المشهد العام داخل وأمام الجهاز المركزي للمحاسبات أصبح مليئاً بالتناقضات ومرتبكا.. ففي الوقت الذي تظاهر صباح أمس حوالي 4 آلاف عامل اعتراضا علي عدم تحقيق مطالبهم مما أدي إلي اغلاق طريق صلاح سالم لفترة طويلة.. ظهر علي السطح انقسام ملحوظ بين المعتصمين ما بين مؤيدين لحزب الحرية والعدالة ومؤيدين لحزب النور بسبب قانون الجهاز لينتقل صراع الحزبين بالبرلمان إلي المركزي للحاسبات. الاعتصام فقد هويته وتحول من مطالب لتحقيق صالح الاعضاء والجهاز والوطن إلي مطالب مسبوغة بالصفة الحزبية والسياسية.. فقد ظهرت مطالب تنادي بضرورة الاستقلال التام للجهاز وعدم تبعيته نهائياً لمجلس الشعب بعد موافقة لجنة الاقتراحات بالبرلمان مع ضرورة رفض تبني حزب الحرية والعدالة مشروع قانون الجهاز المقدم من النقابة المستقلة برئاسة فتحي عطية ورقابيون ضد الفساد جبهة د.سامر أبوالخير وأحمد السنديوني وأحمد عفيفي ود.محمد علي. الاعتراض علي تبني الحرية والعدالة لمشروع القانون قاده بعض العاملين بالجهاز المنتمين لحزب النور والجماعة السلفية ورقابيون ضد الفساد جبهة إبراهيم أبوجبل وإبراهيم يسري بالاضافة إلي انصار السلطة العليا لمكتب الجهاز. انقسام العاملين بالجهاز وفقا لانتماءاتهم الحزبية ظهر واضحاً أثناء الاعتصام في الوقت الذي رفض فيه العديد من العاملين بالجهاز انتقال الصراع بين الاحزاب والكتل البرلمانية إلي الجهاز.. بالاضافة إلي رفضهم المطلق لأي شعارات تنال من البرلمان ورئيسه.. وناشدوا الأحزاب والمنتمين لها من العاملين بالجهاز البعد عن الجهاز وتركه لابنائه فهم أدري بشئونه. تساءل بعض المعتصمين: كيف يتبع الجهاز مجلس الشعب وأغلبية اعضائه من حزب الحرية والعدالة الذي يخضع نفسه لرقابة الجهاز.. كما أن الحزب لو شكل الحكومة فسوف تكون له الأغلبية.. فكيف نراقب الحزب والحكومة؟! وهل يعقل أن البرلمان الذي أغلبيته من حزب الحرية والعدالة والمتوقع أن يشكل الحكومة يكون الجهاز تابعاً له؟! مؤكدين أن ذلك لو حدث فهو اعادة انتاج لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.. وأن الحزب الوطني الديمقراطي المنحل مازال يحكم البلاد.. ولكن في ثوب جديد!. طالب الاعضاء بالاستقلال التام للجهاز وعدم تبعيته لأي جهة سيادية أو لمجلس الشعب ضمانا لتحقيق الرقابة الكاملة وحماية المال العام واسترداد الأموال المنهوبة.. كما طالبوا بتعديل أوضاعهم المادية التي لم يطرأ عليها أي زيادات منذ أكثر ما يزيد علي 12 عاماً الامر الذي ادي إلي تدني الأجور بشدة مقارنة بالعامل في الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز نفسه. كما طالبوا بمنحهم الحصانة الرقابية التي تمكنهم من تحقيق الرقابة الشاملة علي كافة الجهات الخاصة لرقابة الجهاز. قرر المعتصمون استمرار اعتصامهم بمقر الجهاز الرئيسي لحين تلبية مطالبهم المشروعة كما وعدهم المجلس العسكري.. وكان المتظاهرون قد أدوا صلاة ظهر أمس وسط طريق صلاح سالم. الحسنة الوحيدة التي تحققت للمعتصمين هي موافقة مكتب الجهاز برئاسة المحاسبة منيرة أحمد علي وقف خصم الضرائب علي العلاوات الخاصة.