قامت الدنيا ولم تقعد بعد أن أعلنت جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية! وترددت أنباء وأقاويل كثيرة حول أسباب ترشيح الشاطر لهذا المنصب علي الرغم من إعلان الجماعة منذ البداية أنها لن تنافس علي الرئاسة! البعض قال.. ان الترشيح جاء نتيجة لدعم المجلس العسكري ترشيح اللواء عمر سليمان مدير المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق للرئاسة . البعض الآخر قال ان السبب يعود إلي تمسك المجلس العسكري ببقاء حكومة الجنزوري علي الرغم من مطالبة مجلس الشعب صاحب الأغلبية الاخوانية بإقالة الحكومة.. وسعي الأغلبية لتشكيل الحكومة وصولاً لإرساء نظام برلماني! وهناك من قالوا.. ان المجلس العسكري يريد التمسك بوزارات مهمة - أو سيادية - بحيث يختار المجلس من يشغلون هذه الوزارات وتترك بقية الوزارات للاخوان - أو للأغلبية والإخوان يرفضون ذلك! وأيا ما كانت الأسباب والمبررات التي دفعت الإخوان لإعلان ترشيح خيرت الشاطر للرئاسة.. فقد أدي ذلك إلي انطلاق حملة شرسة ضد الجماعة. تتهمها بالتراجع عما سبق وان صدر عنها من انها لن ترشح أحدا لرئاسة الجمهورية! وانهالت الأقلام والتصريحات الصحفية والتليفزيونية قدحا وهجوما علي الإخوان واتهاما لهم بالنفاق والكذب وخيانة العهد.. إلي غير ذلك من الأوصاف. وبغض النظر عما إذا كانت هذه الأوصاف صحيحة أو غير صحيحة. مقبولة أو غير مقبولة.. فلا شك ان عالم السياسة لا يعرف الديمومة ولا يعرف المواقف الجامدة.. فالسياسة هي فن الممكن والمواقف فيها تتبدل وتتغير بين عشية وضحاها. طبقا لتغير الظروف والاحوال. اللواء عمر سليمان ظل موقفه من الترشح غامضاً إلي أن أعلن رسمياً عدم الترشح .. ثم عاد وأعلن خوضه سباق الرئاسة بشكل مفاجئ وقبل ساعات قليلة من إغلاق باب التقدم. ولو نظرنا إلي مسار الثورة منذ البداية.. نجد من امثال هذه المواقف الكثير! الأحزاب السياسية والفصائل الثورية.. كانت في البداية تطالب المجلس العسكري بالاسراع في إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري.. وعندما اقتربت ساعة اجراء الانتخابات.. سارعت إلي القول بأنها تريد تأجيلها حتي تتاح لها الفرصة لجمع صفوفها والتعريف ببرامجها وغير ذلك من المبررات بعد أن شعرت بأنها لن تضمن الأغلبية! هذه الأحزاب نفسها.. والتي كانت تطالب بالديمقراطية. التي تعني حكم الأغلبية.. انقلبت علي قواعد الديمقراطية وتريد ان تقتنص حق الأغلبية في الحكم وودت لو شغلت المواقع والمناصب القيادية بمجلسي الشعب والشوري ورئاسة اللجان. مع أن ألف باء الديمقراطية ان الحكم للأغلبية وان من حق الأقلية أن تنتقد أداء الأغلبية سواء في البرلمان أو في الحكومة لا أن تسعي للفوز بما ليس من حقها! أقول ذلك.. ليس دفاعا عن الإخوان المسلمين ولا اقتناعا بنهجهم الذي قد اختلف معهم في كثير من جوانبه.. ولكن إيضاحا للعبة السياسية وقواعدها التي لا تتغير سواء بوجود الإخوان في السلطة أو في مقاعد المعارضة وبلا مبالغة فإن السياسة لا تخلو من الدهاء والمناورات والمراهنات.. بل والمفاجآت غير المتوقعةَ ** أفكار مضغوطة : من أفتي بغيرعلم .. كشف عن جهله بغير وعي !