في سنة 1894 قبضت الشرطة علي حسين باشا واصف وعلي شريف باشا رئيس مجلس شوري القوانين والدكتور عبدالحميد الشافعي ومحمد باشا الشواربي وتم إيداعهم -عدا الشواربي باشا- في قسم شرطة عابدين.. وكانت التهمة الموجهة إليهم أنهم اشتروا ثلاث جاريات من بعض تجار الرقيق رغم صدور قرار بمنع تجارة العبيد والجواري. وعندما وصل هذا الخبر إلي الخديو انزعج وأرسل يوبخ الوزراء علي هذا الإجراء العنيف ضد شخصيات لها ثقلها ووزنها. ولكن المحتل البريطاني لم ينظر فيما قاله الخديو وأصر علي تنفيذ القانون وتقديمهم إلي المحاكمة أمام محكمة عسكرية ولكن المحكمة حكمت ببراءة حسين باشا واصف براءة قانونية.. وأصدرت حكما بالحبس علي الدكتور الشافعي.. ولم تصدر حكما علي شريف باشا حيث ادعي أنه من رعايا إيطاليا.. وأصدر الخديو عفوا شاملا عنهم جميعا ولكنه أصر علي استقالة شريف باشا من رئاسة مجلس شوري القوانين. وقد شغلت هذه القضية الرأي العام لمدة طويلة واعتبر المصريون أن القبض علي هؤلاء الشخصيات ومحاكمتهم مظهر من مظاهر العدالة وأنه لا فرق بين الباشوات والصعاليك.. الكل يحاكم إذا خالفوا القوانين. وفي سنة 1902 تم سجن باشا آخر من أعيان الغربية ومعه مأمور المركز. والحكاية أنه تمت سرقة ثورين من مزارع الخديو وكالعادة اهتمت الشرطة بالبحث عن السارق ولكنها فشلت.. وهنا تطوع أحمد باشا المنشاوي من أعيان الغربية بالمشاركة في البحث عن الحرامية والعثور علي الثورين وانحصر اتهامه في اثنين من بلدة شبرا قاصي وقبض عليهما مأمور المركز وأودعا السجن في طنطا.. ولأنهما أنكرا التهمة فقد طلب المنشاوي باشا إحضارهما في بلدته القرشية ونفذ المأمور تعليمات الباشا وأخرجهما من السجن وذهب بهما إلي دار المنشاوي باشا في القرشية حيث تعرضا للضرب والتعذيب ثم أعيدا إلي السجن مرة أخري وعندما ذهب رئيس النيابة لسؤالهما في واقعة السرقة.. قرر المتهمان أنه تم تعذيبهما في دار المنشاوي باشا بالقرشية وأحيلا للكشف الطبي وثبت صدق أقوالهما.. وأصدرت النيابة قرارا بالقبض علي المنشاوي باشا وعلي مأمور المركز وتقديمهما للمحاكمة لأنه تم إخراج مسجونين من السجن دون إذن النيابة وحكمت محكمة طنطا الأهلية علي المنشاوي باشا بالسجن ثلاثة أشهر وعلي المأمور بالسجن شهر ونصف وإيقاف مدير المديرية وهكذا دخل الباشاوات السجن لاستغلال النفوذ والخروج علي القانون. وهكذا تكشفت حقائق باشوات النظام السابق بعد ثورة 25 يناير وكيف كان حماة النظام السابق وقادته يتصرفون كما كان يتصرف المنشاوي باشا.. ظنوا أنهم فوق القوانين تلاعبوا بالقوانين ونفذوها علي هواهم.. استغلوا سلطانهم وحققوا مكاسب غير شرعية واستخدموا نفوذهم لتحقيق أرباح وثراء غير مشروع.