كل ما تحققه البشرية من تقدم. هو سلاح ذو حدين. والأمثلة علي ذلك تفوق الحصر! ولنأخذ مثلا التقدم في الرعاية الصحية. أدي التقدم الطبي إلي التغلب علي كثير من الأمراض والقضاء علي الأوبئة التي كانت تحصد أرواح الملايين في العالم. كما منعت التطعيمات واللقاحات موت ملايين الأطفال في سن مبكرة وهذا جيد. لكن ماذا كانت النتيجة؟ لقد شهد كوكبنا انفجارا سكانيا رهيبا. حتي ضاق بمن عليه من البشر. وتسببت الزيادة السكانية في تدمير البيئة واختلال الموازين وانتشار الفساد في البر والبحر. ومن أسباب الزيادة السكانية أيضا ارتفاع معدلات الأعمار وتزايد أعداد أصحاب الشعر الرمادي في المجتمع! ويقول العلماء إن النساء أطول عمرا من الرجال .. وخلال قرن مضي كانت المرأة تعيش أطول كثيرا من الرجل وهناك أسباب كثيرة وراء ذلك. في مقدمتها الحروب التي عادة ما يخوضها الرجال. والعمل في الأنشطة الصناعية الخطرة والتدخين. وغير ذلك. لكن الفجوة العمرية بين الجنسين. أخذت تضيق في الدول المتقدمة. فالمتوقع بحلول عام 2032 أن تتلاشي هذه الفجوة وتتساوي معدلات الأعمار بين الجنسين في بريطانيا. مثلا. ويقولون إن هناك عوامل عديدة تسهم في تقليل الفجوة العمرية بين الجنسين. منها تراجع أعداد المدخنين ومن يتعاطون الكحوليات من الرجال. فهم أكثر ميلا للتدخين وتعاطي الكحوليات. مقارنة بالسيدات. وهو ما سيؤدي لمزيد من الانفجار السكاني. كذلك يقول العلماء إن الرجال أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. وأكثر إقداما علي ممارسة السلوكيات الخطرة. وأكثر عرضة للوفاة في حوادث الطرق. التي انخفضت معدلاتها في الدول المتقدمة. ويري العلماء انه من الطبيعي أن تتساوي متوسطات أعمار الرجال والنساء. أما وجود الفجوة فهو أمر غير طبيعي. وهذه الظاهرة بدأت فقط في القرن العشرين. مع تقدم الرعاية الصحية. ويقولون إن أعدادا كبيرة من الرجال قتلوا في الحربين العالميتين الأولي والثانية. وإن الكثير من الرجال تعودوا علي التدخين. قبل أن تبدأ المرأة مشاركة الرجل في هذه العادة السيئة. ورغم التوقعات بزيادة الأعمار خلال العقود المقبلة. فإن معدل الزيادة في طول العمر يختلف. بصورة كبيرة. حسب المكان الذي نعيش فيه. فالأغنياء. عادة. أطول عمرا من الفقراء. حتي في دولة مثل بريطانيا. لكن طول العمر ليس ميزة لدي بعض الجهات! صناديق المعاشات. مثلا. تري أن طول العمر قد يتسبب في حدوث عجز بها. نظرا لزيادة أعداد كبار السن في المجتمع ممن يتقاضون المعاشات. لكن في السنوات الأخيرة. بدأت تتراجع معدلات الزيادة في طول العمر ببريطانيا. ويقول الباحثون إن ذلك يعزي إلي تخفيض الإنفاق الحكومي علي خدمات الرعاية الاجتماعية والتأمين الصحي ومع ذلك فمعدلات الأعمار في بريطانيا لا تزال أقل من نظيراتها في اليابان. مثلا. ويري البعض أنه لا يمكن الحفاظ علي استمرارمعدلات الزيادة في الأعمار. من الناحية الاقتصادية. خصوصا مع تزايد أصحاب الشعر الرمادي في المجتمع. وقد بدأت المجتمعات الغربية تضيق بكبار السن. حيث يري البعض انهم أصبحوا عالة علي المجتمع. رغم كل ما قدموه لبلادهم من جهد وعمل طوال حياتهم ولعل أوضح الأدلة علي ذلك برامج التقشف. التي تتبناها الحكومة البريطانية. والتي أثرت علي مستويات الرعاية الاجتماعية والصحية مما أدي إلي ارتفاع معدل الوفيات بين كبار السن.