تعديل المادة 39 من الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس الماضي لتسمح باستثناء المصريين بالخارج من الإشراف القضائي عند إجراء الانتخابات لتكون تحت إشراف السلك الدبلوماسي في الخارج خطوة نحو إثراء العملية الديمقراطية بعد ثورة 25 يناير وتفعيل للحقوق الدستورية والقانون للمصريين بالخارج.. كان هذا رأي الغالبية من الدبلوماسيين والقانونيين والحقوقيين.. ورغم ذلك فهناك فريق معارض أغلبهم من القضاة الذين أكدوا أن النتائج الانتخابية في الخارج ستواجه بالشك والريبة لأنه بدون إشراف قضائي. خاصة ان عدد المصريين في الخارج يصل إلي ستة ملايين ناخب وستؤثر أصواتهم في نتائج الانتخابات واعتبروا أن الانتخابات بدون إشراف قضائي عبث.. مؤكدين ان الحلول الأخري مطروحة ومقبولة ومنها حضور المصريين بالخارج للإدلاء بأصواتهم بمصر أو إلي عمل توكيل رسمي لمن يكلفونه بالتصويت بالنيابة عنهم إذا تعذر نزولهم إلي مصر في نفس يوم إجراء الانتخابات أو إجراؤها بالخارج في توقيتات مختلفة عن الانتخابات بالداخل للسماح بالإشراف القضائي. يقول مصطفي عبدالعزيز مساعد وزير الخارجية لشئون المصريين المقيمين في الخارج: إن تطبيق حكم محكمة القضاء الإداري بحق المصريين المقيمين بالخارج في التصويت في انتخابات مجلس الشعب والشوري هو اختصاص أصيل لوزارتي الداخلية والعدل معاً.. أما وزارة الخارجية فهي جهة منفذة فقط.. ومصر لديها 176 سفارة في الخارج ولابد أن تقوم وزارة الداخلية بتوفير الامكانيات لعمل مقرات انتخابية. ورغم أن عملية تصويت المصريين بالخارج تكلف الدول 400 مليون جنيه إلا أنها سوف تعزز الانتماء للوطن لدي كل المصريين بالخارج حيث يشاركون في صنع الديمقراطية في بلادهم كما يساهمون في تعظيم الدخل القومي لبلادهم عن طريق تحويلاتهم المادية من الخارج لمصر. وهناك أشياء لابد من توافرها وتجهيزها مثل صناديق الاقتراع والحبر السري مع تحديد عدد اللجان في كل جالية مصرية بالخارج لكن المصريين في بعض الدول أعدادهم قليلة وهناك دول عدد المصريين بها كبير مثل أمريكا واليونان والسعودية والكويت. ولأن عدد القضاة لا يكفي للسفر والإشراف علي اللجان الانتخابية في السفارات. فإسناد هذه المهمة للقنصل أو السفير أمر مقبول فهو المفوض بمراجعة نزاهة الانتخابات بالخارج. يوضح أن مصر تأخرت كثيراً في إقامة لجان انتخابية للمصريين بالخارج حيث سبقتها تركيا والتي تقوم بإجراء انتخابات مع عمل لجان لكل الأتراك المغتربين بالخارج منذ الحرب العالمية الثانية وسبقتها أيضا في هذه التجربة السودان وتونس والمغرب والجزائر وأحياناً تكون نسبة التصويت مخيبة للآمال وضعيفة في بعض الدول إلا أن الهدف الحقيقي من إجراء عملية الانتخاب في لجان فرعية للمصريين بالخارج هو تعظيم شعور الانتماء لديهم ومنحهم حقهم الدستوري في انتخابات أعضاء مجلسي الشعب والشوري في بلدهم الذي يحملون جنسيته. اتساع الدوائر يؤكد الدكتور علي لطفي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ورئيس الوزراء الأسبق أن حكم محكمة القضاء الإداري ملزم وواجب النفاذ. لكن أهم صعوبات التنفيذ ان اللجنة العليا للانتخابات ليس لديها قاعدة بيانات للمصريين المقيمين بالخارج وليس لديها معلومات عن أماكن تواجدهم وأعمالهم.. موضحاً أنه يمكن تأجيل تصويت المصريين بالخارج في الانتخابات البرلمانية ليتم تطبيق التجربة في الانتخابات الرئاسية فقط لأنها أسهل.. ونظراً لضيق الوقت يصعب تعريف المصريين بالخارج بدوائرهم بعد اتساع الدوائر وتغيير تقسيمها وتعريفهم بالنظام الفردي والقائمة النسبية. ولابد ان يتم الأخذ في الاعتبار ان هناك دولاً بها أعداد قليلة من المصريين وإقامة لجان بها أمر مكلف جداً. يوضح حافظ أبوسعدة رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان ان المجلس القومي لحقوق الإنسان بذل جهوداً كبيرة علي مدي 10 سنوات لوقف حرمان المصريين في الخارج من