تابعت المناقشات الساخنة في مجلس النواب مع الدكتور طارق شوقي وزير التعليم حول مشروعه المثير للجدل لتطوير التعليم ولفت نظري أن الحوار بين الوزير والنواب تحول إلي حرب كلامية يحاول فيها كل طرف الانتصار لرأيه بدلا من أن يكون الهدف هو الوصول إلي رؤية تكاملية مشتركة. ولعله من المفيد هنا التأكيد بداية علي أن مشروعا بهذه الأهمية يحتاج إلي حوار مجتمعي واسع ومفتوح لكل الفئات ولا يصح تسفيه أو اتهام الآراء المخالفة التي تري الواقع من زوايا مغايرة قد لا يراها صاحب القرار ومن مصلحته أن يستمع لهذه الآراء ويبحثها بجدية حتي يتفادي أخطاء سابقيه ثم لا ننسي أن تطوير التعليم مشروع مجتمعي يؤثر ويتأثر بالجماهير ويتعلق بالأسر في المدن والقري وقد يرحل صاحب القرار عن منصبه لكن يبقي ما صنعه مؤثرا في الأجيال سلبا أو إيجابا ومن ثم فالمشاركة حق معلوم للناس جميعا في مثل هذا المشروع. في بداية الثمانينيات من القرن الماضي أرادت السيدة سوزان مبارك تدشين دورها الاجتماعي بمشروع إنساني يحمل عنوانا جذابا يقول: "كوب لبن لكل تلميذ" لكن المشكلة أن هذا المشروع لم يكن واقعيا بالمرة ولم يكن هناك من سبيل لتنفيذه وياليتها نادت ب "كرسي لكل تلميذ" فهناك تلاميذ في قري نائية يجلسون علي الأرض . ومعظم مدارس القري مازالت بمقاعد خشبية متهالكة ضررها أكثر من نفعها وبالطبع انتهت حملة كوب اللبن إلي لاشيء . وجاء من بعدها وزراء يعالجون القصور بشعارات مضللة مثل المدرسة المنتجة والمدرسة الذكية ليغطوا علي فشلهم. واليوم يدعو الوزير إلي "تابلت لكل تلميذ" وهي دعوة حضارية لا يرفضها إلا جاهل لكن المشكلة أن التابلت لن يجدي نفعا في بيئة مازالت تبحث عن كرسي في مدرسة محترمة. وربما يكون هذا هو المعني الذي أشارت إليه نقابة المعلمين حين كشفت عن عدم الجاهزية للنظام التعليمي الجديد لعدم وجود دراسات لوجستية جيدة وأبلغت لجنة التعليم بمجلس النواب بنقص في بعض المعلمين وتدريبهم وكذلك البنية التحتية وقد صاح أحد أعضاء اللجنة أثناء المناقشات "التابلت والكلام ده مش حينفع.. احنا كدة بنتلاعب ب 22مليون أسرة في مصر". الموضوع كبير . وفيه جوانب وزوايا مختلفة . ولو كنت من وزير التعليم لوجهت شكرا كبيرا للمؤيدين ثم وجهت الدعوة للمعترضين وأصحاب الرؤي المغايرة لحضور مؤتمر موسع يتم فيه تبادل وجهات النظر علي أسس علمية وواقعية حتي نصل إلي نقاط توافق تكون بداية صحيحة وواقعية للتطبيق علي مراحل فنتجنب أسباب فشل مشروعات التطوير الني تبناها وزراء سابقون. وما خاب من استشار.