ثعابينهم الآن قبل احتفالنا بأعياد تحرير سيناء ليخففوا عنا الألم النفسي الذي يلازمنا حين نسأل: كيف حررنا سيناء من دنسهم وكيف فتحناها وتركناها مستباحة لهم؟! وقد حمل البيان الإسرائيلي نداء يقول: "غادروا سيناء فورا وعودوا الي اسرائيل".. وذكر في أسباب ذلك أن "مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية حصل علي معلومات مؤكدة عن استهداف جميع الإسرائيليين المتواجدين علي أرض سيناء سواء من المقيمين فيها أو حتي الذين يقضون عطلات وإجازات سياحية" وكثيرا ما سمعنا هذه الدعايات الإسرائيلية القذرة عن وجود خلايا وتنظيمات إرهابية في سيناء.. وكثيرا ما فندت الأجهزة الأمنية المصرية هذه الدعايات الكاذبة التي تستهدف الإساءة لمصر.. مؤكدة عدم وجود أية تنظيمات ارهابية في سيناء وأن الحوادث التي تقع أحيانا كلها أعمال فردية وعشوائية غير منظمة.. وأن سيناء مسيطر عليها أمنيا تماما ومؤمنة والحمد لله. وطبقا لما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية فإن نداء المغادرة موجه الي "جميع الإسرائيليين المتواجدين علي أرض سيناء.. سواء من المقيمين فيها أو حتي الذين يقضون عطلات وإجازات سياحية".. وهذه إشارة خطيرة لوجود اسرائيليين يقيمون في سيناء بصفة دائمة.. وهؤلاء يختلفون عن السياح الذين يدخلون سيناء من منفذ طابا بجنوب سيناء المخصص للسياح الإسرائيليين الذين يصل تعدادهم في الموسم الواحد الي أكثر من 50 ألف شخص يذهب معظمهم الي طابا وشرم الشيخ. وإذا فهمنا موقف هؤلاء السياح فكيف نفهم أن هناك اسرائيليين يقيمون في سيناء؟!.. أين يقيم هؤلاء.. ولماذا.. ومن سمح لهم.. ومن يضمن عدم تسربهم من سيناء الي كافة ربوع مصر ليعيثوا فيها فسادا.. وهل الجواسيس الذين تم ضبطهم أثناء الثورة من هؤلاء المقيمين؟! ليس هناك بلد في العالم يبحث عن الأمن والاستقرار ويترك حدوده وأرضه مستباحة بهذا الشكل لأعدائه ثم يبكي بعد ذلك علي الأبرياء الذين يسقطون في المظاهرات ويندهش من أفعال اللهو الخفي والطرف الثالث.. ويصرخ من جرائم الفتنة الطائفية وحرق الكنائس وتدبير المؤامرات. لا أدري لماذا لا نتحرك بجدية لضبط هذا الملف المهلهل حماية لوطننا ولشعبنا.. لماذا لا نطلب من خبرائنا في القانون الدولي البحث مباشرة في كيفية تعديل البنود المجحفة في اتفاقيات السلام مع اسرائيل؟!.. وهل هناك حقائق كارثية في تلك الاتفاقيات يمكن ان تتكشف مع الأيام القادمة؟!