* يسأل محمد أحمد عبدالحليم "جواهرجي" قمت بأداء فريضة الحج منذ خمسة أعوام ومنذ هذا التاريخ اقوم كل عام بأداء العمرة مع زوجتي وأجد في هذه الرحلة راحة نفسية وانوي هذا العام ان أؤدي العمرة ولكن افاد بعض الناس بأنه خير له ان يصرف تكاليفها علي أناس فقراء فما رأي الدين في ذلك؟ ** يجيب الشيخ ربيع اللبيدي مدير أوقاف الزواية الحمراء: قول الله تعالي "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" "البقرة 125" وقال صلي الله عليه وسلم "الحج مرة فمن زاد فتطوع" وقال صلوات الله وسلامة عليه "العمرة إلي العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق عليه ومعني الآية الكريمة السابقة ان الله تعالي جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون اليه شوقاً بعد الذهاب عنه أي ان الله جعله محلا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه لا تقضي منه وطراً ولو ترددت إليه كل عام استجابة من الله تعالي لدعاء ابراهيم عليه السلام في قوله "فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم" إلي ان قال "ربنا وتقبل دعاء" فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات. ومعني الحديث الأول ان الحج فرض علي القادر المستطيع مرة واحدة في العمرة فمن زاد فتطوع ونافلة في التقرب إلي الله ولذلك العمرة مطلوبة في العمر مرة وتسمي الحج الأصغر وهي في رمضان أفضل لمن أرادها دون حج ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثاني "العمرة إلي العمرة إلخ" لانها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا وقد أداها رسول الله صلي عليه وسلم أربع مرات. أما بشأن التصدق علي الفقراء والبائسين فقد روي مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" متفق عليه. وعن ابي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه" رواه مسلم وقال الله تعالي: "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون" "الحج 77". مما سبق يتبين ان الحج والعمرة ليسا واجبين علي السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونان تطوعاً ونافلة في التقرب إلي الله وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالي في توجيه عباده إلي فعل الخير علي أساس تقديم الأهم والأصلح وذلك يقتضي بان يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات المسلمين المعدمين الذين هم في مسيس الحاجة إلي مايؤويهم وما يستعينون به علي قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة في الطواف ببيته من شخص يترك فيه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لان المسلمين جميعاً يجب ان يكونوا يدا واحدة ويتعاونوا علي البر والتقوي وإذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب علي كافة المسلمين ان يتجاوبوا معه ليزيلوا آلامه أو يخففوا عنه واننا نري انه من الأولي بالاخ السائل مادام قد وفقه الله وأدي حجة الإسلام مرة فأولي به ان يوجه ما يفيض عن حاجته إلي أوجه الخير والانفاق علي الفقراء والمساكين ونسأل الله تعالي ان يضاعف له الأجر والثواب.. فإن يسر الله عليه واستطاع ان ينفق في وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعا.