أنقذت العناية الالهية عدداً كبيراً من المرضي المحتجزين والمترددين علي مستشفي الحسين الجامعي من الموت المحقق بعد الحريق الذي شب بثلاثة طوابق دفعة واحدة جراء ماس كهربائي بأسلاك مكيفات الهواء المتصلة بالأدوار الرابع والخامس والسادس. وأسفر الحريق عن وفاة مسن كان موضوعاً علي جهاز التنفس الصناعي. وإصابة أكثر من 11 حالة بالاختناق الشديد. تم إسعافهم ونقلهم إلي مستشفي "سيد جلال" و"المنتزه" و"أحمدماهر" والمستشفيات التابعة لجامعة الأزهر. كما تم توزيع جميع الحالات الحرجة بسيارات الإسعاف وأغلق المستشفي قسم الاستقبال والطوارئ بشكل مؤقت. تمكنت قوات الحماية المدينة من السيطرة علي ألسنة النيران في وقت قياسي بعد الدفع ب15 سيارة إطفاء و7 خزانات مياه. ومنعت وصول الحريق الضخم الذي بدأ بغرفة اجتماعات مدير المستشفي بالأطباء بالطابق الرابع وامتد للطابقين الخامس والسادس ونجحت في محاصرته وعدم وصوله للطابق السابع. وأسرعت في إجلاء المرضي وإنقاذهم من الاختناق. انتقل اللواء خالد عبدالعال مدير أمن القاهرة وعدد من القيادات واللواء علاء عبدالظاهر مدير الحماية المدنية بالقاهرة. ورجال المباحث إلي المستشفي وتابع عمليات السيطرة علي الحريق ونقل المرضي إلي الأدوار السفلي بعيداً عن مصدر النيران. وتوزيع المرضي والحالات الحرجة علي المستشفيات وأمر بفتح تحقيق موسع. والتأكد من وجود شبهة جنائية في الحادث من عدمه وكلف اللواء محمد منصور مدير المباحث بسرعة إجراء تحرياته حول الواقعة. انتقلت "المساء" إلي موقع الحادث حيث المبني الجديد داخل مستشفي الحسين الجامعي. ورصدت عدساتها. حالة من الفزع والهلع أصابت المرضي الذين هرعوا إلي أسفل المستشفي متزاحمين علي بعضهم البعض بساحته الخارجية يحملهم أهاليهم ممن كانوا برفقتهم. وبعض منهم يحملهم التمريض والأطباء علي كراسي متحركة. إلي داخل سيارت الإسعاف التي ملأت المكان. وامتزج صوت سرينتها العالية بأصوات البكاء والهلع الذي سيطر علي الجميع. وأصوات النداء علي المسعفين لسرعة إنقاذ الحالات الحرجة الموضوعة علي "الترولي" للتوجه إلي أقرب مستشفي. بالتحرك من ساحة الاستقبال الخارجية للمستشفي وصعود الطوابق "الأول والثاني والثالث" كان لا يزال بعض الحالات لمرضي مسنين في طريقهم للنزول بمساعدة الممرضي. وبدءاً من الطابق الرابع رصدت "المساء" مشهداً مفزعاً حيث التفحم الكامل ل"قسم الرمد" من عنابر المرضي وحجرة الكشف. وقسم الأشعة. وجراحات العيون. وفي الطابقين الخامس والسادس. ظهرت آثار الحريق بشكل مفجع في "ترولات" نقل المرضي وجميع أسرة "عنبر الجلدية" الذي أكلته النيران عن آخره ولم يتبق منه سوي الجسم المعدني للأسرة. "وسواد" يكسو الجدران والأسقف. ورائحة دخان ملأت جميع أركان المكان. وأسلاك كهرباء وكابلات ضخمة متناثرة وأغطية مكيفات هواء متطايرة علي الأرض. ومياه المطافئ تملأ الحجرات وأسرة المرضي وبعض الأحذية للكبار والأطفال مبعثرة هنا وهناك. بالاقتراب من أحد الممرضين يدعي "سامي.م.ل" يعمل بالمستشفي كان يلتقط أنفاسه علي سلم الطابق الخامس. قال إنه في حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً. وعقب انتهاء اجتماع عدد من الأطباء والمسئولين بالمستشفي بغرفة الاجتماعات بالطابق الرابع. سمع أصوات ماس كهربائي شديد أعقبه علي الفور انفجارات لأجهز التكييف بذات الطابق. وامتدت بشكل سريع لنفس الكابل الذي يصل بين الطابقين التاليين"الخامس والسادس" شعر بعدها بالاختناق وخرج المرضي من الغرف علي هذه الأصوات ورائحة الدخان وبدأ وباقي زملائه في عمليات إنقاذ المرضي ونقلهم بسرعة من المكان. بسؤال "عبدالرحمن.و.ط". عما حدث. قال إنه جاء لتوقيع الكشف وتحديد عملية جراحية بالأوعية الدموية. وانه علم بعد ظهور الدخان الكثيف وهو بالطابق السادس بوجود حريق كبير. وهرع مع المسعفين والمرضي لإنقاذ بعض منهم. ووجد مريضاً مسناً أصيب باختناق شديد يدعي صلاح عبدالهادي حاول نقله بعيداً عن مصدر الدخان والخروج به من سلم الطوارئ الخلفي ولكن لم يمهله القدر وتوفي في الحال. ونقلته الإسعاف إلي مشرحة مستشفي أحمد ماهر. بالاقتراب من سيدة عجوز تدعي "سنية.ع.س" التي تضع علي فمها جهاز التنفس لتحضيرها لجلسة أكسجين سريعة في إحدي غرف الطابق الثالث. قالت بقالي أسبوعين في المستشفي وبتعالج من حساسية علي الصدر.. وقد هدأت ابنتها المرافقة لها من روعتها وقامت بوضع جهاز الأكسجين علي فمها. وأضافت سمعنا فجأة أصواتا غير عادية وشعرنا برائحة دخان شديد واعتقدنا أنه حريق بسيط في وحدة رعاية الجهاز التنفسي حيث الطابق الخامس. ولكن وجودا عدداً من الممرضين يأتون سريعاً ويدخلون الغرف ويقومون بنقل المرضي. ويطالبونهم بالخروج بسرعة وبالفعل توجهنا جميعاً إلي السلم الخلفي وفي الطابق الثالث أخذت والدتي جلسة أكسجين سريعة لحين نقلها إلي مستشفي آخر. اجتمعت شهادات بعض العاملات في المستشفي والتمريض أنه بسبب التحضير لاجتماع الأطباء ومدير المستشفي في هذا اليوم. ظلت أجهزة التكييف تعمل دون راحة من الساعة الثامنة صباحاً وحتي قرب الثالثة ظهراً ورجحوا حدوث الماس الكهربائي واشتعال الحريق نتيجة لذلك.