"قسطي بيوجعني" فيلم ينطوي علي فكرة اجتماعية جيدة تمس فئات ليست قليلة من المجتمع وترتبط بثقافة التقسيط كنظام اقتصادي مريح وسائد وأصبح متجزراً في الثقافة الشعبية في الريف والحضر وأفرز ما يسمي "بالغارمات" ومن النساء اللاتي يتورطن في أقساط كبيرة ويعجزن عن السداد ويدخلن السجن. ولم يعد هذا النظام مرتبطاً بالفقراء أو بالعاديين من الناس وإنما استغله الأثرياء والتجار الكبار ورجال أعمال إلخ وذلك بعد أن أصبح كل شيء بالتقسيط وأصبح النظام نفسه يمكنه استغلاله. الطريف في هذا العمل الذي كتبه وأخرجه إيهاب لمعي أن الفكاهة لا تخلو من خيوط وجع مزمن حيث أصبح لناس تستسهل عملية الشراء بنظام التقسيط من دون أن تحسب تداعياته التي قد تصل بالزبون إلي السجن. هاني رمزي يؤدي شخصية محصل الأقساط اللحوح الطيب والمزعج الذي حول وظيفته هذه إلي "اشتباكات" ظريفة مع زبائن يفاجئهم ويطاردهم وقد حور هيئته ولغته المسموعة والمرئية من خلال تلوينه لحركة مشيته وكلامه وباروكة شعره لكي تناسب هذا الدور الكوميدي البعيد عن الهيافة من حيث الجوهر ولكن سيناريو الفيلم متشعب الخيوط وكان يحتاج إلي "تقفيل" أكثر إحكاماً يبرز الفكرة الأساسية التي تتناول العجز الإنساني في مواجهة ظروف الحياة اليومية. بدلاً من الانحراف في اتجاه حكايات لا تدعم الخط الاجتماعي الرئيسي. الهدف منها مجرد توفير فرصة للإفيهات إياها ولخيط رومانسي غير مقنع في قصة تجمع المحصل "أكمل أبوقسط" و"سوسن أم بوتاجاز" "مايا نصري" السيدة بنت البلد "الشلق" أو "الشرشوحة" التي لم تكن مقنعة فيه. مخرج الفيلم استخدم تفاصيل مدهشة وجديدة حول إمكانية وجود بعض المؤسسات الطبية التي تقوم بعمليات تجميل بالتقسيط ويربط ذلك بتجارة البغاء والنساء الضالعات في هذه المهنة وهن الأقوي في هذا النظام نظراً لدخلهن الكبير. وكذلك يضيف نماذج لرجال أعمال "حسن حسني" استفدن كثيراً من هذا النظام. وأطباء "معتز الدمرداش" يملكون صروحاً طبية لنشاطات سيئة السمعة في إشارة لبعض المظاهر التي طفت أخيراً وهناك حكاية فرعية أعتقد أنها تمثل "الذروة" في هذه الفكاهة المأساوية ناقصة النضج وأشير إلي حكاية العاشق الذي لا يظهر إلا من خلال "الشتات" الذي يبعث به علي تليفون محمول "ذكي" كان قد سطا عليه "المحصل" كسداد قسط. وهو الأمر الذي فتح له المجال لمتابعة قصة رومانسية دفعته في النهاية إلي محاولة لإنقاذ هذا العاشق المجهول الذي هدد بالانتحار في حالة عدم الرد. ثم حين ذهب لإنقاذه وجد أن هناك حالات عديدة لرجال يقفون أمام شط النيل ويستعدون للانتحار لأسباب أعلنوا عنها وكلها بدوافع الإفلاس والعجز عن مواجهة الحياة. وبرغم الفكرة الجيدة والجادة والأداء "الفكاهي" المقبول ليس فقط لهاني رمزي وإنما أيضاً لممثل شاب "مصطفي أبوسريع" إلي جانب حسن حسني ومعتز الدمرداش. إلا أن الفيلم لم يحقق العائد الذي يفي بأقساط المشاركين في هذا المشروع. ** هناك مشكلة أمام الإنتاج السينمائي المصري تستدعي وقفة ودراسة فكل الأعمال شاهدتها في دور عرض شبه خالية وهو أمر مؤسف في الواقع وإشارة إضافية إلي حالة إفلاس تهدد هذه الصناعة ما لم.....