فجر المشاركون في مؤتمر "أطفال الشوارع.. أزمة وطن" الذي نظمه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قضايا عديدة تتعلق بظاهرة "أطفال الشوارع". حيث أكدوا ان أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود وتدمير منشآت الدولة هي بمثابة جرس انذار لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع. وأكد المشاركون أن لدينا المئات من أمثال "التوربيني" الذي تورط في قتل العديد من الاطفال بعد اغتصابهم.. وأن هؤلاء المنحرفين والمجرمين يتنقلون بين القطارات ويعيشون أسفل الكباري ويقيم العديد منهم في ميدان التحرير حاليا. قالوا: إن دمج هؤلاء المنحرفين مع غيرهم من الايتام وغيرهم في مؤسسات الايواء والرعاية الاجتماعية يمثل أحد الاسباب لانتشار هذه الظاهرة.. مؤكدين أن الحكومة تتجاهل الابعاد النفسية والاجتماعية للمشكلة التي تكلف الدولة ما يزيد علي 300 مليون جنيه شهرياً. * تقول د. داليا صبري- بمعهد الخدمة الاجتماعية بالقاهرة ان غالبية أطفال الشوارع يرفضون المصطلح ويعتبرونه وصمة عار تطاردهم وطالبت من خلال دراسة بحثية أجرتها تغيير المسمي إلي الاطفال المعرضين للخطر. أشارت إلي ان بعض المؤسسات الايوائية طاردة للاطفال ولا تلبي احتياجاتهم الاساسية مثل المأكل والملبس وتقديم الخدمة العلاجية والتعليمية كما انهم يواجهون معاملة سيئة من قبل القائمين عليها لأنهم غير مؤهلين أو مدربين بالقدر الكافي علي معاملتهم معاملة تحفظ لهم كرامتهم وتشعرهم بأن لهم حقوقاً في المجتمع. وانتقدت دور التربية بالجيزة والخاص بتصنيفها الداخلي لانها تجمع بين نوعين من الاطفال.. أطفال تم إيداعهم بأمر من المحكمة نتيجة لارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون بسبب سرقة أو نشل.. ودمجهم مع أطفال قسم الضيافة الذي يرعي الاطفال القادمين من تلقاء انفسهم أو من قبل ذويهم مؤكدة أن دمج النوعين من الاطفال في البرامج والانشطة وخاصة في فترة الشباب والمراهقة يجعلهم يتبادلون الخبرات السيئة ويشجعون بعضهم علي الهرب والعنف وإشاعة جو من التباهي والتنافس علي ارتكاب الجرائم وتكوين الشلليه لحماية بعضهم البعض. وأشارت إلي ان أطفال الشوارع مشكلة لمسناها في أحداث مجلس الوزراء وأحداث شارع محمد محمود وقيامهم بتدمير منشآت الدولة بدون وعي وبدافع الانتقام يحركهم شعور بأنهم منبوذون. أما د. سوسن الشريف- باحثة تربوية واجتماعية فتقول: ان معظم الاطفال المتواجدين في الشارع عانوا من قسوة الابوين أو انفصالهما وعدم الاهتمام بهم ويأتي في المرحلة الثانية الفقر والمشكلة الاقتصادية حيث يكون اهتمام الابوين منصباً علي الكفاح والاجتهاد لكسب لقمة العيش يوما بيوم. وانتقدت ضعف الاهتمام الحكومي بهذه الفئة من خلال المؤسسات الحكومية حيث يصبح اهتمامها بالاطفال ظاهرياً وتتجاهل الابعاد الاجتماعية والنفسية كما ان الاخصائيين الاجتماعيين في المؤسسات الحكومية غير مهيئين أو مدربين للقيام بتربية الاطفال وزراعة الضمير والاخلاق فيهم وان كان للاخصائيين عذرهم فهم يعانون من النظرة المتدنية من جانب المجتمع وكأنهم هم الآخرون منبوذون وبعض الكليات ترفضهم كطلاب للدراسات العليا. أكدت أن حياة الشارع تفقدهم الانتماء وتجعلهم في حالة عنف مستمر ولاينتظر منهم أي خير وكلنا نتذكر التوربيني