بولندا جمهورية تطل علي بحر البلطيق. تحدها روسيا شرقاً وألمانيا غرباً. وجمهورية التشيك والسولوفاك جنوباً. وبها أقلية مسلمة أشبه بجزيرة إسلامية في محيط كاثوليكي. كان عدد المسلمين فيها قبل الحرب العالمية الثانية نحو "150" ألف نسمة وأما عددهم اليوم فيتراوح بين "20 - 25" ألف نسمة رغم زيادة عدد سكان بولندا. ولم يبق لهؤلاء من الإسلام إلا الاسم وبعض الشكليات: كصلاة الجنازة والدفن في المقبرة الإسلامية . ورغم الجهل الشديد بالإسلام بسبب ذهاب العلماء والوعاظ نتيجة البطش الروسي الذي انهار سنة 1989م. يبقي مسلمو بولندا معتزين بدينهم. متحسرين علي نسيان العالم الإسلامي لهم. تعرض المسلمون هناك للاضطهاد في القرنين السابع عشر والثامن عشر. ونص القانون علي تحريم تقلدهم للمناصب. وضيق عليهم سياسياً وثقافياً واجتماعياً. وأدي سوء الأوضاع إلي هجرة كثير منهم إلي الدولة العثمانية. عاش المسلمون عصراً ذهبياً وحرية كبيرة في الفترة بين الحربين العالميتين. وبعد أن شاركوا استقلال بولندا اعترفت الدولة "بالاتحاد الإسلامي البولندي" سنة 1925م. وصدرت مجلات إسلامية مثل "المسلم البولندي" سنة 1925واهتم المسلمون بتاريخهم وشهدت هذه السنوات نهضة ثقافية ملحوظة. ونشرت طبعات للقرآن وبعض الكتب. ثم انتهي ذلك كله بين عشية وضحاها حين دخلت القوات الروسية والألمانية بولندا سنة 1939م وقاوم البولنديون. ومعهم المسلمون بقيادة الزعيم الفذ" علي بليازيويتش " ومات عدد كبير منهم. ثم جاء " ستالين " ونفذ مجازر بشعة في حق المسلمين بتهمة التعاون مع ألمانيا - تماماً كما فعل مع مسلمي القرم- وكانت أشهر مجازره يوم عيد الفطر سنة 1944حين أحرق خمسة عشر مسجداً بمن فيها من المصلين. وأدت تلك المجازر والمذابح إلي تناقص عدد كبير من المسلمين بصورة رهيبة. وحتي بعد خروج الروس من بولندا لم يتغير وضع المسلمين فيها. لوجود الحكومة الشيوعية التابعة لموسكو والتي أذاقت المسلمين الويلات حيث لم يبق من 35 مسجداً سوي مسجدين. ودمرت المدارس والمؤسسات الاسلامية واكثر المسلمين في بولندا من أصل تتري وهم مشتتون بصورة كبيرة جغرافياً ومهنياً. ولهم مفتي يشرف علي شئونهم الدينية والثقافية. كما سمحت له الحكومة بتشكيل "المجلس الإسلامي البولندي " وهو كيان قانوني معترف به - وله حق بناء المساجد. وإنشاء المدارس - ومقره حسب الدستور بالعاصمة وارسو. ويتركز المسلمون في مدينتي "جدانسك" و"بياليستوك" . ويصدرون مجلة إسلامية بعنوان " الحياة الإسلامية " . ولا يزيد عدد المسلمين في وارسو علي 500 إلي 600 مسلم أغلبيتهم الساحقة من غير البولنديين. وجزء كبير منهم من الدارسين من الدول العربية والأفريقية. ويواجه المسلمون صعوبات في احياء طقوس رمضان بسبب العادات البولندية. ومنها أنه بعد العاشرة مساءَ لا يجوز عمل ضجيج يؤذي الجيران "باستثناء مساء السبت". الناس في بولندا ينامون من الساعة عشرة مساء ويستيقظون في الخامسة والنصف أو السادسة وكثير من محلات السوبر ماركت تفتح في السادسة صباحا ليستطيع من يشاء التسوق قبل الذهاب إلي العمل الذي يبدأ في الثامنة صباحا. ويمكن لتشغيل تسجيلات للقرآن بصوت عال أو بعض النداءات للسحور. أن تجلب لأصحابها المشاكل. ويجعل ذلك المسلمين في وارسو يحتفلون برمضان بما يشبه الصمت. وكان المسلمون لا يتفقون علي موعد محدد لبدء شهر رمضان ويلتزم معظمهم بتوقيت البلاد التي جاءوا منها بينما تلتزم اقلية منهم بتوقيت ألمانيا المجاورة. وتغير الوضع بعد أن أوفدت مصر إماما للمركز الإسلامي. واجتمع بممثلي كل الجاليات وأتفق معهم علي قرار توحيد بداية الصيام للمسلمين في بولندا مع أول دولة إسلامية تعلن ظهور الهلال. وتصادف أن كانت في ذلك العام الجزائر. ولأن بولندا تقع شمال أوروبا. فإن النهار قصير جدا في فصل الشتاء خصوصا في يناير ويكون طويلاً جدا في فصل الصيف خصوصا في أغسطس.