لم أسعد بموقف مسئول عربي في زيارته لمصر بقدر سعادتي بالزيارة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي خلال الأيام الماضية ليس فقط لأنه جاء لإطلاق رسالة سياسية مهمة وهي "أن مصر والمملكة العربية السعودية يد واحدة" في السراء والضراء. ولا لمتابعته بما يجري داخل منطقة قناة السويس من أنفاق ومشروعات عملاقة ستحول مصر إلي مركز لوجيستي عالمي. ولا أيضًا للاطمئنان علي سير العمليات العسكرية في أرض الفيروز وكيف تمهد الأرض لتحقيق التنمية الشاملة لسيناء الغالية التي منها سيبدأ مشروع نيوم العملاق. ولكن لأن ولي العهد السعودي جاء ليؤكد أنه عازم علي الإصلاح ولديه أجندته الخاصة التي بدأت داخل الشقيقة السعودية وها هو يعلن للعالم قناعته الشخصية والدينية الوسطية. ولي العهد السعودي بزيارته للكاتدرائية المرقسية بالعباسية ولقائه للبابا تواضروس إنما يعلن أن هذا هو الإسلام الحقيقي الذي ينتمي له.. الإسلام الذي جاء بالسلام لكل الديانات والبشر دون استثناء.. الإسلام الذي حرَّم علي المسلمين دماء أهل الكتاب وأعراضهم وأموالهم.. بل وإنه من قرر أن من يقتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. ولعل تجربة الأمير الإصلاحي في المملكة تؤكد أن الدولة الشقيقة سيتغير مستقبلها شكلاً وموضوعًا إلي الأفضل الذي نتمناه جميعًا باعتبارها عمقًا استراتيجيًا لمصر ومصر عمقًا استراتيجيًا للسعودية. وهو ما قاله كبار المسئولين السعوديين في أكثر من مناسبة: "إذا لم تكن مصر هي عمقنا الاستراتيجي فمن ستكون". إذن فالزيارة جاءت لتقضي علي آمال حلفاء الشيطان في الداخل والخارج من محاولات لبث الفرقة بين البلدين فمصر والسعودية اسمان لبلد واحد ومصير مشترك وهما عماد الوطن العربي الذي بدونهما كانت العربدة الإيرانية زادت وتفاقمت.