التصويت سواء في انتخابات الشعب أو الشوري أو المحليات وصولاً إلي الانتخابات الرئاسية» فحق المقيمين في الخارج في التصويت دستوري لا يستطيع ان ينكره أحد عليهم.. وكان النظام السابق يخشي الموافقة والسماح لهم بالحصول علي حقوقهم الدستورية في التصويت حتي لا يؤثر ذلك في النتائج التي كانت معلومة مسبقاً لدي النظام السابق. والدولة مسئولة عن توفير الامكانيات المادية والإدارية حتي يتم عمل مقرات ولجان للتصويت حتي ينتخب المصريون في الخارج من يمثلهم في مجلسي الشعب والشوري.. والمحليات. يضيف ان موافقة اللجنة التشريعية بوزارة العدل علي استثناء المصريين بالخارج من الإشراف القضائي خطوة نحو الديمقراطية. فالقنصل يمكن أن يقوم بمهمة القاضي لأن الحلم الأكبر هو ربط المصريين بالخارج بوطنهم وتنمية الانتماء لديهم. رغم صعوبات التنفيذ.. وإذا كان عدد القضاة لا يكفي للإشراف علي الانتخابات في 176 دولة فلا مانع من إجراء التعديل الدستوري خاصة انه سيتم التأكد من شخصية الناخب المصري المقيم بالخارج من خلال جواز السفر أو بطاقة الرقم القومي. اللواء محمد إبراهيم مساعد وزير الداخلية للأمن الاجتماعي سابقاً ومدير أمن الاسكندرية سابقاً.. يصف حكم محكمة القضاء الإداري بأحقية المصريين المقيمين في الخارج في التصويت بالحكم التاريخي فطوال 30 عاماً في نظام الرئيس السابق كان المصريون بالخارجج يسعون بكل الطرق حتي يتمتعوا بحق التصويت في انتخابات الشعب والشوري.. ومصر ليست أقل من تونس التي تطبق نظام التصويت للمقيمين خارج تونس منذ سنوات. وطالما صدر حكم فلابد من تنفيذه. ومسألة التكاليف الباهظة مسئولية الحكومة وليست وزارة الخارجية.. موضحاً أن إشراف السفير أو القنصل علي الانتخابات سوف يقلل التكاليف بقيمة نفقات القضاة.. لكن لابد من توقيع عقوبات وغرامة علي المصريين بالخارج الذين لا يدلون بأصواتهم. هل مقبول يوضح الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام أنه منذ عام 1960 ومصر لا تطبق مبدأ تصويت المصريين في الخارج ويتم بذلك حرمان أساتذة في جامعات أوروبا وعلماء وقضاة ومثقفين من المشاركة في بناء مصر الحديثة ووضع الدستور واختيار نواب البرلمان.. وكافة دساتير العالم تقر وتؤكد ان المواطنين سواء أمام القانون ولهم نفس الحقوق في التصويت في الانتخابات حتي لو كانوا مغتربين.. لذلك فعلي الدولة أن توفر الامكانيات اللازمة لعمل مقرات في السفارات المصرية وإشراف القنصل أو السفير علي اللجان الانتخابية حلا لمشكلة صعوبة الإشراف القضائي.. ولا ننسي ان كثيراً من المصريين في الخارج رفضوا الحصول علي الجنسية الأمريكية أو الفرنسية من أجل وطنيتهم وحبهم لبلادهم. الدكتور أحمد هندي عميد كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية يري أنه من الممكن إقامة مقرات بمصر خاصة لتصويت المقيمين في الخارج وبذلك لا تكون هناك أي تكاليف ويمكن الاشراف القضائي عليها بسهولة كما ان إقامة مقرات انتخابية في 176 سفارة وقنصلية ويشرف عليها القنصل أو السفير أمر ممكن وقانوني. يضيف: التصويت الاليكتروني قد يكون حلا جديدا لأزمة تصويت المصريين بالخارج وهو نظام تعمل به العديد من الدول مثل الإمارات للسماح لمغتربيها بالمشاركة في العملية الانتخابية وذلك منذ سنوات طويلة. ولكن لا ننكر أن هناك خطورة من اللجوء إلي عملية التصويت الاليكتروني لأن هناك محترفين في اختراق المواقع الاليكترونية ويمكن تغيير النتائج لصالح مرشح معين كما ان بريطانيا أوقفت العمل بهذا النظام بسبب عمليات القرصنة الاليكترونية. الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد الجديد يؤكد انه لا يمكن بالفعل إغفال 6 ملايين مصري بالخارج من التصويت في انتخابات الشعب والشوري والرئاسية .. مؤكدا أن تعديل المادة 39 من الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس الماضي هي مجرد خطوة للتسهيل علي الحكومة في إقامة مقار انتخابية