أحكمت مافيا الميكروباص قبضتها علي الشارع السكندري حيث سن السائقون قانون الفوضي حيث لا رقيب عليهم ولا سلطة تردعهم. السائقون أصبحوا يقطعون المسافات وتجزءتها وتحصيل أجرة مضاعفة في صورة استغلال حقيقي للمواطنين دون أي رقابة من أي جهة مرورية رغم كثرة معاناة وشكاوي المواطنين. تتجلي هذه المعاناة في أبهي صورها في ساعات الذروة أثناء خروج الموظفين من أماكن عملهم وطلبة الجامعات أثناء رجوعهم لمنازلهم حيث يصطف المئات علي جانبي الطرقات في انتظار وسيلة المواصلات الأكثر شيوعاً والأكثر اعتماداً عليها في مصر دون دول العالم بأجمعه وهي الميكروباص الذي لا يجد أدني منافسة من وسائل النقل العام الذي يعاني من غيبوبة. السائق يفتح زجاج الباب الأيمن ليسمع أياً من الركاب يريد النزول في أقرب مكان أثناء سيره علي خط الطريق بالرغم من تحديد خط السير والمدون علي جانبي السيارة من قبل المرور. فإذا كان المكان هو نفسه المحدد لخط سيره يمضي السائق بسيارته بدون أن يسمع لأي مواطن بالركوب مما يجعل المواطنين يلهثون خلفه ويتحايلون عليه. يقول محمد بدر الدين موظف بأحد البنوك في محطة الرمل أذهب يومياً لمكان عملي قادماً من منطقة أبوقير أقصي شرق الإسكندرية والأجرة 125 قرشاً. أعاني الأمرين في رحلة الإياب وأدفع ما يقرب من ثلاثة جنيهات بل وتطور الأمر بعد أحداث الثورة لتشمل رحلة الذهاب حيث يقوم السائقون بتحميل السيارات إلي منطقة الشاطبي في حين أن خط السير يمتد حتي ميدان المنشية. مما يؤثر بالسلب علي عملي في بداية اليوم وأضطر لركوب سيارة أخري بقيمة 50 قرشاً لمحطة الرمل ناهيك عن تأخري عن عملي وإدانة رؤسائي لي ولا قبول لأي أعذار. فنحن في دولة الميكروباص. سيدة الشحات موظفة بالمحكمة بالمنشية أكدت أن سائقي الميكروباص لجأوا إلي تقطيع المسافات لزيادة الأجرة لتصل في بعض الأحيان إلي ثلاثة وأربعة أضعاف القيمة وتبدأ عندما يشترط قائد السيارة علي الركاب زيادة الأجرة قبل الركوب أو عندما يقف في ثلث المسافة ويطلب من الركاب دفع أجرة جديدة أو النزول فوراً من السيارة لتندلع المشاجرات داخل الميكروباص وتنتهي بما يهوي قائد السيارة لتجنب "البهدلة" في الطرقات بعد الحصول علي وجبة ألفاظ خارجة وشتائم جارحة. انتقد أحمد فكري عامل في فندق بمحطة الرمل الجهات الرقابية وإدارة المرور من الاستسلام غير المبرر لهؤلاء الخارجين عن القانون وترك لهم الحبل علي الغارب ليفعلوا ما يشاءون. وقال لماذا لا يقوم رجال المرور بشن حملات تفتيش علي هؤلاء السائقين وإجبارهم علي الوقوف في مواقف مخصصة وبأجرة ثابتة لعدم تلاعبهم في الأجرة. حيث إنهم يفضلون زبون الطريق الذي يرضي بالأمر الواقع. ولا يستطيع أحد الاعتراض علي أمرهم فمعظمهم مسجل خطر يتناول الحبوب المخدرة تحت وهم أنها تقوية علي مواصلة عمله لساعات طويلة ويقومون بتناولها جهاراً نهاراً وقد شاهد أحد السائقين يطلب من زميله أثناء سيرهما علي طريق الكورنيش قرصين بدون أي مراعاة لراكبي الميكروباص. بل وصل الأمر أثناء حالة الانفلات الأمني بعد أحداث الثورة بأسابيع لتدخين السائقين البانجو الحشيش داخل السيارة أثناء تحميل الركاب مع الاستماع لوصلات ومقاطع من الأغاني الفجة ويكون علو الصوت متعة للسائق وعلي الركاب أن يشربوا من البحر. ويا ويل من يعترض علي الضجيج والصخب داخل الميكروباص. أحمد هندي طالب بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية يشير إلي أن منظر الطلاب أثناء تجمعهم بالمئات في انتظار ركوب الميكروباص في مشهد يتكرر يومياً يدل علي عجز الدولة وعدم كفاءة الأجهزة الرقابية والمسئولة عن إدارة هذا المرفق الذي يمثل أهم مرافق الحياة. وتتجلي قمة الانحطاط الأخلاقي عندما يقف سائق الميكروباص لانتظار سيدة أو فتاة جميلة لتركب في المقعد المجاور له. وعلي من يقترب من سيارته أن يطيع أوامره بالنزول في المكان الفلاني أو أن الأجرة بالمبلغ الفلاني ولا تجد أمامك إلا طاعة الأمر لتجنب الوقوف تحت أشعة الشمس أو التعرض لبرودة الجو وكذلك إضاعة الوقت في انتظار سائق يتجلي بالضمير ويكون عنده واذع أخلاقي. قال محمد باكوس سائق إن سائقي الميكروباص يلجأون لتقطيع المسافات لزيادة دخلهم حيث لا يستفيد مالك السيارة من أي زيادة في الأجرة من جراء هذه الحيلة لأن مالك السيارة يسلم الميكروباص للسائق بتحديد مبلغ معين في الوردية. فمثلاً يتم حساب إجمالي مبلغ حصيلة المشوار الواحد في عدد كم المشاوير طوال اليوم لصاحب السيارة في ظل تحديد ثمن الأجرة المحدد لخط سير السيارة. فيقوم السائق باللجوء لحيلة تقطيع المسافة ليحصل علي مبلغ يوازي المبلغ الذي يحصل عليه مالك السيارة وربما يزيد بخلاف النسبة من إجمالي مبلغ حصيلة السيارة في اليوم الواحد. هذا بخلاف ما يقوم به سائقو الميكروباص من إنشاء مواقف عشوائية في الشوارع الجانبية والطرق الفرعية وسوء السلوك أثناء سيرهم علي الطرقات والمنافسة في السرعة وعدم مراعاة لأرواح المواطنين الذين يتنفسون الصعداء في حالة الوصول لأماكن عملهم أو العودة إلي منازلهم.