في غمرة انشغالنا بمولد "سيدي الرئيس" والسباق المحموم بين كل من هب ودب للتقدم من أجل شغل هذا المنصب الرفيع.. وفي غمرة انشغالنا أو اشغالنا من جانب أمريكا بقضية منظمات المجتمع المدني وما أحاط بها من شبهات التجسس والتمويل غير المشروع والسماح للأمريكيين المتهمين فيها بالسفر.. احتفلت حركة "احتلوا وول ستريت" الأسبوع الماضي بمرور ستة أشهر علي انطلاقها.. ومع ذلك خلت كل صحفنا تقريبا.. وكل فضائياتنا "الثورية" من أي إشارة لما حدث خلال هذه الاحتفالات والانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة الأمريكية ضد المتظاهرين!! هذه الحركة. التي تفجرت منددة بمساوئ النظام الرأسمالي. مطالبة بالعدالة الاجتماعية وتحسين الظروف الاقتصادية للمهمشين. وهم الأغلبية. والحد من سعار الشركات الكبري تجمع أعضاؤها في نيويورك الأسبوع الماضي في حديقة زوكوتي قرب شارع وول ستريت. وهو مقر البنوك وشركات المال والأعمال بحي مانهاتن في مدينة نيويورك. للاحتفال بالمناسبة.. لكن الشرطة تدخلت بعنف واعتقلت عددا كبيرا من المتظاهرين بعد ان أخلت الحديقة منهم.. وأقامت كردونا أمنيا حول العشرات الذين أصروا علي عدم المغادرة.. وتم حشر المقبوض عليهم داخل أتوبيس بعد تقييد أيديهم بالكلابشات! الحجة التي ساقتها شرطة نيويورك. حسبما ذكرت وكالات الأنباء العالمية والمواقع الالكترونية. لاعتقال هؤلاء المتظاهرين.. أنهم خالفوا القواعد الخاصة بالحديقة. حيث نصبوا الخيام واصطحبوا معهم مراتب هوائية للمبيت فيها وكذلك العبث بصناديق الكهرباء والكتابة علي الجدران..!! كان من الطبيعي أن يهتف المتظاهرون ضد الشرطة التي ضربتهم بالهراوات عندما ألقي أحدهم زجاجة مياه غازية فارغة وليست زجاجة مولوتوف علي الأتوبيس الذي تم حشر المعتقلين فيه!! إحدي الناشطات في حركة احتلوا وول ستريت وتدعي ساندرا نيرس قالت لوكالة الأسوشيتد برس.. ان الشرطة لجأت الي العنف في التعامل مع المتظاهرين وألقت القبض علي عدد كبير منهم.. ونفت ادعاءات الشرطة حول كسر قواعد الحديقة. مؤكدة أنه لم يكن هناك خيام ولا مراتب هوائية! أحد السماسرة في بورصة وول ستريت طالب بطرد هؤلاء المتظاهرين قائلا: "نظفوا الحديقة من الأفاعي".. بينما رفعت إحدي الناشطات لافتة تقول: "الربيع قادم" في إشارة الي الربيع العربي ثم الي الربيع الجغرافي. حيث يشيع الدفء في الجو بعد انتهاء الشتاء ببرودته القارسة في نيويورك. الأمر الذي سيشجع أعضاء حركة "احتلوا" علي الخروج من جديد في مظاهرات حاشدة! لقد سردت هذه القصة الخبرية للتدليل علي أن أمريكا ليست أكثر ديمقراطية من حكوماتنا العربية ولا أقل عنفاً منها في التعامل مع المتظاهرين.. وأن ما يتشدق به المسئولون الأمريكان ووسائل "الدعاية" الأمريكية حول حقوق الإنسان وغيرها ليس سوي وسيلة للضغط علي الأنظمة الحاكمة في الدول "المنبطحة" وابتزازها للحصول علي أكبر المكاسب السياسية والاقتصادية من أجل أباطرة واشنطن. بقي سؤال يراودني كثيرا.. ماذا لو دعونا نشطاء حركة "احتلوا وول ستريت" من أجل تكريمهم. مثلما تفعل الحكومات الغربية مع النشطاء العرب؟! هل يقبل هؤلاء النشطاء الدعوة؟! وهل يقبلون تمويلهم من جانب "منظمات مجتمع مدني" خارجية؟! ثم هل تقبل الحكومة الأمريكية بذلك؟! أترك الإجابة للقارئ!! ** أفكار مضغوطة: مهما استبد الغرور بالرجل.. تظل هناك امرأة "يرتعش قلبه حبا لها"..!!