من عشرات السنين.. والكلام يُثار ويتجدد والأماني تزداد وتتكرر حول تنمية سيناء.. وبعد حرب أكتوبر 73.. أعلن عن تنفيذ عدد من الأنفاق التي تربط الوادي بسيناء.. إلا أن هذه الإعلانات تمخضت عن إنشاء نفق واحد.. عند مدينة السويس.. وقيل كلام كثير حول تعميرها ونقل عدد من السكان إليها.. إلا أن كل هذا كان كلاماً في الهواء.. وكان الجميع يدركون أن مثلث سيناء هو الجزء المصري الذي يصل إفريقيا بآسيا.. وهي حلقة الوصل المباشرة بين مصر والشام.. وعلي هذا فإن سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر علي الإطلاق. والواقع أن سيناء ليست صندوقاً من الرمال كما توهم البعض.. إنما هي صندوق من الذهب استراتيجياً واقتصادياً منذ الفراعنة ومازالت الآثار باقية عن استغلالهم لمناجم الذهب والمعادن النفيسة. والأمر المؤكد والحقيقي أن سيناء تركت خلال عهد ثورة 23 يوليو 1952 مساحات للاعتداءات الإسرائيلية والتي استمرت حتي انتصار مصر في حرب 1973.. وبعدها.. وبعد انسحاب إسرائيل منها.. ظهرت دعوات لخلق مجتمعات جديدة وتعمير سكاني وبناء قري ومدن جديدة.. إلا أن كلها كانت وعود لم يتحقق منها إلا إنشاء بعض المجتمعات السياحية أما التعمير الحقيقي فقد نام بل أصيب بحالة جمود إلي أن جاء عبدالفتاح السيسي الذي بدأ برغبة أكيدة لتطوير سيناء وتنميتها وكان خبر بداية تطوير قناة السويس ونجح في ذلك بل وحقق مشاركة المصريين في هذا التطوير إذ تمكن المصريون وحدهم من تدبير وجمع كل الأموال اللازمة لهذا التطوير. ومنذ أيام أعلن الرئيس السيسي وقد أثبت جديته في تحقيق كل ما أعلنه من أعمال تطوير وإنشاءات خلال فترة رئاسته الأولي إنه قد دقت ساعة العمل لتطوير سيناء كلها من كافة الوجوه وعلي مدي السنوات الأربع القادمة وأن ذلك سيحتاج إلي عدة مليارات من الجنيهات وتطلع إلي مشاركة الشعب ورجال الأعمال في أعمال التطوير.. والحقيقة أن هذه المشاركة واجبة بل ملزمة خصوصاً لمن لديهم ملاءة مالية ومن الممكن أن تكون هناك برامج تمويلية مبسطة ومتعددة ولا تؤدي إلي أي إرهاق مالي بالنسبة لأفراد الشعب.. الناس لديها رغبة في المشاركة لأنهم تأكدوا من صدق وعود الرئيس. المهم.. أن الخبراء أكدوا منذ قديم الأزل أن سيناء هي خط الإنذار المبكر وخط الدفاع عن مصر والدلتا والوادي وعن التعمير قالوا إنه لديها إمكانيات رائعة للاستصلاح والتوسع الزراعي وهذه الإمكانيات تتركز علي طول الضفة الشرقية للقناة.. وفي الأودية وشمال سيناء حيث مياه الأمطار والمياه الجوفية.. ويقول الدكتور جمال حمدان العالم الجغرافي الكبير ان تطوير إمكانيات المياه لم تستثمر بعد الاستثمار الأمثل.. ولهذا كان تعمير سيناء هي خطوة ضرورية.. ولا يعقل أن تظل قناة السويس أحادية الضفة بل ينبغي أن يكون الاهتمام بالتعمير علي جانبي القناة وأن تمتزج المشروعات العمرانية بمشروعات الدفاع فتكون كل وحدة بشرية.. في نفس الوقت وحدة إنتاج ودفاع ولا يكفي أن يتوقف ارتباط سيناء بوادي النيل عبر القناة علي كوبري سكة حديد أو مع مجموعة معديات بل لابد من سلسلة الأنفاق التي سبق أن أعلن عنها ولم ينفذ منها إلا نفق واحد.. هذه الأنفاق تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية