إذا كان طريق الرئاسة قد أغلق أمام الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بسبب قضية جنسية والدته الامريكية فهذا ليس معناه نهاية العالم.. وليس معناه أن المستقبل السياسي للشيخ قد أظلم للأبد.. بالعكس.. هناك مسارات أخري للممارسة السياسية أجدي وأكثر فائدة له ولأنصاره وللوطن الذي يريد أن يخدمه. المسألة لا تستحق كل هذه الضجة المثارة.. ولا تستحق مصادمات ربما تكون نتائجها كارثة علي الجميع.. ولا تستحق إعلان الجهاد وتجييش المؤيدين استعداداً للقتال.. فما هكذا يكون النضال السياسي.. وما هكذا يخدم الناس العقلاء أوطانهم. يستطيع الشيخ حازم أن يرد علي قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي يري أنها ظلمته بطريقة سياسية عقلانية ترد إليه اعتباره وترفع أسهمه لدي الشعب المصري الذي يتطلع إلي ممارسة سياسية سليمة صحيحة من السياسيين تقوم علي احترام القانون والقواعد العامة بعيداً عن الصدام والعنف والتهديد والوعيد والاستقواء بالانصار. الطريقة العقلانية التي أقصدها هنا تعني أن يحول الشيخ حازم طاقاته السياسية وقدراته علي الحشد والتنظيم والتنظير إلي تشكيل حزب سياسي يحمل أفكاره ومبادئه لكي ينشرها في المجتمع ويدعو إليها المؤيدين والمعجبين حتي تتسع دائرة هذا الحزب ويحقق الأغلبية في يوم من الأيام ويصل إلي السلطة. هذه هي الآلية السياسية الديمقراطية العقلانية المقبولة في بلد حر ديمقراطي يفتح النوافذ والأبواب أمام جميع أبنائه لكي يتنافسوا بالافكار والمناهج والبرامج بدلاً من الصدام والعنف.. وهذه هي الآلية التي سينظر إليها الشعب المصري بكل احترام وتقدير. والمنافسة السياسية بين الأحزاب تتطلب من القائمين عليها تبني ثقافة الاعتراف بالهزيمة والتعامل معها بمنطق أنها أول خطوة في طريق تحقيق النصر والفوز.. وذلك لأن الهزيمة هنا سياسية وليست شخصية ولا عقائدية ولا دينية.. ولا تحمل أية إهانة لصاحبها أو تقليلاً من شأنه. الحل الذي أراه جيداً لأزمة الشيخ حازم- من هذا المنطلق- هو أن يتجه علي الفوز لتشكيل حزب سياسي.. وقد قرأت منذ فترة بالفعل أن هناك بعض مؤيديه أعلنوا علي الفيس بوك أنهم أطلقوا حزباً جديداً تحت اسم "الأمة المصرية" وأن مؤسسي هذا الحزب يعتبرون الشيخ حازم الأب الروحي لهم ولحزبهم. وجاء أول بيان لهؤلاء المؤسسين نداء "إلي كل من يحلم بيوم الخلاص.. إلي كل من يحلم بمصر بغير ظلم ولا تمييز ثم مصلحة الوطن.. إلي كل من يحلم بمشروع حضاري متكامل قائم علي الفكرة والمنهج الاسلامي.. إلي شباب الوطن الذين تعاطفوا مع مشروع الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ووجدوا فيه ذاتهم". حسناً.. هذا خطاب سياسي معقول جداً.. يتحدث من منطلقات وطنية ترفض الظلم والتمييز وتدعو إلي مصلحة الوطن.. ولو استطاع الشيخ حازم أن يندمج أكثر وأكثر في النضال السياسي بحزبه الجديد فسوف يكون اضافة جيدة للاحزاب القائمة.. وساعتها يستطيع أن يحقق فوزاً يفوق الفوز بمنصب رئاسة الجمهورية. المنصب زائل ومؤقت وحمله أثقل ومسئولياته أمام الله وأمام الناس بالغة الخطورة.. أما الحزب السياسي فسوف يضمن البقاء والاستمرار لأفكار الشيخ عبر أجيال الحاضر والمستقبل.. ويستطيع أن يقدم للوطن من خلاله قادة وزعماء ورؤساء ينهضون بهذا البلد.. ويدينون بالولاء والانتماء لمرجعيته. ولعل الشيخ ينعم النظر فيما مر بنا من أحداث خلال الأعوام الماضية.. فالعظماء هم الذين ابتعدوا عن مواقع فتنة المناصب وآثروا أن يقدموا للوطن أفكارهم ومبادئهم في هدوء وتؤده.. أمام الذين استأثروا بالأضواء والكاميرات.. واستمتعوا بالحديث ليل نهار أمام الميكروفونات بحكم مناصبهم العالية أين هم الآن؟! أرجو أن تصل رسالتي إلي الشيخ حازم.. وأرجو أن يدرك أن الله عز وجل اختار له الأفضل والأصلح.. وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون. اهدأ يا شيخ حازم.. وتدبر الأمر.. وتفكر لعل الله أحبك وأراد ان يبعدك عن فتنة السلطة.. وهو سبحانه أدري بعباده.. وأمامك حزب الأمة المصرية اعمل من خلاله والله الموفق.