عام 2007 الذي تورط في قتل العديد من الاطفال بعد اغتصابهم ولدينا الآف للاسف أمثال التوربيني يتنقلون بين القطارات ويعيشون أسفل الكباري و يقيمون بميدان التحرير. وبلغة الارقام تحدث د. مصطفي ابراهيم الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس الاعمال المصري الاسترالي فأكد أن أطفال الشوارع طاقة مهدرة وسلبية تكلف الدولة ما لايقل عن 300 مليون جنيه شهرياً لأنها للاسف تحولت من ظاهرة إلي مشكلة ثم أزمة وهم وصمة عار في جبين مصر إلا أن الفقر عامل اساسي يجعل الاسر تدفع بأبنائها إلي ممارسة أعمال التسول وتجارة بعض السلع التافهة والهامشية مما يعرضهم لانحرافات ومخاطر الشارع فضلا عن الاوضاع الاسرية وتفككها اما بالطلاق أو الهجر أو وفاة أحد الوالدين وكبر حجم الاسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيه ابنائهم وتلبية احتياجاتهم ونوم الابناء مع الوالدين في حجرة واحدة كما أن قسوة الوالدين علي الابناء تدفعهم إلي الهروب من المنزل والانضمام لاصدقاء السوء والتسرب من التعليم وفي ظل هذه الظروف يتخلي الطفل عن براءته ويتحول من كائن ضعيف بريء إلي وحش عدواني يرتكب جرائم في منتهي القسوة ما بين القتل والادمان والاتجار في المخدرات. وتشير د. عزة كريم خبيرة الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلي تعقد دراسة الظاهرة نتيجة لتعدد العوامل المسببة لانتشارها منها ما يتعلق بالمجتمع ومنها ما هو خاص بالاسرة ومنها ما يتعلق بأوضاع الاطفال أنفسهم ومهما تعددت الاسباب فالنتيجة واحدة وهي تعرض هؤلاء الاطفال للمخاطر والاتجار والانتهاك وفقدان الهوية. أضافت: من أهم اسباب الظاهرة ضعف أداء المؤسسات العاملة في مجال الضبط الاجتماعي كالاسرة والمدرسة والمجتمع المحلي والتنشئة غير السليمة التي جعلت هؤلاء الاطفال ضحية لمحترفي الاجرام من الدعارة إلي السرقات والمخدرات وقد يصل الامر إلي العنف السياسي. وقالت ان هناك حلولاً لمواجهة الظاهرة والحد منها ما هو قصير المدي أي يمكن تحقيقه علي وجه السرعة مثل اقامة قرية خاصة بهم وتعديل أسلوب التعامل داخل المؤسسات والقوافل الطبية والاجتماعية ومنها ما يحتاج لحلول تدريجية مثل توفير عمل للعاطلين في الاسر وتوفير الاعانات ومنها حلول تأخذ وقتا أطول تتعلق بإزالة العشوائيات وتطوير التعليم وفي كل الحالات فإن البداية السريعة ضرورية حتي لاتتضاعف أعداد البلطجية والمجرمين والمنحرفين الذين يعرضون انفسهم والمجتمع بأسره إلي الخطر. أما الدكتور عبدالستار عشرة- استاذ الاجتماع فربط بين مشكلة عمالة الاطفال وأطفال الشوارع موضحا أن معظم حالات عمالة الاطفال تتركز في القطاع غير المنظم حيث يعمل في هذا القطاع بمصر حوالي 8 ملايين عامل بينما عدد العاملين في القطاع المنظم ستة ملايين فقط والخطورة في عدم امكانية احكام الرقابة علي هذا القطاع ومن ثم اهدار كافة حقوق العاملين به من الاطفال أو البالغين. أكد د. نبيل السمالوطي أستاذ الاجتماع ان التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سادت مصر في الآونة الاخيرة ساهمت بطريق مباشر أو غير مباشر في افراز وانتشار ظاهرة أطفال الشوارع واصفا اياها بأنها معقدة وترتبط بالتحديات المستقبلة تعكس ضعف وتواضع مؤشرات الدولة تجاه المشاكل المتعلقة بالطفولة.