حينما سقط الاتحاد السوفيتي تصورت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها انفردت بالعالم وأصبحت القوة العظمي الوحيدة وتصرفت علي ضوء ذلك حتي أفاقت نسبيا علي الحقيقة المرة وهي انه لا يمكن الانفراد بالعالم وان القوة البديلة والمقابلة إذا ما سقطت لابد ان تسقط كفة الميزان الأخري وهو ما نراه الآن بأم أعيننا وما حركة "احتلوا وول ستريت" التي انتشرت في 88 دولة و1000 مدينة في القارات الست إلا بداية النهاية للرأسمالية المتوحشة والديمقراطية الزائفة وحقوق الإنسان الانتقائية تلك المقولات التي تبنتها واشنطن وصنعت بها نفسها والآخرين حتي صار أقل من نصف في المائة يسيطرون علي مقدرات العالم اقتصاديا وسياسيا وهو ما لا يمكن ان يستمر إلي ما لا نهاية لأن ذلك ضد قوانين الطبيعة والسنن الكونية القائمة أصلا علي التوازن والتدافع والمقاومة. هذا القانون المشار إليه في نهاية الفقرة السابقة عامل شئنا أم أبينا في المجتمعات الأخري ومنها مصر التي تشهد الآن نموذجا مصغرا مما تصورته الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. لقد تصورت بعض القوي التي جعلت من نفسها بديلا أو مقابلا لنظام حسني مبارك الاستبدادي الفاسد انها بسقوط هذا النظام قد انفردت بمصر وصارت القوة الأعظم في المجتمع المصري وتصرفت علي هذا الأساس ولا تزال رغم انها كانت آخر من نزل إلي ميادين الثورة التي شككت فيها وتبرأت منها في بيانات رسمية نشرتها كافة وسائل الإعلام المحلية والدولية كما كانت أول من انسحب من الميدان وكسرت الإجماع الوطني وتفرغت للاستحواذ علي أكبر قدر ممكن من "الكعكة" معتقدة انها فرصة لن تتكرر للقبض علي مقاليد الأمور في مصر وهو ما يعكس جهلها أو علي الأقل تغافلها عن الشق الآخر من ذات القانون إذا طاشت كفة من كفتي الميزان لابد ان تسقط الكفة الأخري سقوطا مدويا يصدعها ويصدع من فيها. والأعجب ان بعض هذه القوي كانت تكفر الديمقراطية والتعددية الحزبية والانتخابات من كل نوع فإذا بكل ذلك قد أصبح الآن حلالا تماما بل هو الإسلام ذاته والدين بعينه وهذا تناقض واضح لا يقل عن التناقض الخاص بالمطالب المرفوعة الآن استعدادا ليوم الجمعة القادم وهي نفس المطالب التي انقلبوا عليها سابقا وفارقوا الإجماع الوطني بسببها. تكوين سلطة مدنية مؤقتة تقود مصر حتي تنتهي الانتخابات البرلمانية والرئاسية بدلا من العسكر الذين دافعوا عنهم ووقفوا في صفهم من يوم 11 فبراير حتي الآن. انهم الآن يدعون المصريين للاحتشاد خلف مطالبهم ولا يعرف أحد كيف سيمتلكون هذه السلطة الانتقالية بأي حق وبأي شرعية ولا كيف جعلوا من أنفسهم وممن يوافقهم علي هذا الرأي ممثلين لهذا الشعب الذي أنجز الثورة وتركهم يضيعونها كيفما شاءوا بل ويسرقونها كيفما شاءوا. ليفعلوا ما يشاءون فالقوانين الكونية الإلهية لا تتغير وغدا يعلمون وكان الله وحده في عون مصر وشعبها المغلوب علي أمره في الحالتين.