أثيرت خلال الأيام الماضية مناقشات كثيرة حول اقتراح زيادة أيام الإجازات الأسبوعية للموظفين في الدولة والجهاز الإداري لتصبح 3 أيام بدلاً من يومين باعتبار أن هناك تفكيراً لتقليل ساعات الذروة والتكدس والزحام الذي تشهده العاصمة وقت دخول وخروج الموظفين. الأمر تعدي ذلك إلي قرار من رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لدراسة الأمر دون المساس بحقوق العاملين باعتبار أنهم العمود الفقري للمجتمع المصري.. حيث إن عدد موظفينا اقترب من 6 ملايين موظف بزيادة تقدر بحوالي مليون موظف بعد 25 يناير.. وللحقيقة إن مصر بعد أن كان جهازها الإداري يصل فيه الرقم إلي 40 مواطناً لكل موظف يصل بعد الفوضي إلي 13 مواطناً لكل موظف.. وهو رقم مخيف إذا فكرنا في حجم الضغط علي مرفق الدولة بحركة هذه الأرقام عند الذهاب أو الخروج من العمل. ولأن واقع أداء الموظف المصري محزن من حيث عطائه الحقيقي.. فكل الإحصائيات تؤكد أن عطاء الموظف المصري لا يزيد علي نصف الساعة يومياً.. وهو أمر لا يتناسب مع المسئوليات التي تقع علي هيئات ومؤسسات الدولة التي تريد تقديم خدمة جيدة للمواطن الذي عاني كثيراً من ترهل الجهاز الإداري للدولة التي تسعي للانطلاق إلي الأمام.. فدولة الموظفين ستظل تعاني كثيراً حتي تنطلق.. فالعالم كله يتجه نحو زيادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في بناء اقتصاديات الدول.. أما الموظفون فلا طائل من وجودهم. خاصة بهذه الأرقام التي تضغط علي موازنات أي دولة في تحمل أعباء الرواتب. الإمارات العربية الشقيقة ودول أخري بدأت فعلاً العمل بنظام "العمل عن بُعد".. وهو ليس غريباً عن الدول المتقدمة.. بمعني أن يتم تدريب الموظف علي أداء عمله بجهاز التابلت أو الكمبيوتر.. ويتم التواصل مع المواطن عن طريق تلك الأجهزة.. فيؤدي له ما يحتاجه دون أن يتحرك أي واحد من مكانه. صحيح أننا نحتاج إلي تغيير ثقافة المواطن ومحو أميته التكنولوجية.. لكن أليس من المنطقي أن كل من يحمل تليفوناً محمولاً ولدينا منهم ما تجاوز 96 مليون خط أن يستعمل تطبيقات تحقق له ما يحتاجه من خدمات مثل دول العالم المتقدم؟!.. وأعتقد أن عملية تطوير التعليم التي تتبناها الدولة ستؤدي حتماً إلي خلق أجيال جديدة تدرك حكمة تعظيم التكنولوجيا في العمل والتعليم وتقديم الخدمات. وأعتقد أن عملية بناء الإنسان المصري التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي سيكون جزء أصيل منها تأهيله علمياً وثقافياً ليصبح قادراً علي التفاعل مع متغيرات العصر الحديث.. أما إذا استمر الوضع علي ما هو عليه فإننا لن نتقدم كثيراً رغم المجهودات الجبارة التي تبذل من أجل الإصلاح الاقتصادي الذي يضمن حياة كريمة لكل المصريين.. وصدقاً فإن الموظفين لا يصنعون نهضة دول وتقدمها.. بل بالعكس هم يعيقون ذلك.