قبل عشرة أشهر أو يزيد قليلا كان الحديث عن الضريبة التصاعدية رجزا من عمل الشيطان فإذا طرحها أو طالب بها احد خبراء أو اساتذة الاقتصاد باعتبارها احد آليات تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة عن المجتمع المصري كانت تنهال عليه الاتهامات الرسمية بالرجعية والردة عن الاقتصاد الحر ومحاولة جر مصر إلي عصور الانغلاق والشمولية. كانت الاتهامات لا تنطلق فقط من الجانب الحكومي الذي يتزعمه الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية وقتها ولكنها شملت الكثيرين من كبار رجال الأعمال الذين دافعوا بشراسة عن مكاسبهم التي تحققت علي يد حكومة نظيف وأهمها انخفاض معدل الضريبة من 40% إلي 20% مع توحيدها علي جميع الدخول مع اعفاءات طفيفة للشرائح الأولي من دخول الموظفين. ورغم ان العدالة الاجتماعية كانت أهم مطالب ثورة 25 يناير إلا ان أول وزير مالية بعد الثورة كان معارضا للضريبة التصاعدية من نفس منطلق سلفه "غالي" الذي كان يشهر دائما في وجهنا سيف التهرب الضريبي.. كذلك فعل الدكتور الببلاوي لذلك فاجأتني تلك الرسالة الموجهة إلي الدكتور كمال الجنزوري والتي أخذت شكل اعلان مدفوع الأجر حمل اسم احد كبار رجال الأعمال وهو محمد فريد خميس نائبا عن العديد من رجال الصناعة والمستثمرين يتقدم من خلالها بالعديد من المقترحات التي تحقق العدالة الاجتماعية ويقول انه تقدم بها إلي الحكومة السابقة إلا انه يقدمها الآن لمن يثق في قدراته علي حد قوله أما أهم هذه المقترحات فكان ذلك الإجراء المحرم سابقا وهو زيادة ضريبة الدخل والأخذ بنظام الضريبة التصاعدية ليرتفع الحد الأقصي للضريبة إلي 30% بدلا من 20% لتكون 20% للأرباح حتي 10 ملايين جنيه تزداد بمعدل 5% حتي 50 مليونا وترتفع بمعدل 10% لمن تزيد أرباحه عن هذا الحد. تضمنت الاقتراحات أيضا إعادة النظر في دعم الطاقة خاصة للصناعات كثيفة الطاقة وزيادة الرسوم الجمركية علي السلع من مواد خام وسلع تامة الصنع بما يتراوح بين 5% و10% مع الحفاظ علي الحد الأقصي الحالي وهو 30% وقال خميس ان ذلك سيحقق ايرادات تبلغ نحو 100 مليار جنيه بما يوازي العجز المالي الحالي. أعرف ان هذه المقترحات تأتي الآن نتيجة استيعاب القطاع الخاص ان الزمن أصبح غير الزمن وان الشعب لن يتخلي عن تحقيق مطلب العدالة الاجتماعية فأراد أن يكون الأمر "بيده لا بيد عمر".. لكن الذي لا أعرفه حقا لماذا لم تبادر حكومة الثورة أو القائمون علي أمر البلد في الشهور الأولي للثورة باتخاذ مثل هذه الاجراءات الكفيلة بتحقيق 100 مليار جنيه بدلا من الحديث الدائم عن الانفاق من الاحتياطي!!