مثلما تنقل المياه. والواقع أن الرئيس السيسي وضع تفاصيل لتعمير سيناء وتطويرها علي مدي أربع سنوات ومن بين هذا التطوير إنشاء أنفاق.. ولهذا فإن تنمية سيناء أصبح هدفاً قومياً ويتمثل في تعزيز دمجها في النسيج القومي وإدخالها في مجال اهتمام المستثمرين.. لا يكفي طبعاً أن تكون سيناء التي تبلغ مساحتها 6% من مساحة مصر عبارة عن بعض المواقع السياحية المطلة علي البحر. ولكن واقعياً فإنه يجري وضع خريطة للاستثمارات المتكاملة كما ذكر الدكتور مصطفي مدبولي وزير الإسكان وذلك لدعم البعد الأمني والسياسي للحدود الشرقية وإعادة توزيع الخريطة السكانية بإيجاد قاعدة لجذب الاستثمارات والسكان عبر القطاعات الصناعية والزراعية والتعدينية والسياحية والجامعات وغيرها. وإذا أردنا أن نستعرض إمكانيات سيناء نجد أن مساحتها تبلغ 61 ألف كيلو متر مربع أي ثلاثة أمثال مساحة الدلتا.. وبها أراض خصبة تصلح فيها زراعة الخضراوات بالإضافة إلي إمكانية استصلاح مساحات كبيرة من الأراضي الصحراوية. ولكي تنجح الزراعة في سيناء.. كان علينا أن نكثف السكان هناك.. وأن نشجع الشباب وكل من يرغب في السكني فيها.. وهذا التشجيع يأتي بإتاحة الفرص دون تعقيدات روتينية سواء من وزارة الزراعة أو وزارة الإسكان.. نحن نعلم أن الأراضي كثيرة وفي حاجة إلي أيد عاملة.. ولكي نوفر ذلك علينا بناء قري نموذجية وتوفير إمكانيات حتي لو كانت بسيطة في باديء الأمر والأهم من كل ذلك عدم وضع العراقيل وفرض المصاعب والتعقيدات أمام كل من يريد السفر. المطلوب طبعاً وضع قواعد كلها تيسيرات وتقديم إغراءات لمن يرغب وطبيعي أن الزراعة تتطلب تربية ماشية وأغنام منتجة. بالإضافة إلي الزراعة.. وسيناء غنية بالمعادن مثل الذهب والفيروز وكذلك النحاس والمنجنيز والحديد والجبس والرمال السوداء والكاولين والفحم وقد أجريت أبحاث حول المخزون الأرضي وكان ذلك في الستينات من القرن الماضي ودلت الأبحاث علي توافر رصيد قدره مائة مليون طن.. وهذا رصيد مؤكد وكذلك تبين أن هناك مواقع محتملة لوجود مائة مليون طن أخري.. وبالتأكيد هناك معادن أخري من الممكن الكشف عنها لو أجريت دراسات أخري. إذن فإن سيناء غنية بالمواد الخام التي يمكن استغلالها في التصنيع وإنشاء المصانع والورش ولنا أن نتخيل حجم العمالة التي يمكن أن تستوعبها المصانع التي ستقام علي هذه المواد الخام. بصراحة.. نحن أمام مشروعات قومية ضخمة يمكن من خلالها نقل مصر إلي مستوي عالمي.. ومن الممكن أن يحقق الرخاء والثراء للبلاد وللشعب المصري. بصراحة نحن أمام كنز.. لو استطعنا أن نقتحمه سينقلنا وينقل الأجيال المقبلة إلي مستقبل آخر ويصل بنا إلي مصاف الدول الكبري. لقد وضع الدكتور جمال حمدان في كتابه عن سيناء شرحاً مفصلاً عن الزراعة.. والرعي سواء في غرب سيناء واستصلاح سهل الطينة وهناك تقديرات مليونية لإمكانيات التوسع.. وسيناء بسواحلها الثلاث وبحيرات الشمال ذات إمكانيات ضخمة في صيد الأسماك. أما المعادن التي امتلأت بها سيناء كأول مناجم مصر القديمة حتي قبل عهد الأسرات. الأمل كبير في الله وفي تحقيق كل أفكار التطوير والبناء.. إنها مشروعات المستقبل للأجيال القادمة.