ربع قرن مضي علي رحيل المفكر المصري العبقري جمال حمدان الذي توفي في 17 أبريل 1993 . ورغم ذلك مازالت ظروف وفاته غامضة ومثيرة للجدل حتي اليوم . ومازالت مؤلفاته الغزيرة تثير الدهشة بما تحمل من معلومات ورؤي وتنبؤات كأنه يكتبها للحظة الراهنة . وتعد موسوعة " شخصية مصر .. دراسة في عبقرية المكان أشهر مؤلفاته . إلا أن للراحل العديد من الكتب علي نفس المستوي من الأهمية أثري بها المكتبة العربية . فقدم مايقارب 39 كتابا و79 بحثا . منها دراسات في العالم العربي . أنماط من البيئات المدنية العربية . بترول العرب . بين أوروبا وآسيا . دراسة في النظائر الجغرافية . والاستراتيجية العالمية .. وغيرها. في "شخصية مصر" يقدم د. حمدان دراسة وافية عن مصر المكان والمكانة . التاريخ والجغرافيا . الماضي والحاضر والمستقبل . الأرض والشعب. العيوب الموروثة والطموحات الواعدة . وقد بدأ في كتابة هذا السفر البليغ بعد نكسة 1967 وأتمه عام 1980. وفي كتاب "استراتيجية الاستعمار والتحرر" تنبأ بتفكك الكتلة الشرقية وانهيار الاتحاد السوفيتي. كما توقع سعي الغرب إلي خلق صراع بين الحضارات وحشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي علي النحو الذي نراه اليوم. واشتعال الحروب الاستعمارية تحت ستار القضاء علي الإرهاب. وخاض د. حمدان معركة شرسة ضد المشروع الصهيوني وفند الأسس الواهية التي قام عليها من خلال كتابه "اليهود أنثروبولوجيا" الذي أكد فيه أن اليهود الحاليين ليسوا هم أحفاد بني اسرائيل وإنما ينتمون إلي امبراطورية الخزر التترية التي قامت بين بحر قزوين والبحر الأسود واعتنقت اليهودية في القرن 18. وفي مذكراته الخاصة يقول د. حمدان أن المسلمين أصبحوا عبئا علي الإسلام بعد أن كان الإسلام عونا للمسلمين وأن الجماعات المتشددة وباء دوري يصيب العالم الإسلامي في فترات الضعف السياسي. إذ يحدث التشنج لعجز الجسم عن المقاومة. ولد د. جمال حمدان بالقليوبية عام 1928 وتخرج في قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة وعين معيدا بالقسم عام 1948 . ثم استكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في انجلترا وعاد إلي جامعته حتي استقال منها عام 1963 بسبب تكتل الفساد ضده . وتفرغ للدراسة والتأليف . وقد عاش وحيدا بلا زوجة أو أولاد إلي أن توفي إثر حريق شب في مسكنه بالدقي . لكن تقرير مفتش الصحة بالجيزة آنذاك أكد أن الحروق التي أصابته ليست سبب وفاته . كما أنه لم يمت مختنقا بالغاز . وزاد من غموض الحادث أن الطباخ الذي كان يعمل عنده اختفي تماما. كما اختفت مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها . يضاف إلي ذلك أن إحدي جاراته أشارت إلي أن مستأجرين أجانب سكنوا في الشقة التي تعلوه لمدة شهرين ونصف الشهر ثم غادروها فجأة بعد الحادث. أما رئيس المخابرات الأسبق أمين هويدي فأكد أن لديه مايثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي اغتال حمدان.