من الصادق ومن "الكذاب" في امتحانات الثانوية العامة؟ سؤال لابد أن يطرح بعد ظهور النتيجة خلال الأسبوع الماضي.. فهؤلاء الطلبة الذين ملأوا الدنيا صياحًا عن صعوبة الأسئلة أحيانًا وغموضها أحيانًا وابتعادها عن المنهج في أحايين كثيرة هم هؤلاء الذين حققوا نسبة نجاح أعلي من العام الماضي وهم أنفسهم من حصلوا علي مجاميع أعلي من العام الماضي الأمر الذي سيترتب عليه ارتفاع درجات القبول بالجامعات عن العام الماضي سواء في كليات القمة أو الكليات التي تأتي في المرتبة الثانية وهي كثيرة. بل والأكثر غرابة أنه ولأول مرة تقرر اللجنة العليا للتنسيق زيادة أعداد المقبولين في الجامعات بنسبة 10% مما يعني أن وزارة التربية والتعليم وواضعي الامتحانات ومقدري الدرجات وأولياء الأمور تعرضوا جميعًا لابتزاز الطلاب الذين أوهموا الدنيا كلها بشكواهم والنتيجة ظهرت للعيان بأن كل ما اشتكوا منه كان مجرد كذب وبهتان.. فلا الامتحانات كانت بالصعوبة التي ادعوها ولا مقدرو الدرجات كانوا في تحد مع الطلاب والأمر لا يزيد علي المثل الشعبي المعروف "ضربني وبكي وسبقني واشتكي". العيب إذن في ثقافة مجتمع بالكامل يري أن الثانوية العامة مسألة حياة أو موت وأنها المستقبل لأبنائه رغم أنها ليست كذلك بل هي مجرد مرحلة للدخول إلي الجامعات التي سيتخرج فيها وفق الأسلوب الحالي للتعليم الجامعي ليزيد أعداد العاطلين أو الباحثين عن العمل فلا التعليم قبل الجامعي يعد طالبًا حقيقيًا قادرًا علي الإبداع والابتكار ولا التعليم الجامعي قادر علي تخريج من يصلح لسوق العمل إذن المنظومة بالكامل تحتاج إلي مراجعة. صحيح أن الجهود والنظام الجديد للتعليم في مصر سيحقق طفرة حقيقية في أسلوب التعليم والمستهدف منه الأمر الذي سيغير ثقافة المجتمع حول الثانوية وغيرها من مراحل التعليم لكن الأهم من كل ذلك أن نسعي جاهدين لتخريج من يصلح لسوق العمل وأن نجتهد لنعيد للتعليم الفني قيمته فالدول العظمي مثل ألمانيا واليابان يقوم المجتمع ونهضته علي التعليم الفني الذي يخرج منه حرفي علي مستوي علمي وتكنولوجي راق يضيف بأدائه لمجتمعه وللمهنة التي يمتهنها. إذن نحن من يصنع الشبح ويخاف منه فلو أننا فكرنا منذ عقود مضت عن كيفية تطوير التعليم ونفذناها ما وصلنا إلي مرحلة الثانوية التي نتعرض فيها لابتزاز من أولادنا.