في دول الخارج حيث يتعذر إرسال قضاة في نفس يوم إجراء الانتخابات في مصر ويمكن ان يقوم السفراء والقناصل بالإشراف علي الانتخابات في كل دولة أو تدعيم المقار الانتخابية بمحامين للإشراف علي الانتخابات ولا توجد مشاكل في إجراء الانتخابات تحت إشراف السلك الدبلوماسي والقنصلي بمقار بعثاتنا بالخارج. يؤكد المهندس محمد مهران رئيس حزب مصر الثورة أن تصويت المصريين بالخارج أحد ثمار الثورة ولابد من اتخاذ إجراءات لتسهيل ذلك ومنها استثناء المصريين بالخارج من الإشراف القضائي. فهذا يؤكد تحرك الدولة نحو إعطاء المصريين المغتربين في الخارج وهم قوة لا يستهان بها حقوقهم في اختيار نواب برلمان بلادهم.. والمهم أن يكون لدي اللجنة العليا للانتخابات قاعدة بيانات بأعداد المصريين في الخارج حتي يمكن عمل مقار انتخابية لهم بمقر بعثاتنا بالخارج. اعتراض واضح أما الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا فتري ان استثناء تصويت المصريين بالخارج في الانتخابات من الإشراف القضائي أمر غير مقبول ونتائجه غير مضمونة.. كما ان هناك 80 دائرة بمجلس الشعب فهل ستضع 80 صندوقاً انتخابيا في كل قنصلية؟!! خاصة أن وزارة العدل لا تعرف الدوائر الانتخابية لكل مصري مقيم بالخارج. كما أن اللجنة العليا للانتخابات ليس لديها معلومات عن أعداد المصريين في الخارج وأماكن تواجدهم وهل يحملون رقماً قومياً أم جوازات سفر.. فالكويت وحدها بها 3 ملايين مصري. فكيف ستتم إقامة مقرات انتخابية لهذا العدد الكبير في يوم واحد.. هل سيتم تعطيل العمل في الكويت لإجراء انتخابات البرلمان المصري؟!! .. والسعودية بها مليون مصري وليس بها إلا ثلاث قنصليات فقط في جدة والرياض والمدينة.. وتصويت المصريين في الخارج يوم 28 في الشهر الحالي أمر يستحيل تنفيذه.. فأمريكا والهند وهما من أكبر الدول في عدد السكان لا تستطيعان السماح بتصويت لمواطنيهم في الخارج بل تتم إقامة مقرات انتخابية داخل الدولة وعلي المغتربين السفر لدولتهم للإدلاء بأصواتهم. يشاركها الرأي المستشار مصطفي جاويش رئيس محكمة جنايات المنصورة حيث لا يمكن إجراء انتخابات في الخارج بدون إشراف قضائي فسوف يكون هناك شك وريبة في النتائج.. وسيتم الطعن عليها.. ومن يريد أن يدلي بصوته في انتخابات مجلسي الشعب والشوري المصري من المصريين المقيمين بالخارج عليه الحضور لمصر والإدلاء بصوته في مصر تحت سيادة الدولة وتحت إشراف القضاء تبعاً لإقليمية الدولة.. ولا نعرف كيف سيتم عمل دعاية انتخابية للمرشحين في 176 دولة للمصريين المقيمين بالخارج. ويمكن ان يكون البديل أو الحل الوسط هو عمل المصريين بالخارج لتوكيلات رسمية لمن ينوب عنهم في الإدلاء بأصواتهم وهذا جائز قانونا. يؤكد المستشار عاصم عبدالجبار نائب رئيس محكمة النقض بالقاهرة ان التعديل الدستوري الذي سيتم لاستثناء المصريين بالخارج من الإشراف القضائي وموافقة وزارة العدل علي ذلك شيء غير مقبول.. لأن الدستور الذي تم وضعه عام 1971 كان ينص علي الإشراف القضائي علي كل الانتخابات. وبعد سقوط مبارك وسقوط الدستور جاء الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس الماضي. وتضمن إجراء انتخابات الشعب والشوري والرئاسية تحت الاشراف القضائي.. وبالتالي إذا اجريت أي انتخابات بدون إشراف قضائي تكون باطلة.. والمطلوب تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بالسماح للمصريين بالخارج بالتصويت. ولكن تحت إشراف قضائي.. وهناك ثلاثة حلول مطروحة علي حكومة عصام شرف للخارج من هذه الأزمة.. أما أن ينشيء مراكز للاقتراع في الدول التي بها كثافة من المصريين ويتم ذلك تحت إشراف قضائي كامل وأن يتم تعديل نص المادة 39 ليكون إجراء الانتخابات تحت إشراف قضائي إن أمكن للمصريين المقيمين بالخارج أو إرسال قضاة إلي هذه الدول في أوقات مختلفة عن أوقات إجراء الانتخابات في مصر علي أن يتم إعلان النتائج وفي وقت واحد في مصر وخارجها.